«الكاشف» تؤدي مهام كبيرة عند الحركة أو التوقف ــ تصوير: موهان
محمد الخنجري متحدثاً عن فكرة السيارة الأمنية
البيان – دبي – مرفت عبدالحميد
في مبنى 3 لمطار دبي، رافقت «البيان» عناصر التفتيش الجمركي، للتعرف عن قرب إلى ابتكار سيارة «الكاشف»، تلك السيارة التي تجول بين المسافرين بصمت وأمان، لتلتقط بأجهزتها التكنولوجية الـ 16، كل محظور في أمتعتهم دون ضجة، بأسلوب حضاري يقظ قلّ نظيره في العالم، والقادرة على تحليل الأدوية في 4 دقائق فقط، بعدما كانت تحتاج 7 أيام في بعض الأحيان، والتي أثبتت التجربة مدى فعاليتها، حين تمكنت من ضبط 515 ضبطية محظورة، منها 330 ضبطية لمواد مخدرة.
تلك السيارة الذكية تحتوي أيضاً على لوّاح وكاميرا أمنية وشاشة عرض، وأجهزة لاسلكية، وطفاية حريق، وجهاز «آيباد» موصول بغرفة التشغيل، وآخر لفحص الوثائق والمستندات، وجهاز Ionscan، وصندوق خلفي للكلب الجمركي، ومكان لخوذة الرأس.
محمد أحمد سعيد الخنجري قائد فريق بإدارة عمليات المطارات بجمارك دبي، الذي طوّر سيارة «غولف» صغيرة، وجعلها قادرة على حماية المجتمع من الكثير من الشرور والنفوس المريضة، بعد أن زودها بـ 16 جهازاً إلكترونياً، قال: الفكرة تعتبر الأولى من نوعها على مستوى العالم والشرق الأوسط، وجاءت انطلاقاً من توجيه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، بأن الحكومة المبدعة هي حكومة متطورة تمضي للأمام، وتكسر الروتين، وتذهب للناس ولا تنتظر أن يأتوا إليها، ويجب أن تكون مبدعة وسريعة ولا تنام، وسموه قدوتنا في الإبداع والتميز.
الخنجري الذي يعمل منذ عشرة أعوام في إدارة عمليات المطارات بجمارك دبي، أوضح أن بيئة العمل وفريق القيادة العليا ودعم وتحفيز رؤساء العمل، أثمرت مناخاً آمناً لتشجيع الموظفين على الإبداع والتميز في العمل والخدمات، وهو ما دفع باتجاه قبول فكرته التي أصبحت «الكاشف» بعد أن أوردها ضمن نظام الاقتراحات الإلكترونية لحكومة دبي، مشيراً إلى أنه خضع للعديد من الدورات التدريبية.
فكرة إبداعية
وأضاف أنه خلال عمله في إحدى أهم واجهات الإمارة «مطار دبي الدولي»، أصبح لديه القدرة على تمييز المشتبه بهم من خلال لغة الجسد وبمجرد النظر، من هنا حرص على إيجاد فكرة إبداعية للتسهيل على المسافرين أثناء عملية التفتيش الجمركي، لاسيما تلك الحقائب التي تحوم الشكوك حولها بوجود مواد مخدرة أو مشعة أو متفجرات، حيث تُقدر قيمة كل جهاز لإجراء الفحص على كل مادة بـ 250 ألف درهم، أي أن الأمر يتطلب وجود 4 أجهزة منفصلة على الأقل للقيام بعملية التفتيش، والتأكد من عدم وجود أي مواد ممنوعة أو أدوية مقيدة، وعملية التفتيش في مثل هذه الحالات تتطلب جلب أكثر من جهاز، أو تحويل العينات إلى جهات أخرى، كمكتب الإدارة العامة لمكافحة المخدرات في شرطة دبي.
وقال: رغم أني لست مهندساً، إلا أنني رسمت الخطة التي ستكون عليها هيئة السيارة، وأقنعت الشركة المنفذة بها، فمن يرغب في الوصول إلى النجاح حتماً سيصل.
توفير الوقت
وبخصوص الأدوية، أوضح الخنجري أنه في السابق وعندما تضبط أي كميات من الأدوية يحملها المسافر، كانت تحول إلى وزارة الصحة لفحصها، وهذه العملية تأخذ أياماً عدة، ناهيك عن ضرورة الحصول على تصريح من مكتب الإدارة العامة لأمن المطارات لخروج ودخول الأجهزة، والمراسلات بين عدة جهات بخصوص الموافقة، وفي حال وجود شكوك حول الوثائق والمستندات الرسمية تحول إلى مكتب الإدارة العامة للإقامة وشؤون الأجانب للتأكد منها، وهذه العملية تأخذ وقتاً طويلاً، حيث إن التفتيش الجمركي في الحالات المشكوك فيها، يتطلب الإسراع قدر الإمكان دون تأخير المسافرين، خاصة المرضى وكبار السن، أما عملية فحص الأدوية فكانت تستغرق وقتاً طويلاً، وقد تصل في بعض الأحيان من 4 إلى 7 أيام، وعودة صاحبها مرة أخرى إلى المطار لاستلامها، فالبعض يحتاج إلى تناول الأدوية بانتظام، لذا جاءت «الكاشف» لتختصر الوقت، بحيث يتم الفحص في وقتٍ قصير جداً، لا يتجاوز 4 دقائق، وفي المكان نفسه، دون الحاجة إلى إرسال العينة المراد فحصها إلى أية جهة.
جوائز ووفود
سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر |
وكشف الخنجري عن الجوائز التي حصلت عليها فكرة «الكاشف» خلال عام 2024، منها جائزة الأفكار البريطانية، وبذلك تعتبر جمارك دبي أول جهة حكومية تحصل على مثل هذه الجائزة في العالم، بالإضافة إلى جائزة دبي للأداء الحكومي المتميز، كما أن العديد من الوفود جاءت للاطلاع على الفكرة وتنفيذها في بلدانهم، كان آخرهم الوفد الياباني الذي أعرب عن بالغ دهشته لهذا الاختراع المفيد، إلى جانب الوفد السعودي والقطري والعراقي.
وأفاد بأن من الضبطيات الأخيرة التي تمت في مطار دبي، أحد القادمين من الجنسية الإفريقية يحمل حقيبة بها ملابس بيضاء فقط، فأثار شكنا، وبعد فحص الملابس اتضح أنها مشبعة بالهيروين. وضبطية أخرى كانت لشخص من الجنسية الأميركية ويحمل حقيبة فيها مخدرات ومر مؤقتاً على أربع دول، كان آخرها دولة خليجية قبل أن يصل إلى دبي، في محاولة لتمويه أجهزتنا الأمنية، إلا أن «الكاشف» التي يتم تحديث أجهزتها باستمرار، وتزوديها بكل ما هو جديد في عالم المخدرات والتزوير، كانت بالمرصاد.
صديقة للبيئة
ويتميز مشروع «الكاشف» بأنه أول مشروع من نوعه على مستوى الدولة والعالم، كما أنه صديق للبيئة، كونها تعمل بالبطاريات، فلا يصدر عنها أي ضجيج أو غازات ملوثة للهواء.
وذكر الخنجري أن المشروع يقدم للعملاء والشركاء الاستراتيجيين لجمارك دبي سرعة فحص الحقيبة المشتبه بها في منطقة الأجهزة الداخلية دون تأخير وصول الحقيبة للمسافر، بالإضافة إلى سرعة الفحص المبدئي للوثائق دون الحاجة إلى تحويل المتعامل إلى مكتب الإقامة وشؤون الأجانب، والسرعة والسهولة في التنقل في حال طلب الشركاء الاستراتيجيون مكاتب: (مكافحة المخدرات، وشرطة المطار، والإدارة العامة للإقامة وشؤون الأجانب، وطيران الإمارات) فحص أية عينة مشتبه بها.
وأضاف أن جمارك دبي جنت من مشروع «الكاشف» رفع مستوى الضبطيات الجمركية والجنائية بجميع أنواعها، والاستغلال الأمثل للموارد المتاحة على أكمل وجه، وتقليص عدد أجهزة الـــ (ionscan005DT)، الأمر الذي وفر ما يقدر بـ 100 ألف درهم، بالإضافة إلى مساعدة الكلب الجمركي ومعدات الدعم الفني الأخرى في الكشف عن المخدرات للوصول إلى الهدف دون صعوبة.
«الكاشف» الفارهة
يشهد العام الجاري2020م، إطلاق الكاشف بالشكل الجديد الذي يضاهي فخامة سيارات الدوريات الفارهة في شرطة دبي، بهدف إضفاء نوع من الفخامة الذي يتناسب مع التطور الحضاري لإمارة دبي، ومواكبة المستوى الحضاري الذي وصلت إليه الإمارات بشكل عام، وضمن استعدادات الدولة لإكسبو 2024، باعتبار أن المطار واجهة للقادمين إلى إمارة دبي خاصة، وللإمارات عامة.
وستحمل الكاشف أجهزة مماثلة بحجم أصغر، يتناسب مع الشكل الجديد والتصميم الفخم، وفي هذا الإطار تشدد جمارك دبي، على السعي دائماً لابتكار كل جديد بما يناسب قيمة الإمارات والسمعة العالمية التي وصلت إليها دبي.