يبدوا انه هذه الكلمة ستريح قلوب ملايين العرب،الذين استنكروا على إيران ادعاءاتها بامتلاك الخليج العربي،فطيلة العقود الماضية، لم يستكن الجدل الدائر بين العرب وإيران حول تسمية الخليج، فتاريخيّا يُفترض أنّه فارسي بينما تشير إليه أميركا حاضرًا بالخليج العربي.
فقد تجدد الجدل خلال الشهر الجاري حول تسمية الخليج، وآخر فصوله استخدام الخارجية الأميركيّة مصطلح "الخليج العربي" مرتين ، الأمر الذي حثّ اللوبي الإيراني في أميركا على تنظيم حملة لكتابة رسائل احتجاج إلى هيلاري كلينتون. وفيما يرى مراقبون إنّ الخلاف حول المصطلح يعبّر عن هوة بين دول الخليج العربية وايران في طريقة عرض الخليج لنفسه.
يقول براين ويتايكر في تعليق نشرته صحيفة الغارديان البريطانيّة إنّ تسمية "الخليج الفارسي" تعود الى زمن المؤرخان اليونانيان سترابو (Strabo) وبطليموس (Ptolemy). وظل الاسم متداولا حتى الأزمنة الحديثة. ومنذ مطلع الستينات، ارتبطت التسمية بصعود الحركة القوميّة. وبدأت الدول الواقعة على ضفاف الخليج بتسميته "الخليج العربي".
على المستوى الرسمي، تعترف الأمم المتحدة وهيئات دولية مختلفة بتسمية "الخليج الفارسي"، بوصفها التسمية المستندة – افتراضًا- إلى الاستخدام التاريخي للاسم.
ولطالما اعتمدت الولايات المتحدة الأميركيّة تسمية الخليج الفارسي رسميا، إلا أنّ ذلك تغيّر الأسبوع الماضي، حيث نطق اندرو شابيرو مساعد وزيرة الخارجية الأميركية خلال إيجاز صحافيّ في 20 تشرين الأول (أكتوبر) الجاري، بالعبارة الأبغض على قلب الإيرانيين، حيث أشار تعليقًا على صفقة الأسلحة مع السعوديّة إلى "الخليج العربي والشرق الأوسط الأوسع".
ويقول ويتايكر إنه يمكن النظر الى هذه العبارة منفردة على انها زلة لسان رغم ان شابيرو بدا وكأنه يقرأ من نص مُعد سلفا. ويضيف متسائلا "بما ان مصطلح (الشرق الأوسط الأوسع) يشمل بداهة الكتلة المائية المتنازع على اسمها فأين الضرورة في ذكر الخليج (الفارسي أو سواه) أصلا؟
ما ان استخدم شابيرو تسمية "الخليج العربي" حتى تحرك المجلس الاميركي الايراني الوطني، ونظم حملة لكتابة رسائل الاحتجاج الى وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون. كما كتب مدير المجلس لشؤون السياسة جمال عبدي مقالا عن الموضوع نشرته صحيفة "هفنغتون بوست" يوم الاثنين.
مأزق للصحافيين
يضيف ويتايكر إنّ الاختلاف على التسمية أشبه بمأزق للصحافيين الذين يكتبون عن المنطقة، حيث يتجنّب بعضهم الظهور وكأنّهم منحازين، فيفضلون الاكتفاء بتسميته "الخليج" على افتراض أنّ القارئ سيستنتج من السياق أنّ التقرير يتحدّث لا يقصد خليج المكسيك.
ويشبه ويتايكر التجاذب بين العرب والإيرانيين حول تسمية الخليج بالجدل نفسه حول الممر المائي بين انكلترا وفرنسا، والمعروف رسميا بتسميتين: القنال الانكليزي على إحدى ضفتيه والمانش على الضفة الأخرى. ويبدو الإصرار على صفة الانكليزي استفزازا غير ضروري. ومن أجل الحفاظ على علاقات المودة والوئام مع فرنسا يُفضل الاكتفاء بتسميته "القنال" فحسب.
الحياد لا يرضي الإيرانيين
ولكن اتخاذ موقف الحياد لا يرضي الإيرانيين حين يتعلق الأمر بالخليج الفارسي/العربي. فهم يتحسسون من المسألة حتى ان نسخا من مجلة الايكونومست مُنعت عام 2024 من التوزيع في إيران عندما أسقطت المجلة صفة "الفارسي" من الخليج. كما قُدمت احتجاجات دبلوماسية عندما شطب متحف اللوفر في باريس صفة "الفارسية" لدى ذكر الخليج في دليل المتحف.
التكرار ينفي المصادفة
سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر |
وبالعودة إلى الولايات المتحدة الأميركيّة، تكرّرت تسمية "الخليج العربي" على لسان كورت كامبيل، المساعد الآخر لوزيرة الخارجية، والذي يبدو أنّه كانغافلا عن الاحتجاج على تسمية "الخليج العربي" عندما تحدث في إيجاز صحافي آخر يوم الثلاثاء، واستخدم هو أيضا التسمية نفسها عندما أشار الى "قضايا قرصنة في الخليج العربي".
التكرار ينفي الصدفة، بالتالي لا يمكن ان يكون مجرّد مصادفة أن تنطق الخارجيّة الأميركيّة بالعبارة الأبغض على قلوب الإيرانيين مرتين، إنما الأرجح أنّ هذا التكرار يوحي بحدوث تغير في السياسة الأميركيّة التي تعتمد تسمية "الخليج الفارسي" منذ عام 1971.
ويختم ويتايكر تعليقه بالقول إنّه في غياب أي إيضاح من وزارة الخارجية، لا يمكن إلا التكهن بالسبب الذي أصبح معه فجأة "الخليج العربي". ولعل المنطق يفسّر ذلك بأنّه التفاتة أميركيّة محسوبة لإزعاج إيران!