سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر |
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله،
وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه، وبعد:
أحبتي في الله، اقترب رمضان، واقترب معه موسم
آخر من مِنَح الله تعالى، يتدارك فيهما المؤمنُ
ما تكاسل فيه من الفرائض، ويتوب فيهما العاصي من الذنوب والكبائر
، ويتجدد فيهما الإيمان والتوبة والأوبة إلى الله – تعالى.
نعم، الوقت مضى سريعًا، ولم يبقَ إلا القليل
لنفرح بحلول شهر القرآن؛ ولهذا وجب على كل مؤمن
عاقل أن يستعد من الآن للضيف الجديد، وقد قال
بعض السلف: "رجب شهر الغرس، وشَعبان شهرُ السُّقيا، ورمضان شهر الحصاد".
ومن باب التناصح والتعاون على البرِّ والتقوى أضعُ لأحبتي
بعض الأفكار النَّيرة التي تعين على الاستعداد جيدًا لشهر رمضان المبارك، ومن ذلك:
تجديد التوبة: على المسلم أن يجدِّدَ توبته في كل حين،
وأن يصبح تائبًا، ويمسي تائبًا؛ فالتوبة دأب الصالحين،
وصفة الصادقين، ولنا في رسول الله – صلى الله عليه وسلم –
أسوةٌ حسنة؛ حيث قال: ((يا أيها الناس، توبوا إلى الله؛
فإني أتوبُ في اليوم إليه مائة مرة))؛ رواهمسلم.
فعلى المسلم أن يعودَ من الخطأ، ويُكثر
من الاستغفار؛ ليتمكن من التأقلم السريع مع الضيف الجديد، وقد أحسن من قال:
يا ذا الذي ما كفاه الذنب في رجب
حتى عصى ربَّه في شهر شعبان
لقد أظلّك شهرُ الصبر بعدهما
فلا تصيِّره أيضًا شهرَ عصيان
واتلُ الكتاب وسبِّح فيه مجتهدًا
فإنه شهرُ تسبيحٍ وقرآن
الصدق والإخلاص: على المسلم أن يُكثر من عبادة الخلوات،
وأن تكون له عبادة في السِّر لا يطَّلع عليها سوى مولاه، يُكثر من الصلاة
في جوف الليل، من الصدقة، من
إطعام المساكين والفقراء والأيتام، يدرِّب نفسه على الإنفاق في السر وبصدق وبإخلاص.
وانتبه أخي الحبيب إلى أمر مهم؛ "فالصدق والإخلاص
متلازمان، لا ينفكُّ الأول عن الثاني"، واعلم أن سرَّ نجاح السلف الصالح
هو الإخلاص، أخلِصْ تُفلِحْ، واصدُقْ تنجَحْ.
الدعاء: ممارسة الدعاء بأن يبلغك الله رمضان؛ فقد كان السلف
يدعون الله ستة أشهر أن يبلِّغَهم رمضان، ثم يدعونه ستة أشهر
أن يتقبَّل منهم، فانظر إلى سلفنا الصالح كيف كان عامهم كله رمضان؟!
استغل رجبًا وشعبان: كما قلنا سابقًا فرجب شهر الغرس، وشعبان
شهر السُّقيا؛ ففي رجب يغرس المسلم تلك النبتة "العمل الصالح"، ويهتم بها، ويَحذر من العقبات
ومن الصغائر؛ ليسقيها في شعبان، ثم إن دخل عليه شهر
الحصاد يكون من الذين حصدوا الثمار، وفازوا برضا الرحمن.
نية العمل: عليك أخي المسلم أن تصحَبَ معك نيات قبل دخول رمضان، ونذكر منها:
• نية ختم كتاب الله ولو مرة واحدة بتدبُّر.
• نية أن يكون رمضان شهر التوبة والأوبة، وبداية انطلاقة جديدة مع الله تعالى.
• نية التأسي بالأخلاق الحسنة، والتخلّي عمَّا سواها من الأخلاق السيئة.
• نية الإنفاق في سبيل الله، وإطعام المساكين والفقراء والأيتام والأرامل.
مخطط للعمل: وضع مخطط للعمل مرتَّب حسب الأوقات من صلاة الصبح إلى قيام الليل، ومن ذلك:
• أن تضع ضمن المخطط التهجُّد قبل الفجر.
• السحور مع التنبيه على تأخيره؛ ففي ذلك بركة في وقتك، واقتداءٌ بنبيك – عليه الصلاة والسلام.
• التبكير إلى الصلاة، وأداؤها في المسجد مع الجماعة.
• الجلوس في المسجد للذكر وقراءة القرآن، والاستماع للدروس والمحاضرات.
• الانشغال بالدعاء قبل المغرب،
والحرص على ذلك؛
قال النبي – صلى الله عليه وسلم –(ثلاثة لا تُردُّ دعوتُهم، وذكَر منهم الصائم حتى يفطر))
؛ أخرجه الترمذي.
• صلاة التراويح كاملة مع الإمام.
• مع مخطط عمل آخر مفتوح؛ كزيارة الأقارب والفقراء، وعيادة المريض،
وإطعام المساكين، واتباع الجنائز.
أخي في الله، أختي في الله، إن الناظر والمتتبع
لأحوال الناجحين يجدهم مجدِّين ومجتهدين
في الإعداد والاستعداد لهذا الشهر العظيم، وهذا
حال كلِّ طالب للآخرة، مريدٍ لتحقيق ركنٍ من أركان الإسلام على
الوجه الذي ينبغي.
فكُن من الناجحين المستعدين، أخي.. أختي..
نسأل اللهَ – تعالى – أن يوفقَنا لذلك،
وأن يبلغنا رمضان، ونكون فيه من الناجحين
الفائزين، ونسأله – سبحانه وتعالى – أن يدخلَه علينا
وقد مُكن لأمَّةِ الإسلام، والحمد لله رب العالمين.
كوبي بست