رأس الخيمة عاصمة الإمارات التاريخية والمدينة الثانية التي تعود إلى صدر الإسلام 2024.

التقينا الاستاذ علي حسن كرم البلوشي، الذي حدثنا عن المواقع الاثرية الشامخة التي تربض على منجم من الاحداث التاريخية، فقال: كانت البحارة يحطون الرحال عند منارة الامارة، التي بسببها اطلق عليها رأس الخيمة، كانت تلك المنارة، التي لم تطفأ شعلتها بالقرب من خيمة على تلة صغيرة، وكذلك كان اهل البر يشدون رحالهم والتجارة عندها.
قلاع أثرية. سياحية
وذكر البلوشي ان القلاع والحصون الاثرية تعتبر من اهم معالم رأس الخيمة السياحية وفيها 60 قلعة منها صامدة ومنها تهدمت، كل قلعة تحكي لنا قصتها مع تاريخ تليد ضارب في عمق الزمن، وسجلات البحارة البرتغاليين الذين كانوا أول من وصل الى هذه المناطق في القرن السادس عشر فيحطون رحالهم عند المنارة المضيئة، ومن أهم هذه الحصون حصن رأس الخيمة الذي يرجع تاريخه بين عامي 1736ـ 1749 واستخدم سكنا ومقرا لإقامة الاسرة الحاكمة، ثم استخدم فيما بعد مركزا لقيادة الشرطة وسجنا، ثم متحفا للحفاظ على التراث القومي.
الموقع الثاني قلعة ضاية شيدت في القرن السادس عشر على تل مرتفع يواجه الخليج، دارت معركة مع القوات البريطانية،وبسبب القلعة المحصنة قررت القيادة البريطانية مهاجمتها بمدافع المورتر في العام 1819.
أما قلعة الفلية أو مربعة الفلية الواقعة قرب منطقة النخيل بنيت في القرن الثامن عشر، وشهدت اتفاقية بين القواسم والقوات البريطانية وحصن المزرع بنته قبيلة زعاب كانت الغاية من بنائه المراقبة والدفاع في عام 1901.
وتحدث البلوشي عن الجزيرة الحمراء والبرج الصامد منذ 1875 بناه حسن بن احمد بارتفاع 12 مترا وبرج خزام يقع داخل حديقة حاكم رأس الخيمة امر سموه بترميمه عام 1985وظيفته المراقبة والدفاع، وقد بني في القرن التاسع عشر الميلادي في عهد الشيخ سالم بن سلطان القاسمي.
برج الحلو بني في القرن التاسع عشر لحماية رأس الخيمة من هجوم البريطانيين القادمين من الشرق.
برج أبو شاق يعرف باسم مربعة دهان لأن شكله شكل المربع لا إسطواني، ولقد دمر أكثر من ثلاث مرات إبان المعارك مع الانكليز، وهناك أبراج أخرى مثل: برج المعيريض المربع، وبرج المطاف، وحصن العريبي، وبرج النجدي من الأبراج الشهيرة، ويقال كان بيتاً للملاح العربي الجلفاري الشهير أحمد بن ماجد، وبرج شمل عاية بناه عام 1921 الشيخ سلطان بن سالم القاسمي، ومربعة الحديبة بني عام 1932، وبرج البقيشي بناه عام 1907 الشيخ خالد بن القاسمي، وبرج الرمس الغربي بني عام 1920، وبرج خت ــ برج المدينة بني عام 1901، وبرج نبع خت في هذه المنطقة، و(خت) تحتضن ينبوع المياه المعدنية، وبرج ابن عنبر 1938، وبرج المعيريض، وبرج نصلة، وحصن الجبل، ومربعة المعيريض، والرمس بني عام 1952.
وقال البلوشي: رأس الخيمة فيها 6 فنادق حديثة مكونة من 852 غرفة، ونسبة اشغالها 68%.
الزباء قصر زنوبيا
وقال البلوشي: قصر من قصور القرون الوسطى يعرف بقصر الزباء نسبة إلى زنوبيا ملكة تدمر التي بسطت رقعة مملكتها شرق آسيا وسوريا والجزء الشمالي من بلاد النهرين، ومصر، قاتلت الروم، فهزمت ودمرت مملكتها، هي «الزباء بنت عمرو بن الظرب بن حسان بن اذينة ابن السميدع» عربية الأصل، كانت تسمى في التاريخ العربي «زينب» وأمها اغريقية من سلالة «كليوباترا» ملكة مصر، يقع قصرها في أعلى قرية شمل الحديثة، وهو أقرب إلى القلاع والحصون منه إلى القصور.
الموروثات
وتحدث البلوشي عن الصورة الحضارية الصادقة التي يمثلها الشعب في تعايشه بجميع اتجاهاته وثروته التراثية ليشكل امتدادا طبيعيا لحضارات قديمة شهدها العالم القديم.
وقال: بيئات خمس في إماراة رأس الخيمة هي: البيئة الساحلية والجبلية (الريفية) والسهلية والزراعية والصحراوية، وما زالت كل بيئة تحافظ على عاداتها وتقاليدها في كل جوانب الحياة، ولكن السمات المشتركة ما زالت باقية منها:
1 ـ الازياء الشعبية التي تقتصر على (الكندورة) فيها الدشداشة، ويرتدي الرجل «وزار» يلفه حول نصفه السفلي، ويضع على رأسه «الدسمال» أي المعصم، والعقال لعموم الناس، فيما يحمل الرجل معه عصا غليظة، وفي المناطق البدوية يحمل الرجل معه سيفا أو خنجرا أو عصا.
2ـ الفنون الشعبية من أكثر وسائل الاتصال بين الافراد والجماعات، من هذه الفنون الشعبية العيالة، ويمارس هذا الفن في الأعياد والمناسبات والأعراس، وفن آخر هو «رزيق الشحوح» فيه الطبول والسيوف وضاربو البنادق.
«فن الوهابية» فيه الشليل أي أبيات من الشعر والغناء مع الطبول.
«الزرقة» من الفنون القديمة يلقي احد الشعراء بيتا من الشعر، ويرد الثاني، مع الامساك بالعصا والبنادق والسيوف.
«الرواح» فن يتكون من أربع كلمات هي: واهو سيرحه (أي الصباح)، واهو صودرة
(أي الظهر)، واهو الرواح (أي المساء)، واهو سيريه (أي الليل).. تستخدم الطبول الغالية اذ يصل سعرها الى نحو 30 الى 40 ألف درهم، وهي مصنوعة من جذع شجر السدر أو الشريش.
«الليوه» فن فيه الغزل من الأبيات الشعرية.
وأضاف البلوشي: من الموروثات الشعبية التي ما زالت مع الجدة والأم والبنت هي الأكلات الشعبية: أهمها الخبز سيد الموائد، فإن رأس الخيمة في مطبخها أنواع من الخبز، فهناك خبز الخمير، والمجسف، والمحلّى، والرقاق، والمتمر، ثم خبز سفاح، وخبز البلوشي المشهور وما زالت البلوشية تجهزه في بيتها،
الأرز هو الطعام الرئيسي منذ القدم وأنواعه:
الكردة ـ بوكريشه ـ الزيدة ـ البسمتي ـ الرشتي ـ الزنكوني ـ سوكندي ـ بلم ـ ميروش، وهناك أكلات ما زالت باقية منها: المرغز ـ المحمر ـ تحته ـ ميروشه ـ رز بالقشيد ـ سمك مملح ـ المضروبة ـ الغريد ـ قمح ولحم ودجاج.
النهضة الأولى
وتحدث البلوشي عن رجالات رأس الخيمة البارزين ومنهم: شهاب الدين أحمد بن ماجد بن محمد بن عمرو في دويك بن يوسف بن حسين بن أبي معلق السعدي بن أبي الركائب النجدي، ولد في رأس الخيمة (جلفار) أسد البحار وصاحب المؤلفات، وهو أشهر واصفي التصانيف الجغرافية الفلكية والرياضية العربية، واصبح دليلاً لربابنة المحيط الهندي، ومن أكبر أعماله كتاب (الفوائد في أصول علم البحر والقواعد) ولد عام 1463، وتوفي 1495.
أمير الشعراء.. حكيم الأمة.. نابغة الامارات «الماجدي بن ظاهر الذي شغل الساحة الشعرية والابداعية منذ ثلاثمائة سنة ونيف، ولد ونشأ في رأس الخيمة منطقة (الخران).

أول خريج اماراتي هو محمد بن سعيد بن غباش من مشاهير العلماء، أحد الذين ساهموا في نشر العلم في رأس الخيمة، له من الكتب:
1 ــ الفوائد في تاريخ الامارات
2 ــ ما جمعته في الاربعين عاماً
3 ــ الأبلام
4 ــ تاريخ قبائل العرب
5 ــ اسفاري وعلم ركوب البحار
ولد عام 1899 ــ 1969م.
والعلامة الفقيه أحمد بن حجر البنعلي، أحد رواد النهضة العلمية والثقافية في رأس الخيمة، تولى أمر القضاء، له العديد من المؤلفات التي تدور حول القضاء والقضايا الاسلامية.
والشيخ عبدالله بن علي بن سلمان تعلم ودرس وعاد إلى بلده رأس الخيمة، كان مجلسه في المعيريض معروفا للجميع ويرتاده علماء الامارة وفقهاؤها أمثال: أحمد بن حجر، ومحمد بن غباش، وحميد بن فلاو.
وختم البلوشي: مبدعو العصر الحالي من ابناء رأس الخيمة هم: الشاعر والملحق المرحوم جمعة الفيروز، والروائي الصحافي علي عبدالله أبو الريش، والشاعر عبدالله الهدية والشاعر مطر رمضان، والقاص سعيد الحنكي، والباحث عبدالله الطابور ومحمد علي راشد، والشاعر أحمد العسم، والشاعر ثاني السويدي وغيرهم من المبدعين.