أكمل دراسته وارتقى بوظيفته في شرطة دبي
البستكي يقهر الظلام بالبصيرة
عبدالرحمن البستكي.. نموذج استثنائي للطاقة الإيجابية ـــ تصوير: محمد الزرعوني
البيان – دبي – مرفت عبدالحميد
ليس معاقاً من ظل يسمو بذاته، إنما المعاق من يحجب تفكيره الإيجابي ويبقى أسير قناعاته المتوقفة وطموحه المحدود، فقد يحقق ذوو الإعاقة إنجازات تفوق ما يصنعه نظراؤهم الأسوياء، وكثيرة هي القصص والحكايات عن أشخاص ينتمون إلى هذه الفئة من المبدعين والفنانين والمتميزين في حقول عدة، تعترض بعضهم معوقات وتحديات، وفي الظل أناس يأخذون بأيديهم، ويقدمون لهم حوافز تشجيعية، ليواصلوا درب الطموح والإنجاز.
رسالة البستكي
عبدالرحمن أحمد البستكي الذي يعمل في وظيفة تنفيذي أول مدني في القيادة العامة لشرطة دبي، يعد نموذجاً آخر لأصحاب الإبداعات والمبادرات، وقد تغلّب على صعوبة إعاقته البصرية، رافضاً أن يطفئ النور ويختبئ في زاوية غرفته، أو تحت سريره، بل واجه العالم بكل قوة وثبات، ليؤكد حقه في التعلم والتفوق، والتصدي لمتطلبات الحياة، سعياً إلى تحقيق المراكز الأولى في مجالات مختلفة، رغبة منه في أن يوصل للعالم رسالة مغزاها أنه «ناجح رغم أنف إعاقته».
قبل سن الحادية عشرة، أصيب البستكي بالتهابات في عينيه، وأخذ بصره يضعف تدريجياً، ورغم جهود عائلته التي طرقت كل أبواب الطب داخل الدولة وخارجها، إلا أن مشيئة الله سبقت كل شيء.
لم يستسلم بل واجه مشكلته، وحزم أمره، وأصر على الانتصار مواصلاً كفاحه في حياة مستجدة عليه نسبياً، فشق طريقاً نحو النجاح، وقرر استئناف دراسته حتى المرحلة الثانوية، ولكن في الفترة المسائية، ثم تزوج وأنجب خمسة من الأبناء أكبرهم نورة ذات الاثني عشر عاماً، ثم عبدالله وأحمد وسيف وسلطان.
البداية المؤلمة
سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر عبدالرحمن البستكي لخص رحلة معاناته وتحديه للإعاقة البصرية بقوله: في البداية كان تقبلي لأمر الإعاقة أمراً صعباً، إذ لا بد من تغيير حساباتي في الحياة بعد أن تبدلت أحلامي وأهدافي بالكامل، غير أنني تمسكت بالبصيرة، واستوعبت إصابتي بـ «العمى» نظرياً، فأطلقتُ طاقاتي الأخرى الكامنة، لأعيش على الأقل حياة طبيعية من تصوري الآخر، وأسير خطوات متقدمة نحو الإبداع والإنتاج الوفير.
التحق البستكي بالعمل في شرطة دبي منذ 16 عاماً، فعمل في البداية موظفاً في البدالة مدة أربع سنوات، التحق خلالها بجامعة الشارقة وحصل على بكالوريوس إدارة الأعمال عام 2024، لينتقل بعدها إلى وظيفته الحالية في قسم رصد وتحليل المعلومات.
دعم الشرطة
مقابل هذا الواقع المحفز في العمل والتعليم، لا ينكر عبدالرحمن البستكي تأثير دعم المسؤولين في القيادة العامة لشرطة دبي على نجاحاته التي تحققت تباعاً، بعد أن سهّلوا له طريق النجاح وشجعوه على المضي قدماً، بتفريغه من التزامات الوظيفة طوال سنوات الدراسة الجامعية، والدفع باتجاه تنمية مهاراته وزيادة كفاءاته وتعظيم طموحه المستقبلي، كما زودوه بالحاسب الآلي، والبرنامج الإلكتروني الناطق، ليتمكن من إنجاز عمله بكل سهولة ويسر، وهو ما أفضى إلى مزيد من الثقة والنجاح والتميز في مشوار حياة البستكي.
مدير ورياضي
شغل عبدالرحمن البستكي منصب عضو مجلس إدارة جمعية الإمارات للمعاقين بصرياً، وأصبح مديراً لها منذ عامين، وللجمعية بالغ الأثر في دفعه ومنحه الرغبة في مواصلة مسيرة النجاح والتغلب على العقبات، حتى حصد العديد من الجوائز وشهادات التقدير والتميز، أثمنها جائزة دبي للأداء الحكومي المتميز عن فئة الجندي المجهول، كما يمارس كرة الهدف للمكفوفين «كرة الجرس»، وشارك فيها مع المنتخب الوطني في محافل عدة، الذي نال المركز الثاني على مستوى غرب آسيا، والثالث على مستوى منطقة الخليج العربي.
