البيان – دبي ـ رامي عايش
أكد الدكتور جمال السميطي مدير عام معهد القضائي في دبي أنه لا يمكن اعتبار الملفات الصوتية التي باتت يتعارف عليها بـ«المخدرات الرقيمة»، مخدرات طبيعية مثل النباتية والكيميائية، موضحا انه لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص قانوني، ولا يمكن تكييف قوانين وعقوبات المخدرات مع هذا النوع من الموسيقى التي بات يروج لها في بعض المجتمعات على أن لها تأثيرات عقلية شبيهة بالمخدرات المعروفة.
جاء ذلك على هامش محاضرة استضاف المعهد فيها الخبير القانوني أيسر فؤاد قاضي محكمة الاستئناف في الدائرة الجزائية في محاكم دبي، للحديث عن ما بات يعرف اصطلاحا بـ«المخدرات الرقمية».
وقال السميطي لـ«البيان»: إن الجزم في تأثير بعض انواع الموسيقى الصاخبة، على عقل وصحة الانسان أمر في غاية التعقيد، ويحتاج الى دراسات وبحوث مستفيضة، تستبق الحكم فيما اذا كان ينطبق عليها فعل التخدير أو لا، بما في ذلك التجريم والتأثيم.
التعريف الصحيح
من جانبه أوضح الخبير القانوني والقاضي أيسر فؤاد أن «المخدرات الرقمية» كما يسميها البعض عبارة عن ملفات صوتية تحدث أثرا لم يُحسم بعد إن كان مخدرا، أو مؤثرا عقليا، أو ضارا بصحة الإنسان،لافتا إلى أن هذا التأثير لا يتم إلا من خلال استخدام سماعة ذات مواصفات معينة تتكئ فكرتها على توزيع الذبذبات الموسيقية بشكل متفاوت بين الأذنين، بحيث يشعر المستمع بنوع من «النشوة» تختلف هي الأخرى باختلاف الاشخاص والظروف والبيئات المحيطة بهم.
وأكد انه لم يثبت بعد بالدليل العلمي والبحثي القاطع ان تلك الملفات لها تأثير المخدرات العقلية، لافتا الى ان وزارة الصحة الاماراتية تعكف بالتعاون مع اللجنة العليا للمخدرات، وخبراء متخصصين في هذا المجال على اعداد دراسة – قد تطول – للوصول حقيقة وتأثير ما بات يصطلح عليها مجازا بالمخدرات الرقمية او المخدرات الالكترونية، في وقت اوضح فيه ان التأثيرات الواضحة حتى الان لهذه الملفات لا تعدو كونها نفسية، وصحية مضرة بالسمع.
وأوضح أن القضاء لا يمكن أن يؤثم فعلا، او يدين شخصا سواء كان مروجا او «متعاطيا» لتلك الملفات إلا اذا ثبت ضررها وتأثيرها، اسوة بالمخدرات الطبيعية والكيميائية، مؤكدا «نحن أمام كابوس حقيقي قد يصبح حقيقة في المستقبل لكن التهويل فيه يشجع على انتشار هذه الآفة، ونحن بحاجة الى دراسة متخصصة لتأثيم هذه الموسيقى».
سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر |
تأثيرات
وقال: إن الملفات الموسيقية التي يروج لها عبر بعض المواقع الالكترونية، لا يمكن ان تؤدي الغرض منها من دون استخدام سماعة خاصة، مصممة لإحداث فرق في الذبذبات والنغمات بين الاذنين، ولذلك يقال ان بعض المروجين المنتفعين من بيع هذه الملفات الصوتية درسوا التأثيرات الكيميائية للمخدرات الحقيقية، وكيفية تأثيرها على عقل وصحة وسلوك الانسان، للتوصل الى نوع جديد من تلك المخدرات التي يشاع ان الملفات الصوتية أحد انواعها، بالرغم من انه لم يثبت اثرها الفعلي علميا أو صحيا، ولا في اي دولة في العالم حتى اللحظة، ولا يمكن الجزم انها مخدرات حقيقية«.
وأضاف: »إن استخدام الموسيقى في العلاج ليس أمرا جديدا على البشرية، والبعض بدأ يروج لها مجددا كعلاج من الطب البديل، علما ان الموسيقى استخدمت من اجل رفاهية وراحة ومتعة العقل ورفع الذائقة الانسانية، ولا يتصور ان توظف لضرر الانسان، صحيا وعقليا، حتى ان الحالات التي تناولتها بعض وسائل الاعلام العربية والأجنبية، وقدمتها للمشاهد على انها نتيجة حتمية لتأثير ما يقال عنها مخدرات رقمية، لم تثبت، ولا يعتد بها على انها أمر ثابت وحقيقة لا تحتمل الدراسة والجدل«.
موسيقى صاخبة
قال القاضي أيسر فؤاد: لا يختلف اثنان على أن هذه الملفات الصوتية تحدث ضررا صحيا على سلامة الانسان، وتحديدا على حاسة السمع نتيجة الموسيقى الصاخبة التي تبث خلالها، واختلاف تردداتها بين الاذنين، والاخطر من ذلك هو التشنج الذي يمكن أن تسببه تلك الملفات للإنسان الذي ربما يتعدى مرحلة الاستماع الى استخدام المخدرات الحقيقية، وهذا ربما يدفعنا إلى القول أن مروجي هذه الملفات قد يكونون هم ذاتهم الذين يروجون للمواد المخدرة مثل الهيروين والحشيش .