الدعاء

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه .
وبعد :
فدعاء الله عز وجل من أعظم القُربات , وأجل العبادات .
قال تعالى : (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ) . وقال تعالى :
(وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ) .
وقال النبي صلى الله عليه وسلم : (إن الله حيي كريم يستحيي إذا رفع الرجل إليه يديه أن يردهما صفرا خائبتين ) .
فإذا كان الدعاء بهذه المنزلة العظيمة , لماذا نغفل عنه أو نتغافل عنه ، وقد جاء في الحديث الصحيح وعيد لمن ترك الدعاء , قال صلى الله عليه وسلم : (من لم يسأل الله غضب الله عليه) .
ثمَّ إن كثيرا منا يقول : أنا أدعو الله تعالى ولكن لا يستجاب لي .
وما علموا أنَّ للدعاء آداب ينبغي تعلمها و الحرص عليها ,وهي كالتالي باختصار :

أولا : الجزم فيه واليقين على الله بالإجابة , قال صلى الله عليه وسلم : (ادْعُوا اللَّهَ وَأَنْتُمْ مُوقِنُونَ بِالْإِجَابَةِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَجِيبُ دُعَاءً مِنْ قَلْبٍ غَافِلٍ لَاهٍ ) .
ثانيا : الإلحاح فيه , فعن أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : ( لَا يَزَالُ يُسْتَجَابُ لِلْعَبْدِ مَا لَمْ يَدْعُ بِإِثْمٍ أَوْ قَطِيعَةِ رَحِمٍ مَا لَمْ يَسْتَعْجِلْ قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا الِاسْتِعْجَالُ قَالَ يَقُولُ قَدْ دَعَوْتُ وَقَدْ دَعَوْتُ فَلَمْ أَرَ يَسْتَجِيبُ لِي فَيَسْتَحْسِرُ عِنْدَ ذَلِكَ وَيَدَعُ الدُّعَاءَ ) .
ثالثا : دعاء الله في كل الأحوال, لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَسْتَجِيبَ اللَّهُ لَهُ عِنْدَ الشَّدَائِدِ وَالْكَرْبِ فَلْيُكْثِرْ الدُّعَاءَ فِي الرَّخَاءِ) .
رابعا : أن يسأل الله تعالى بأسمائه الحسنى , لقوله تعالى : ( وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا ).
خامسا : الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم , جاء في الحديث الصحيح : ( كل دعاء محجوب حتى يصلى على النبي صلى الله عليه وسلم ) .
سادسا ً , وسابعا ً : رفع اليدين , واستقبال القبلة , لثبوت ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم .
ثامنا ً : تحري أوقات الإجابة .
فمنها على سبيل المثال لا الحصر:
1_ جوف الليل .
2_ بين الأذان والإقامة .
3_ آخر ساعة من ساعات العصر يوم الجمعة .

4_ عند نزول المطر .
5_ الدعاء في السجود .
إلى غير ذلك .

وهنا بشرى أزفها للمكثرين للدعاء , وأقول لهم تأملوا معي هذا الحديث العظيم الصحيح :

فعن أَبِي سَعِيدٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ( مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَدْعُو بِدَعْوَةٍ لَيْسَ فِيهَا إِثْمٌ وَلَا قَطِيعَةُ رَحِمٍ إِلَّا أَعْطَاهُ اللَّهُ بِهَا إِحْدَى ثَلَاثٍ إِمَّا أَنْ تُعَجَّلَ لَهُ دَعْوَتُهُ وَإِمَّا أَنْ يَدَّخِرَهَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ وَإِمَّا أَنْ يَصْرِفَ عَنْهُ مِنْ السُّوءِ مِثْلَهَا قَالُوا إِذًا نُكْثِرُ قَالَ اللَّهُ أَكْثَرُ ) .
فإنَّ الداعي إذا دعا الله يتحصل له فضيلة من ثلاث :
إما أن يستجاب له , وإما أن يُدخر له الأجر الوفير في الآخرة , وأما أن يُصرف عنه السوء .
فاللهم لك الحمد حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه .