سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر |
كتّاب الإمارات يناقشون انحسار المجالس في الحياة الاجتماعية
رباب جبارة / الرمس.نت
مازالت دولة الإمارات العربية المتحدة حكومة وشعبا تسير على خطى ثابتة تقوم على العديد من المبادئ والثوابت والقيم الأصيلة، المستمدة من التراث والتاريخ المجيد للأجداد، المؤسسين الحقيقيين للحاضر الشامخ الذي يعشه المواطنين، وذلك لقوة هذا التاريخ المستمد من الدين الإسلامي الحنيف والعادات والأعراف التي نسجتها الروح الخيرة لإنسان في الإمارات، ومن هذا المنطلق يسعى مثقفوا اليوم إلى البحث عن عناصر التراث المادية والمعنوية لإحياء للبحث فيها واستحضارها واحياء الغائب منها، كالدور الكبير للمجالس في مجتمع دولة الإمارات قديما والذي بدأ بالغياب بصورة كبيرة عن المجتمع الحالي رغم حضوره المتواضع في شهر رمضان المبارك، والذي لا يلبي او يعزز من المكانة الكبيرة والدور العظيم له.
اتحاد كتاب وادباء الإمارات فرع رأس الخيمة تبنى خلال مجلسه الرمضاني هذه القضية ، وناقش مع مجموعة من الشباب الإماراتي الواعد، ومجموعة من المثقفين والأدباء واقع المجالس بين الحاضر والماضي والدور الكبير الذي لعبته في حياة المجتمع، إلى تواجدها الفعلي في المجتمع اليوم وانواع المجالس التي يرتادها المواطنون ، واسباب انحسارها والسبل الممكن اتباعها لعودة المجالس بصورة فاعلة في حياة ابناءنا .
القلوب الواسعة
يقول محمد جمعة آل سالم مدير مدرسة البريرات الحلقة الثانية للبنين " ان المجالس قديما كانت تعقد بصورة دائمة دون تخطيط لها، حيث يجتمع الأهل والجيران في مجلس احدهم بحضور كل الرجال والشباب والأطفال الذين يخدمون المتواجدين على مبدأ "صغير القوم خادمهم" فيتعلمون من خلال التوجيه والنصح الطرق الصحيحة للضيافة واستقبال الزوار واحترام الكبير والعطف على الصغير وطريقة الأكل وغيرها الكثير.
ويضيف مدير مدرسة البريرات ان المجالس كانت انعكاس لطبيعة الحياة في تلك الفترة فكانت صغيرة وبسيطة الاثاث، ومتواضعة الضيافة المكونة من الشاي والقهوة مع بعض التمر في الأيام العادية، اما في شهر رمضان فكانت تتحول لمفاطر يشارك اهل الحي في تزويدها بالأكل الشعبي المعروف تلك الفترة ، وكان الإقبال على الأكل كبير ولا يلقى به كما يحدث حاليا، بسبب المجهود الكبيرالذي يبذله النساء والرجال في العمل المجهد طوال اليوم ، ويمتد وقتها من الإفطار وحتى صلاة التراويح.
دور المجالس
ويبين احمد العسم رئيس اتحاد كتاب وأدباء الإمارات فرع رأس الخيمة ان المجالس قد ساهمت في تربيتهم، حيث كان يرتاد المجلس منذ صغره برفقة والده، ويستمع إلى مختلف الأحاديث التي يتم تداولها هناك من شعر وفكر وثقافة إضافة
إلى الأحاديث المتعلقة بالإسلام من قرآن واحاديث نبوية وذكر ، الأمر الذي ساهم في تقوية شخصيتهم واكسابهم مهارة النقاش بل والتحدث بلغة سليمة .
كما ان المجالس كانت وسيلة للترابط كما يوضحيو سفالنا جمموظف ، من خلال التواجد اليومي للأهل والجيران مع بعضهم البعض بصورة يومية، الأمر الذي يعزز مشاركتهم في افراحهم واتراحهم ويقوي من قيم التكافل الإجتماعي بين الفقراء والأغنياء، كما يساهم في تعليم الأطفال القيم والسلوكيات الحميدة التي لا يتعلمها المرأ إلى بالممارسة مثل استقبال الضيوف وضيافتهم وطريقة الأكل والتحدث وغيرها.
مجالس خالية
ويوضح عبد الكريم نقي موظف ان المجالس اليوم رغم اتساع رقعتها وفخامة أثاثها وترف الضيافة فيها، إلا انها فقيرة بالناس والزوار، وذلك لانعكاسات الحياة على افراد المجتمع التي شغلتهم في انفسهم بالعمل والملهيات المتعددة والتي يجدون فيها المتعة والفائدة عن الإجتماع في مجالس البعض ، مبينا عدم ميله لهذه المجالس وتفضيله لإكتساب الثقافة بنفسه لخلو المجالس من القيم الثقافية والطرح العميق للمواضيع والأفكار.
ويؤكد احمدعبداللهآلعلي ان هناك العديد من الأسباب التي تحول دون توجه شباب اليوم نحو المجالس، اولها عدم تعود الشباب على مرافقة آبائهم لهذه المجالس خلال طفولتهم لقلة وعي الآباء بأهمية اشراك ابنائهم فيها واكتفائهم بالدور الذي تلعبه المدرسة، والكثير منهم موجه من خوف الأم على ابنها وعدم رغبتها غيابه عن عينها، كذلك الأسلوب التنفيري للبعض اتجاه رواد المجلس من الأطفال في حالة خطأهم يمنع هذا الطفل من اعادة التجربة من جديدة .
ويشير محمد الهدية موظفلخلو المجالس اليوم من الطرح القوي في كل المواضيع كما كان في السابق، حيث كان الرسول صلى الله عليه وسلم يطلب من صحابته مجودي القرآن قراءته لهم، كما كان سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه ينتقي اصحاب المجالس بحذر كي تكون قيمة وتعم الفائدة فيها.
ترميم الغياب
واقترح المتواجدون من بينهم على محمد خصوب ومحمد دربول العديد من الأفكار التي يمكن ان تطرح لتعميم الفائدة على شباب اليوم من المجالس، مبينين ان معظم الشباب لديه الرغبة في التواصل مع الأكبر سنا والإستفادة من ما تطرحه المجالس لكنهم لا يعرفون اصحاب هذه المجالس ويحتاجون لمرشد لهم ، لذلك تقوم احد الدول الخليجية بنشر اسماء المجالس التي يجتمع فيها الناس في كل منطقة وذلك كخدمة مجتمعية وتوجيه للشباب للإستفادة منها، مشددين ان على دور اولياء الأمور بان يكونوا مرشدي ابنائهم للمجالس ويحرصوا على اشراكهم في المجالس وانتقاء النافع منها.
ويؤكد كل من عبيد ماجد الشويهي ومحمد خليفة الشويرب ان اصحاب المجالس لابد ان يرتقوا بطرحهم لجذب الشباب بل والصغار لهم، فمجالس اليوم خالية من الطرح الجدي وهي مجرد اجتماعات لتبادل الحديث اليومي ولعب الورق او الألعاب الإكترونية، مؤكدين ان حديثهم لا يعني عدم رغبتهم بتواجد هذه العناصر في المجالس لكن التنوع في الطرح بحيث ترضي جميع الأذواق.
ويرى سعيد المناعي وعبيد ماجد الشويهي ان على مؤسسات الدولة ان تتبنى مبادرة كل على حسب دوره، ترشد فيها الشباب لأهمية ارتياد المجالس وتنظم كذلك مجالس دائمة متخصصة تجذب مختلف افراد المجتمع خاصة المميزين والمثقفين لكي تكون جاذبة لباقي الشباب للحضور والإستماع للتجارب والأفكار القيمة التي تطرح فيها.
ختم الشاعر احمد العسم الجلسة الرمضانية بمجموعة من بأسطر من ابداعاته بمناسبة هذا الشهر الكريم والصيام:
لرب كريم ، يأمر على الطاعة ، اقبل بنفس عى الطاعة ، الرب فارج الكرب.. ما غيره له الطاعة
صفي النوايا وايمانك ، يصفى لك زمانك، تعيش دنيا بلا كرب.. وتنعم في طاعة
رب كريم صانك، اخلص له يرتفع شانك، حياتك من دون كرب.. حياة منطقها طاعة
لرب كريم امرنا على الطاعة ، في خشوع وسجود وطاعة ، يتبدد همنا والكرب .. لرب كريم وحده له الطاعة