سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر |
على الرغم من أن الإسلام ينهى عن الزنا ويحفظ المجتمع من تداعيات الزنا بجملة من العقوبات التي يجلد من خلالها الزاني الأعزب، ويرجم المتزوج.
إلا أننا نجد الإسلام يحافظ على سلامة أعراض المجتمع من القذف، لأنه ليس هناك أزمة أعنف من أن يقذف المرء في عرضه وتلوكه الألسن.
فمعلوم شرعاً أن جريمة الزنا من أصعب الجرائم إثباتاً من حيث شروط إثباتها الشرعية، كما أن النهي شديد عن الخوض في الأعراض وقذفها، وقد سن الشارع في ذلك عقوبة قدرها ثمانين جلدة لمن يقذف بالزنا وهو لم يشهد مع ثلاث شهود آخرين على واقعة الزنا لحظة وقوعها، بحيث يتفق الأربعة على رؤية عدم مرور الخيط بين الرجل والمرأة
حتى في التلاعن بين الزوجين والانفصال لسبب الزنا فعقوبة الكاذب عظيمة، والستر من جانب الزوج أولى وأكرم، وبالعموم فستر الأعراض مأمور به، وتتبعها منهي عنه، والدنيا دول، وهناك وعيد بأن المتتبع للأعراض سيفضحه الله وهو في بيته.
فالأمر إذن ليس بهين أن نقول فلان كان يجامع فلانة بالأمس، وليعلم القاذف في عرض أي مسلم أنه عليه عقوبة شرعية دنيوية أمام الله، إلا أن يتوب ويتداركه الله برحمته.
إن ما حدث لبعض لاعبي كرة القدم من افتراء عليهم بالزنا لا يخرج عن كونه "فتنة واختبارا" للمجتمع المسلم ككل، يسلم منها من سلم، ويقع فيها من يقع، فمن تجنب القذف والخوض في العرض سلم، ومن قذف وخاض في العرض وقع، يقول تعالى " وَاتَّقُواْ فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَآصَّةً وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ" الأنفال الآية 25.
وعلى ذلك فإن هناك أمرين يجب وضعهما في الحسبان من الآن:
1- كل من خاض وقذف عرض مسلم أو مسلمة ونقل القذف بلسانه لغيره سواء في حادثة المنتخب الكاذبة، أو أية حادثة أخرى فعليه الاستغفار والتوبة إلى الله.
2- ليكن هناك فن في التعامل مع "فتنة الفضيحة" ونقل وتداول الفضيحة، فالعاصي المستتر لا يجوز فضحه، ولا نستهين بتداول الفضائح إن كانت هناك فضيحة، فما بالنا لو كان الأمر كذب وافتراء؟.
يقول المولى عز وجل في كتابه الحكيم تعقيباً على حادثة الإفك التي كانت بلاءً في بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، ونزل في التبرئة والوعيد لمن خاض بالكلام قرآن يتلى إلى يوم الدين " إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُم مَّا لَيْسَ لَكُم بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّناً وَهُوَ عِندَ اللَّهِ عَظِيمٌ". سورة النور الآية 15.
وتلقونه بألسنتكم هنا أي لا يسير الكلام حتى عبر مساره الطبيعي إلى الأذن أولاً للسماع، والعقل ثانياً للتدبر فيه والحكم عليه، ثم اتخاذ الموقف الشرعي، بل اللسان هو اللاعب الوحيد في هذه الكارثة، والآية تتحدث عن مجرد النقل والقول باللسان، وكم من المصائب يجلبها هذا اللسان.
وفي الختام فإن ما حدث للاعبين من قذف مبني على كذب وافتراء يستلزم من اللاعبين أنفسهم أن يقفوا وقفة أمام الله سبحانه وتعالى، يراجعون فيها أوضاعهم مع ربهم، وكافة تعاملاتهم الدنيوية، وتكون المراجعة وفق مراد ربنا عز وجل، ويستغفرون ربهم عن كافة ذنوبهم فقد يكون أحدها سبباً لهذه المحنة الأليمة