تخطى إلى المحتوى
الرئيسية » العلماء بين خشية الله وتبعية الحكام

العلماء بين خشية الله وتبعية الحكام 2024.

سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر

بسم الله الرحمن الرحيم

العلماء بين خشية الله وتبعية الحكام

بقلم : عاهد ناصرالدين

من الناس من يحاول أن يفسر الإسلام ويدعو إليه من خلال نفسية مهزومة تابعة ذليلة ، حتى أصبح مفهوم التجديد مرادف لمصطلحات التبديل والتحريف والعصرنة والحداثة ، وهنا المعضلة عندما يكون التجديد ردة فعل لما وصل إليه الغرب من التقدم مقارنة لما نحن فيه من التخلف .

وليس من الغريب في ظل الحرب التي يقودها الغرب عن طريق الحكام وأدواتهم أن نسمع ونقرأ الفتاوى المعتدلة والغريبة والتي تتوافق مع المصالح الغربية من علماء السلاطين الذين أخضعوا الدين للتحريف والتبديل والتغيير ، لإبعاد المسلمين عن مشروعهم الحقيقي ،وإبقاء الأمة تابعة ذليلة ، ونهبا لكل طامع ومرتعا لكل فاسد .

إن المشروع الحقيقي يكمن في جمع طاقات الأمة ووعيها الصحيح على إسلامها وفهمها الدقيق لأحكام شرعها وإعادة ثقتها بدينها ، لتعمل على إعادة الحكم بما أنزل الله .

والعلماء ورثة الأنبياء هم أكثر الناس قدرة على قيادة هذا المشروع الكبير؛فهم قادة الأمة وهداتها إلى طريق الأمن والأمان كلما كثرت الفتن واشتدت الأزمات ، وهم أمل الأمة الإسلامية في عودتها إلى سابق عهدها من العزة والمنعة والرفعة، واستعادة هويتها بعد أن عمل المستعمرون على تغييرها ومحو أصالتها وتمييع شبابها بخطى حثيثة .

ولكن لا تعجب أن يتحول دور العالم من البناء إلى الهدم ؛ فترى في زماننا هذا قادة الحرب على الإسلام ومعاول هدمه وتخريب عقيدته ونظمه وحضارته ،وتمييع أحكامه ، من العلماء أو المفكرين ،ولاتعجب ، أن يكون فيه العلماء تبعاً للحكام يقعدون لهم الفتوى بما يشتهون وإن كان مخالفاً للإسلام، ويشترون آخرتهم بعرض من الدنيا زائل تزلفاً للحاكم .

لا عجب وقد ورد عن النبي- صلى الله عليه وسلم ( إن أخوف ما أخاف على أمتي كل منافق عليم اللسان ) رواه مسلم .

السعيد من يبحث عن أسباب النجاة في الدنيا والآخرة؛ ولذا بدأ رسول الله عليه الصلاة والسلام إجابته بالإشارة إلى أخطر الجوارح وهو اللسان الذي ينبغي ألا يستعمل إلا في الخير كما أشار في قوله (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت).

إلا أن كثيرا من الناس بل من العلماء يتخذ من هذا الحديث ذريعة للعزلة وعدم الحديث ، والإبتعاد عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر حتى يصل به الأمر فيقول "لا أرى ،لا أسمع،لا أفكر،لا أتكلم" .

مع أنه يرى ويسمع ويفكر وينطق !!! ويعاني من الظلم الواقع عليه ؛ يتجرعه في كل يوم ، وفي كل مكان !!!

أصبحنا في زمن نشهد فيه انحطاطا لم يُشهد له مثيل بعد أن غاضت أحكام الإسلام من الأرض

إلى أن وصل هذا الإنحطاط إلى الفتاوى التي تأمر بالمنكر وتنهى عن الواجب وتحل ما حرم الله وتحرم ما أحل الله .

إن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من أعظم الواجبات، وأكبر المهمات، وقد دل على وجوبه الكتاب والسنة .

وقد دلت النصوص على الأمر به، وجعله من الصفات اللازمة للمؤمنين، وهو سبب في خيرية الأمة ، وأن تركه يؤدي لوقوع اللعن والإبعاد ونزول الهلاك وضعف الإيمان عمن قعد عنه حتى بالقلب. يقول تعالى{وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ }آل عمران104 .

ويقول عليه الصلاة والسلام (من رأى منكم منكراً فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان ) رواه مسلم. ‏

أصبحنا نرى من العلماء من يخشون الحكام أكثر من خشيتهم لله ،مع أنهم يدركون ويعلِّمون الناس أن الخشية من الله وحده، وأن الأجل محدود والرزق تكفل الله به{أَلاَ تُقَاتِلُونَ قَوْماً نَّكَثُواْ أَيْمَانَهُمْ وَهَمُّواْ بِإِخْرَاجِ الرَّسُولِ وَهُم بَدَؤُوكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ أَتَخْشَوْنَهُمْ فَاللّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَوْهُ إِن كُنتُم مُّؤُمِنِينَ }التوبة13}،{أَيْنَمَا تَكُونُواْ يُدْرِككُّمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنتُمْ فِي بُرُوجٍ مُّشَيَّدَةٍ وَإِن تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُواْ هَـذِهِ مِنْ عِندِ اللّهِ وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُواْ هَـذِهِ مِنْ عِندِكَ قُلْ كُلًّ مِّنْ عِندِ اللّهِ فَمَا لِهَـؤُلاء الْقَوْمِ لاَ يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثاً }النساء78 ،{وَفِي السَّمَاء رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ }الذاريات22.

إن الواجب على العلماء أن يخلعوا ثوب العزلة والتبعية والجبن واليأس ، ولا بد من أن يعملوا على التغيير الجذري، وحمل الدعوة الإسلامية ، وإعادة الخلافة مع العاملين الذين يتقون الله – عز وجل – وقد قال تعالى : {وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً }الكهف .

إن من واجب العلماء أن لا ينطقوا إلا الحق مستشعرين مراقبة الله- عزوجل- {مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ }، وأن لا يخشوا إلا الله – عزوجل {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ }فاطر28

قال ابن كثير:"أي إنما يخشاه حق خشيته العلماء العارفون به، لأنه كلما كانت المعرفة للعظيم القدير العليم الموصوف بصفات الكمال، المنعوت بالأسماء الحسنى، كانت المعرفة به أتم والعلم به أكمل، وكانت الخشية له أعظم وأكثر".

أمام هذا الوضع الأليم الذي تعيشه الأمة الإسلامية ؛فإن الدور الحقيقي للعلماء يكون بإنقاذ هذه الأمة ، وإخراجها من هذه المآزق التي تمر بها، وإصلاحها وصيانتها وحفظها، وتوجيهها نحو النصر على أعدائها.

لكن مما يؤسف له أن تجد منهم على أبواب السلطان , وقال النبي صلى الله عليه وسلم(سيكون بعدي أمراء، فمن دخل عليهم فصدّقهم بكذبهم وأعانهم على ظلمهم؛ فليس مني ولست منه وليس بوارد علي الحوض…) ، وما رواه ابن عباس، رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال « من سكن البادية جفا، ومن اتبع الصيد غفل، ومن أتى أبواب السلاطين افتتن ».

وأخرج الحسن بن سفيان في مسنده، والحاكم في تاريخه، وأبو نعيم، والعقيلي، والديلمي، والرافعي في تاريخه، عن أنس بن مالك، رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « العلماء أمناء الرسل على عباد الله ما لم يخالطوا السلطان فإذا خالطوا السلطان، فقد خانوا الرسل فاحذروهم، واعتزلوهم ».

وأخرج الحاكم، عن عبد الله بن الحارث رضي الله عنه: أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول( سيكون بعدي سلاطين، الفتن على أبوابهم كمبارك الإبل، لا يعطون أحداً شيئاً، إلا أخذوا من دينه مثله ).

قال سفيان الثوري: « إن دعوك لتقرأ عليهم: قل هو الله أحد، فلا تأتهم » رواه البيهقي .

قال الفضيل بن عياض(إنما الفقيه الذي أنطقته الخشية وأسكتته الخشية ، إن قال قال بالكتاب والسنة ، وإن سكت سكت بالكتاب والسنة ، وإن اشتبه عليه شيء وقف عنده ورده إلى عالمه).

عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال سمعت رسول الله صلى الله عليه يقول( إن الله لا يقبض العلم انتزاعا ينتزعه من الناس ولكن يقبض العلم بقبض العلماء حتى إذا لم يبق عالما اتخذ الناس رؤوسا جهالا فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا) أخرجه البخاري.

وإمعانا في زيادة انحطاط الأمة وتجهيلها ،فقد استخدم الكافر المستعمر الرؤوس الجهال وأصحاب الأقلام المسمومة لقلب الحقائق وإظهار الأمور على عكس ما هي عليه وروج لطريقة عيشه في الحياة بحيث تبدو كأنها مثال يحتذى وأنها الطريق الصحيح لإخراج بلادنا مما هي فيه من تخلف وانحطاط ، ولا يزال الغرب يقوم بدوره من غير أن يتوانى في ذلك يحارب الإسلام ويشوه الحقائق خاصة فيما يتعلق بأحكام الخلافة ومحاربة العاملين لها ووصمهم بالإرهاب والتطرف والرجعية والتخلف .

ويكمن خطر هؤلاء الرؤوس الجهال في وجود أتباع لهم يناصرونهم جهلا فيوردونهم موارد الهلاك (اتخذ الناس رؤوسا جهالا فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا) .

والأدهى والأمر أن تخرج علينا الأقلام المسمومة والرؤوس الجهال والفتاوى المضللة بين الفينة والأخرى تحت ما يسمى بمفكرين إسلاميين يصدرون فتاوى تحرِّف الأحكام الشرعية المتعلقة بالمرأة والحجاب، مثل هرطقات الترابي في السماح للمرأة المسلمة بالزواج من الكافر الكتابي، وقوله بأن خمار المرأة (هو شرعاً غطاء الرأس) هو لغطاء الصدر فقط، وغير ذلك من الضلالات التي تقرر شرعية الأنظمة الحالية واعتبار الحكام الحاليين أولي أمر تجب طاعتهم .

فهل هؤلاء الرؤوس الجهال أو حتى من يعتبرون أنفسهم علماء ومفكرين ومؤلفين لا يرون تفرق الأمة وتشرذمها ؟ ولا يرون أن هؤلاء الحكام لا يحكمون بما أنزل الله ؟

أم أنهم يقفون في صف معاداة وَحدة الأمة التي فرضها رب العالمين !!!

فبدل أن يكون العلماء قادة الأمة، وهم أملها في عودتها إلى سابق عهدها من العزة والمنعة والرفعة، وهم هداتها إلى طريق الأمن والأمان كلما كثرت الفتن واشتدت الأزمات .

فإننا نجد من يقف ويساعد أعداء الأمة في تقدمهم في طريق نهضتها .

أليس الأجدر أن يقوم العلماء بدورهم في إنقاذ هذه الأمة وإخراجها من هذه المآزق التي تمر بها، وفي إصلاحها وصيانتها وحفظها، وفي توجيهها نحو النصر على أعدائها، وتوجيه الحقد كل الحقد على الكفار المستعمرين لا على العاملين لوحدة الأمة .

إن الأمة الإسلامية بحاجة إلى كل جهد من أصحاب العلم والفضيلة في هذا العصر؛ بحاجة إلى حضور العلماء المخلصين الذين يخشون الله سبحانه وتعالى في حياة الأمة لا سيما في الأزمات.

{وَإِذْ أَخَذَ اللّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّيْنَ لَمَا آتَيْتُكُم مِّن كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءكُمْ رَسُولٌ مُّصَدِّقٌ لِّمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُواْ أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُواْ وَأَنَاْ مَعَكُم مِّنَ الشَّاهِدِينَ }آل عمران81.

منقول من مدونة الشيخ عاهد ناصرالدين

خليجية
شكرا ع طرح الموضوع ويزاك الله خير

خليجية

خليجية

خليجية
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة rak boy 783 خليجية
شكرا ع طرح الموضوع ويزاك الله خير

بسم الله

مشكورعلى المرور وجزاك الله خيرا

خليجية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.