راشد بعد خروجه من السجن بسنوات عدة اصدر كتاباً على نفقته الخاصة يروي فيه تجربته مع السرقة والتوبة، ويقدم فيه نصائح لساكني العقارات لحمايتهم من السرقة ودوَّن رقم هاتفه لعل وسائل الاعلام تعيره الانتباه لكي يقص لأكبر عدد من الناس حكايته، أملاً في أن يكون سبباً في توبة اللصوص، وذلك حسب ما ذكر في صحيفة «الاتحاد» الاماراتية اول من امس. ولايزال اللص التائب يتجول في الشوارع واشارات المرور ليوزع كتابه رغم مرور سنوات على توبته حتى أصبح بالنسبة للكثيرين في الشارع وجهاً مألوفاً بفضل البرامج التلفزيونية العديدة التي ظهر فيها منذ خروجه من السجن.
وقال راشد «من مواليد 1962 في قرية العوامية مركز ساقلته في سوهاج بصعيد مصر يقول «نشأت في أسرة تحت خط الفقر مكونة من والدي ووالدتي وستة أشقاء بينهم ثلاث بنات، لم أكمل تعليمي بعد المرحلة الرابعة في مدرسة المعلمين بسبب ظروفنا الصعبة، وبدأت معاناتنا بعد أن تركنا والدي ورحل للاقامة في القاهرة وتزوج بأخرى بعد أن تحسنت ظروفه المادية، حيث كان يعمل في مجال الاستيراد والتصدير، ولكنه كان مسرفاً وبدد أمواله على الملاهي الليلية»، مضيفا «بعد رحيل الوالد عن البيت، بدأت أبحث عن أي مصدر للحصول على المال لأسد جوعي وجوع أسرتي وكنت وقتها في الصف الأول الاعدادي، وذات يوم طرقت باب أحد جيراننا مرات عدة لكن لم يجبني أحد، فدخلت البيت ووجدت مجموعة من الدواجن في ساحته فسرقت 10 دجاجات وبعتها في سوق القرية ومرَّت السرقة بسلام، لكنها فتحت شهيتي للاستمرار في هذا النشاط».
بداية احترافه السرقة، قال «ذات يوم شاهدت في التلفزيون فيلماً أميركياً بعنوان (لعبة الموت) بطولة بد سبنسر وتشارلز برونسون، ولعب فيه سبنسر دور لص محترف يتفنن في سرقة منازل الأثرياء، واستهوتني قصة الفيلم وقررت أن أتقمص شخصية البطل، وأسرق الشقق الفخمة في الأحياء الراقية بالقاهرة مثل الزمالك والدقي والعجوزة؛ لأنني كنت أعلم أن مثل هذه الأماكن لا يقطنها سوى الأغنياء، وكنت أحضر من الصعيد الى القاهرة أثناء فترة الدراسة والاجازة الصيفية، وأسرق بعض الشقق وأعود مرة أخرى الى مسقط رأسي وكانت الزيارة لا تزيد على يوم أو يومين»، متحدثا عن أول شقة سرقها، مشيرا الى أن صاحبها كان أخرس، وقرر سرقة شقة في الدقي وطرق الباب لأكثر من مرة ولم يرد أحد، فاعتقد أن الشقة خالية فكسر الباب ودخل وفوجئ بشخص ضخم البنية يشبه أبطال المصارعة وأخذ في الصياح والصراخ محاولاً الامساك به، فأسرع الى خارج الشقة خوفاً من أن يفتك به».
وعن اطرف المواقف التي صادفته في احدي السرقات قال: «صعدت الى شقة في أحد الأبراج الشاهقة في حي الزمالك وكسرت الباب ودخلت وأغلقت الباب خلفي وأخذت أبحث عن أموال أو مجوهرات، ولكن فوجئت بجرس الباب يدق فأحسست برهبة وشعرت بأنني وقعت في المصيدة وأسرعت الى الحمام محاولاً الهرب عبر النافذة من خلال مواسير الصرف الصحي، الا أنني وجدت النافذة مغلقة بأسياخ حديدية والأمر نفسه في المطبخ، ولم يكن أمامي سوى النظر من العين السحرية لباب الشقة ورأيت شخصاً رجحت أنه محصل الكهرباء. وقبل أن أفتح الباب تظاهرت بأنني صاحب الشقة وأن زوجتي بالداخل وقلت بصوت عال حتى يسمعني هذا الشخص من وراء الباب (مش قولتلك تعملي ملوخية بالأرانب النهاردة هو كل يوم محشي)، وفتحت الباب فوجدت الشخص وقلت له في عصبية (عايز ايه؟)، فقال لي: «أنا محصل الكهرباء يا بيه»، فأخذت منه الايصال ودفعت له القيمة المطلوبة وقدرها 68 جنيهاً، والطريف أنني لم أعثر على أي شيء يستحق السرقة في الشقة وخرجت من المولد بلا حمص بعد أن دفعت من جيبي 68 جنيهاً وتركت الايصال بالداخل».
واستطاع راشد تكوين ثروة طائلة من السرقة تقدر بملايين الجنيهات خلال سنوات قليلة، فاشترى شقة ووضع أمواله في بنكين أحدهما أجنبي يضع فيه العملات الأجنبية والآخر مصري، أما المصوغات والمجوهرات فقد كان يبيعها الى التجار في الصعيد بعد أن يدعي أنه ابن عمدة كبير في البلد. وتجاوز نشاط راشد في السرقة الحدود المحلية، حيث سافر الى دول عربية عدة منها الأردن وقطر والسعودية التي كان يسافر اليها تحت ستار أداء العمرة وتم القبض عليه وترحيله الى مصر.
سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر |
وعن بداية رحلة التوبة، قال «جاءني هاتف في المنام يقول هنرجعك للدنيا وهنشوفك تعمل ايه، وعندما استيقظت من النوم سمعت أذان الفجر، وأديت الصلاة وقررت التوبة والتوقف عن السرقة بعد خروجي من السجن، وبعد أسابيع من الافراج عني، استضافتني الاعلامية نجوى ابراهيم ورويت تجربتي في السجن وطلبت منها التوسط لمقابلة وزير الداخلية آنذاك عبدالحليم موسى بعد أن أخبرتها عن رغبتي في التنازل عن الأموال التي سرقتها»، متابعا «استقبلني الوزير في مكتبه بحفاوة وترحاب وأثنى على توبتي والتنازل عن حصيلة سرقاتي التي تقدر بخمسة ملايين جنيه، بالاضافة الى عمارة وسيارة وسوبرماركت وكافأني برحلة حج الى الأراضي المقدسة وتخصيص كشك لي على نفقة الوزارة». مضيفا «لست مجرماً ولكن المجرم الحقيقي والمسؤول الأول عما ارتكبته هو والدي، لأنه لم يتحمل المسؤولية تجاه أولاده وأهملنا وتركنا نعاني الجوع والحاجة ا».
وعن نصيحته لحماية الشقق من السرقة، قال راشد «يجب عدم ترك قفل على باب الشقة لأنه يعطي ايحاء بعدم وجود أحد بالداخل، كما يجب ترك لمبة مضاءة وادارة راديو على أي محطة لأن الاضاءة والصوت يعطيان أيضاً ايحاء بوجود سكان داخل الشقة، كما يفضل أن يكون باب الشقة من الحديد وليس الخشب».