صياد كفيف يحرس مهنة الأجداد

حسن الحسيني يتأكد من سلامة أدوات الصيد بما يتفق مع المعايير البيئية. الإمارات اليوم
المصدر: سليمان الماحي – رأس الخيمة الامارات اليوم
لم يحُل فقدان البصر بين المواطن حسن بن علي الحسيني (60 عاماً)، وممارسته مهنة الصيد التي أحبها، واعتبرها «جزءاً أصيلاً من التراث المحلي، ينبغي التمسك به». وفي صبيحة كل يوم يستقل قاربه برفقة فريق من المساعدين الذين يتحركون بتوجيهات مباشرة منه، يجوب البحر ويقطع أميالاً عدة، بحثاً عن أماكن يتجمع فيها صيد وفير يعلمها جيداً ويقود فريقه إليها مستعيناً ببصيرته وحواسه المدربة التي تعمل بطاقة استثنائية.
ويسكن الحسيني في مدينة الرمس التابعة لإمارة رأس الخيمة، وكان مبصراً حين أنجبته والدته، ونشأ في جيل عانى من الأوضاع المعيشية قبل الطفرة النفطية، وغادر الإمارات وتنقّل بين الكويت والسعودية وقطر، بحثاً عن عمل يدر عليه دخلاً، وعندما عاد إلى الرمس فوجئ بمرض يصيب العيون، ويحرمها الإبصار، منتشراً بشكل وبائي، فنال منه، وفي حـين نجا القليل، فقد الحسيني بصره تماماً.
وعن تلك الفترة، يقول الحسيني: «لقد كان مرضاً وبائياً مرعباً، لم تعرف المنطقة له مثيلاً، ولم يكن له علاج، ولم ينجلِ عن المنطقة قبل أن يخلّف وراءه العديد من الناس كباراً وصغاراً يمشون على غير هدى، أو بمساعدة الآخرين».
سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر |
وتابع «لكني رضيت به باعتباره ابتلاءً من الله، وسرعان ما تكيّفت مع وضعي الجديد بفضل والدي، الذي حرص بإصرار على تأهيلي نفسياً وبدنياً، فغرس في نفسي الصبر وعدم الاستسلام للمرض، وحفّزني على ممارسة حرفة الصيد، لكونها المهنة التي تدرأ عن المرء الحاجة إلى مساعدة الآخرين، وكان يصطحبني في رحلات البحر ويسند إليّ تجهيز المعدات ورمـي الشباك في البحـر وسحبها ثم إفراغها من الأسماك».
وأضاف الحسيني «منذ ذلك الحين لم أبتعد مطلقاً عن البحر، ففي كل صباح أغادر منزلي متجهاً إلى الميناء الذي يرسو فيه القارب، متأبطاً عصا تعينني على تحسّس الدرب، وأكون حذراً للغاية، خصوصاً حين أهم بعبور الطريق المجاور لمنزلي، إذ تنشط حركة السيارات والدراجات النارية والهوائية، وأحياناً الحيوانات السائبة، وما أن أصل إلى المرسى أصعد مع عمالي إلى متن الطرّاد لنبدأ رحلة الصيد».
وأول ما يفعله الحسيني حين يعتلي الطرّاد، تنفيذ واجباته قائداً له، إذ ينبغي توفير عناصر السلامة لمرافقيه، والتأكد من سلامة أدوات الصيد، بما يتفق مع المعايير البيئية، التي تلزم بالحفاظ على صغار الأسماك، معتمداً في كل ذلك على حاستي السمع واللمس.
ويؤكد الحسيني أنه يولي مسألة عدم الإضرار بالثروة السمكية والحفاظ على نظافة البحر أهمية خاصة، لذا فهو يغضب لأمرين: صيد الأسماك الصغيرة، ورمي الأكياس البلاستيكية في البحر، وقد اعتاد على تحسّس الشباك المعدنية «الألياخ» بيديه للتأكد من أنها من نوعية لا تسمح بدخول الأسماك الصغيرة.
وللحسيني أسرة تتألف من زوجتين و14 من الأبناء والبنات، ومع ذلك فهو لا يقبل بترك مهنة الصيد، التي يؤكد أنها «تنزل من نفسه منزلة الواجب الوطني».
ويقول «إذا كان جيل الشباب منشغلاً اليوم بالوظائف، فإن الواجب الوطني يحتّم على من هم في مثل عمري عدم التخلي عن مهنة الصيد التي ورثناها عن الأجداد».

كل شي راااح الحين …
و الله الحسيني أثر فيني و قصة الوبااء في زمنه..
و الله أنهم رجااال قبل …
الغزالة

