أمسك عليك لسانك.. كانت تصح في حياة النبي
«الله ورسوله أعلم» جرأة غير مقبولة في التعامل مع سيرة أشرف الخلق
* جريدة الاتحاد
حسام محمد (القاهرة):
يردد الناس كثيراً جملة (الله ورسوله أعلم) حينما يواجهون أمراً ليس عندهم خبر عنه، وهي جملة رغم بساطتها فإنها في بعض الأحيان تعد جرأة غير مقبولة في التعامل مع سيرة أشرف الخلق محمد صلى الله عليه وسلم.
ويقول الدكتور الشحات الجندي رئيس قسم الشريعة بجامعة حلوان وعضو مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر: لا يجوز قول الله ورسوله أعلم بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم بل نقول: (الله أعلم)، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قد انتقل إلى الرفيق الأعلى ويجيب في حياته، ولكن بعد مماته بلغ رسالته ومهمته وانتقل إلى ربه عز وجل وبالتالي نقول الله أعلم هذا هو الصحيح.
العلوم الشرعية
وأضاف: لقد حدث في حياة النبي صلى الله عليه وسلم أن قال معاذ بن جبل رضي الله عنه (ما شاء الله وشئت)، حيث عطف رسول الله صلى الله عليه وسلم على الله بالواو، وأنكر على من قال: «ما شاء الله وشئت» فأنكرها عليه النبي صلى الله عليه وسلم وقال: «أجعلتني لله نداً؟!» بل قل: ما شاء الله وحده، «فيقال: إنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم عنده من العلوم الشرعية ما ليس عند القائل، ولهذا لم ينكر الرسول صلى الله عليه وسلم على معاذ.
بخلاف العلوم الكونية القدرية، فالرسول صلى الله عليه وسلم ليس عنده علم منها، فلو قيل: هل يحرم صوم العيدين؟ جاز أن نقول: الله ورسوله أعلم، ولهذا كان الصحابة إذا أشكلت عليهم المسائل ذهبوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فيبينها لهم، ولو قيل: هل يتوقع نزول مطر في هذا الشهر؟ لم يجز أن نقول: الله ورسوله أعلم، لأنه من العلوم الكونية.
طريق الوحي
وهكذا، فإنه بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم لا يجوز أن يقال إلا: «الله أعلم» فقط، لأنه يلزم من العبارة المذكورة: أن الرسول يعلم ما جد حدوثه، وما سيحدث مستقبلاً بعد موته، مما لم يعلمه الله به من طريق الوحي، وذلك من خصائص الله سبحانه وتعالى.
أما في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم فلا بأس بها بالنسبة لما يعلمه الله للرسول صلى الله عليه وسلم عن طريق الوحي، فالأصل أن يقال: الله سبحانه وتعالى أعلم، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لا يعلم إلا ما يعلمه الله به.
سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر |
حق العباد
ويضيف الدكتور الجندي أن هناك من يعالج تلك العبارة بطريقتين، الأولى أن ذلك القول كان مباحاً في حياة النبي صلى الله عليه وسلم، ففي حديث معاذٍ رضي الله عنه المشهور، وفيه: فقال صلى الله عليه وسلم: «يا معاذ: أتدري ما حق الله على العباد، وما حق العباد على الله؟»، فقلت: الله ورسوله أعلم، «فهذا من أدب الصحابة رضي الله عنهم، وحسن أدبهم في التعلم»، وأيضاً في قصة حاطب بن أبي بلتعة، قول عمر رضي الله عنه: الله ورسوله أعلم، وفي قصة الذين تخلفوا عن غزوة تبوك: قول أبي قتادة: الله ورسوله أعلم.
سيرة الصحابة
الثاني: قولها بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، وقد جرى إطلاقها عند بعض أهل العلم. منهم ابن القيم رحمه الله تعالى قال في نونيته، ولكن بعد التحاقه بالرفيق الأعلى صلى الله عليه وسلم لم يحصل أبداً أن وجد العلماء في سيرة الصحابة رضي الله عنهم ما يؤكد إطلاقهم لتلك العبارة بعد وفاته صلى الله عليه وسلم بل الظاهر خلافه.
ومنه ما في تفسير آية البقرة: (أيود أحدكم أن تكون له جنةٌ من نخيل وأعناب) الآية.
فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال عمر بن الخطاب يوماً لأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: فيمن ترون هذه الآية نزلت؟ قالوا: الله ورسوله أعلم. فغضب عمر فقال: قولوا: نعلم أو لا نعلم.
ومن الجائز حمل كلام ابن القيم رحمه الله تعالى على إطلاق ذلك في مواطن التشريع، وأما ما سوى ذلك من المغيبات، ومن أمور الدنيا، فلا، إلا ما أطلع الله رسوله عليه. قال تعالى: (تلك من أنباء الغيب نوحيها إليك، ما كنت تعلمها أنت ولا قومك من قبل هذا).
العفو، الشكر لله وحده
وما توفيقنا إلا بالله
زادكم الله من علمه، ورفع قدركم
حفظكِ الله ورعاكِ