سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر |
على ضوء منهج أهل السنة والجماعة
( 11 )
من عقيدة أهل السنة إثبات الشفاعة يوم القيامة وأنَّ ذلك حق ، والشفاعة هي : التوسط بالخير للغير بجلب منفعة أو دفع مضره ، وتنقسم إلى قسمين :
القسم الأول :
شفاعة منفية وهي : التي نفاها القرآن في ما يعتقده المشركون في آلهتهم وأنهم يشفعون لهم قال تعالى : " فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ " .
القسم الثاني :
وهي التي أثبتها القرآن والسنة وهي ثمانية أنواع :
النوع الأول : الشفاعة العظمى ( وهي المقام المحمود ) وهي أن يشفع النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أن يقضي الله سبحانه بين عباده بعد طول الموقف عليهم، وبعد مراجعتهم الأنبياء للقيام بها فيقوم بها نبينا ـ صلى الله عليه وسلم ـ بعد إذن ربه . كما ثبت ذلك في صحيح السنة .
وهذا النوع هو المراد من قول الله تعالى : " عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا "
النوع الثاني : شفاعته صلى الله عليه وسلم في دخول أهل الجنة بعد الفراغ من الحساب ، فعن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه أن َّرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال " آتِي بَابَ الْجَنَّةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَأَسْتَفْتِحُ فَيَقُولُ الْخَازِنُ مَنْ أَنْتَ فَأَقُولُ مُحَمَّدٌ فَيَقُولُ بِكَ أُمِرْتُ لَا أَفْتَحُ لِأَحَدٍ قَبْلَكَ" أخرجه مسلم
النوع الثالث : شفاعته صلى الله عليه وسلم في عمه أبي طالب أن يخفف عنه العذاب ، فعن أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَذُكِرَ عِنْدَهُ عَمُّهُ، فَقَالَ: " لَعَلَّهُ تَنْفَعُهُ شَفَاعَتِي يَوْمَ القِيَامَةِ، فَيُجْعَلُ فِي ضَحْضَاحٍ مِنَ النَّارِ يَبْلُغُ كَعْبَيْهِ، يَغْلِي مِنْهُ دِمَاغُهُ " متفق عليه
وهذه الأنواع الثلاثة خاصة بنبينا محمد صلى الله عليه وسلم .
النوع الرابع : شفاعته صلى الله عليه وسلم فيمن استحق النار من عصاة الموحدين أن لا يدخلها .
النوع الخامس : شفاعته صلى الله عليه وسلم فيمن دخل النار من عصاة الموحدين أن يخرج منها .
فعن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " شَفَاعَتِي لِأَهْلِ الْكَبَائِرِ مِنْ أُمَّتِي " أخرجه أبو داود وصححه الألباني
عن حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، قَالَ: قُلْتُ لِعَمْرِو بْنِ دِينَارٍ: أَسَمِعْتَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ، يُحَدِّثُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّ اللهَ يُخْرِجُ قَوْمًا مِنَ النَّارِ بِالشَّفَاعَةِ " قَالَ: نَعَمْ " أخرجه مسلم
النوع السادس :شفاعته صلى الله عليه وسلم في رفع درجات بعض أهل الجنة ، فقد استغفر النبي صلى الله عليه وسلم لأبي عامر رضي الله عنه فقال : " اللّهمّ اجعله يوم القيامة فوق كثير من خلقك من النّاس " أخرجه مسلم
النوع السابع : شفاعته صلى الله عليه وسلم في دخول بعض المؤمنين الجنة بلا حساب ولا عذاب فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أعطيت سبعين ألفا يدخلون الجنة بغير حساب وجوههم كالقمر ليلة البدر و قلوبهم على قلب رجل واحد ، فاستزدت ربي عز وجل ، فزادني مع كل واحد سبعين ألفا " أخرجه أحمد وصححه الألباني
النوع الثامن : شفاعته ـ صلى الله عليه وسلم ـ فيمن استوت حسناتهم وسيئاتهم أن يدخلوا الجنة وقيل هم أصحاب الأعراف
وهذه الأنواع الخمسة الباقية يشاركه فيها غيره صلى الله عليه وسلم من الأنبياء والملائكة والصديقين والشهداء ، كما ثبت في الحديث الصحيح أن الله عز وجل يقول : " شَفَعَتِ الْمَلَائِكَةُ، وَشَفَعَ النَّبِيُّونَ، وَشَفَعَ الْمُؤْمِنُونَ، وَلَمْ يَبْقَ إِلَّا أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ " أخرجه مسلم
هذا وقد انقسم الناس في أمر الشفاعة إلى ثلاثة أصناف :
الصنف الأول : غلوا في إثباتها حيث جعلوا شفاعة من يعظمونه عند الله كالشفاعة المعروفة في الدنيا عند الملوك، فطلبوها من دون الله كما ذكر الله ذلك عن المشركين .
الصنف الثاني : غلوا في نفي الشفاعة فأنكروا شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم وشفاعة غيره في أهل الكبائر وهما النوع الرابع والخامس بناء على مذهبهم في تكفير صاحب الكبيرة .
الصنف الثالث : أثبتوا الشفاعة على وفق ما جاءت به النصوص القرآنية والأحاديث النبوية وهم أهل السنة فأثبتوها بشرطين وهما :
الشرط الأول : إذن الله للشافع أن يشفع
الشرط الثاني : رضا الله عن المشفوع له
ويجمع الشرطين قوله تعالى :" َوكم مِّن مَّلَكٍ فِي السَّمَاوَاتِ لا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شيئًا إِلاَّ مِن بَعْدِ أَن يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَن يَشَاء وَيَرْضَى "
والله أعلم
من إعداد :
صاحب القلم