يقطنها عمال وتتعرض للتدهور وتتحول إلى أوكار للجريمة
سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر |
"المباني التراثية" في رأس الخيمة "ذاكرة" تنتظر الترميم
*جريدة الخليج
رأس الخيمة – حصة سيف:
لا تزال المساكن التراثية والمباني التاريخية في رأس الخيمة تعاني الإهمال منذ سنوات، في غياب عمليات الترميم والصيانة، التي تكفل حمايتها من التدهور والتهدم التدريجي، بفعل عوامل المناخ والتعرية، مع مرور الزمن.
ويطالب مختصون وأهالٍ بالإسراع إلى وضع خطة شاملة لترميم المباني التراثية، التي تزخر بها الإمارة، باعتبارها جزءاً من التراث العمراني الوطني، وأحد مكونات الهوية الوطنية، وللحفاظ على الذاكرة الوطنية والشعبية من التدهور والضياع، ويدعو البعض إلى إحياء المنازل والمباني التراثية، عبر تحويلها إلى متاحف حية، تستقبل الزائرين والسياح وطلبة المدارس ومؤسسات التعليم العالي، للتعريف بالتاريخ المحلي وماضي الآباء والأجداد، وتعزيز حضور التراث بين الأجيال، ونقل صورة حضارية عن الإمارات إلى العالم، ويقترح آخرون تحويلها إلى مرافق سياحية أو مطاعم تراثية، بصبغة شعبية محلية، تعبق بالتاريخ والتراث.
تضم منطقة الغب في رأس الخيمة “أثراً” لمنزل أحمد بن ماجد، وفقاً لبعض الروايات الشعبية، فيما ترزح الأبنية التاريخية والأثرية المهجورة في المنطقة تحت وطأة الإهمال، وهي متروكة للعمالة السائبة منذ عشرات السنين، بلا رقابة ولا متابعة من الجهات المختصة، ويشكل بعضها مرتعاً ومأوى آمناً للخارجين على القانون، وفقاً لبعض الأهالي والمصادر.
غرفة مهرة
من المباني الأثرية التي تضمها “الغب”، وهي إحدى المناطق القديمة في الإمارة، وتقع على مشارف منطقة شمل، مبنى أثري يدعى ب “غرفة مهرة”، التي دون عليها تاريخ هجري يشير إلى تاريخها، الذي مضى عليه 100 عام تقريباً، وهو يعود، حسب التاريخ المدون على المبنى، إلى عام 1333 هجري.
وتضم المنطقة أحد أكبر المساجد القديمة في الإمارة، بشكله المعماري الفريد، بعد محاولات ترميمه من قبل الأهالي، لإعادة إعماره على مدى السنوات الماضية، حيث ظل المسجد يخضع لصيانة الأهالي عشرات السنوات، إلى أن هجروا المنطقة قبل نحو 30 عاماً.
ويقول مواطنون إن المنطقة، التي كانت “زراعية” في الأصل، تتحول تدريجياً إلى منطقة صناعية، في ظل كثرة ورش صيانة المركبات “الكراجات”، وعدد من المصانع والشركات ومساكن العمال المحيطة بها.
خميس الغافري، رئيس مجلس إدارة جمعية النخيل للفن والتراث الشعبي في رأس الخيمة، أكد أن اهتمام الجمعية يمتد إلى مناطق الحديبة والعريبي وشمل، لكن منطقة الغب تتميز بوجود أبنية تاريخية فيها، كبرج أحمد بن ماجد المندثر حالياً، ولم يبق منه سوى كتلة رملية كبيرة، والمسجد الكبير في المنطقة، وغرفة مهرة، وهي أحد الأبنية القديمة التي توارثنا اسمها، وموجودة ضمن مقبرة المنطقة.
محمد المعمري، 55 عاماً، عضو في جمعية النخيل للفن والتراث الشعبي، قال إن رأس الخيمة تضم الكثير من الآثار التاريخية والمباني الأثرية القديمة، لكن قلة الاهتمام وعدم الوعي بأهمية تلك الثروة الوطنية، جعلت الكثير من تلك المباني تتهاوى وتتدهور تدريجياً.
وأكد المعمري أن الغب منطقة أثرية قديمة، يقدر عمرها بمئات السنين، ومنذ القدم يقال إن فيها مسكن أو برج عالم البحار المشهور أحمد بن ماجد، وهي معلومة متوارثة، لم تثبتها الجهات المختصة في دراسة الآثار التاريخية، بالدراسة والتحليل، ولم تخضعها للبحث، رغم أهمية الشخصية المحلية على النطاق العالمي.
وأضاف: اقترحنا كثيراً على الجهات المختصة عمل أنشطة تراثية ترفيهية، وتسخير مردودها في صيانة وترميم المباني التاريخية، وإعادة دورة الحياة إليها، واستغلال الكثير من الفعاليات في دعمها، كالسوق الشعبي والقرية التراثية وغيرها من الاقتراحات، التي ذهبت أدراج الرياح.
23 موقعاً أثرياً
المهندس يوسف الأشقر، مدير إدارة التخطيط والمساحة في بلدية رأس الخيمة، أكد أن رأس الخيمة تحوي حوالي 23 موقعاً أثرياً، مواقعها واضحة على خريطة رأس الخيمة بلون مغاير عن المخططات الأخرى، وكل موقع له حرم يحدد من قبل دائرة الآثار والمتاحف، مضيفاً أن المواقع الأثرية في رأس الخيمة تتركز في منطقتي شمل والغب وما حولها، وتعتبر الغب أحد المواقع الأثرية، وتشتمل على السور الممتد من منطقة السيح إلى الغب، كما توجد مواقع أثرية في مناطق جلفار والحليلة وسيح الحرف وغليلة والرمس وضاية والعريبي والحديبة وأذن وغيرها من المواقع الأثرية المحددة مواقعها في مخططات خريطة رأس الخيمة لدى إدارة التخطيط والمساحة.
وقالت المهندسة عائشة درويش، مديرة إدارة الهندسة والمباني في بلدية رأس الخيمة، إن المباني القديمة في منطقة الغب تشكل معالم تاريخية تراثية يصعب هدمها؛ لذا وجهنا رسالة إلى الجهات المختصة تتضمن هذه المواقع، للنظر في إمكانية ترميمها.
محمد الكيت، مدير دائرة الآثار والمتاحف في رأس الخيمة، أكد أن الدائرة تسلمت رسالة “البلدية” حول المنطقة الأثرية، وسيحال الموضوع إلى خبراء في المتحف، لإعداد تقرير عن المنطقة وما تحتويه من أبنية أثرية، وحول إمكانية الاستفادة منها وترميمها جميعاً أو بعضها، حسب تقدير الخبراء، وعدا ذلك سيؤول لأصحابه للتصرف فيه، وفي حال رغب صاحب المبنى في الإزالة سنشرف عليها.
وأشار إلى أن الدائرة عازمة على ترميم مواقع أثرية عدة في الإمارة ضمن خطتها السنوية.