[ ص: 31 ] واللهو : ما يلهو به الناس ، أي يشتغلون به عن الأمور المكدرة أو يعمرون به أوقاتهم الخلية عن الأعمال .
واللعب : ما يقصد به الهزل والانبساط . وتقدم تفسير اللعب واللهو ووجه حصر الحياة الدنيا فيهما عند قوله تعالى :
وما الحياة الدنيا إلا لعب ولهو في سورة الأنعام .والحصر ادعائي كما تقدم .
وقد زادت هذه الآية بتوجيه اسم الإشارة إلى الحياة وهي إشارة تحقير وقلة اكتراث ، كقول قيس بن الخطيم
مشيرا إلى الموت :
ولم توجه الإشارة إلى الحياة في سورة الأنعام ، ووجه ذلك أن هذه الآية لم يتقدم فيها ما يقتضي تحقير الحياة ، فجيء باسم الإشارة لإفادة تحقيرها ، وأما آية سورة الأنعام فتقدم قوله : حتى إذا جاءتهم الساعة بغتة قالوا يا حسرتنا على ما فرطنا فيها فذكر لهم في تلك الآية ما سيظهر لهم إذا جاءتهم الساعة من ذهاب حياتهم الدنيا سدى .
وأما تقديم ذكر اللهو هنا وذكر اللعب في سورة الأنعام فلأن آية سورة الأنعام لم تشتمل على اسم إشارة يقصد منه تحقير الحياة الدنيا ، فكان الابتداء بأنها لعب مشيرا إلى تحقيرها ؛ لأن اللعب أعرق في قلة الجدوى من اللهو .
سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر |
ولما أشير في هذه الآية إلى الحياة الآخرة في قوله : فأحيا به الأرض بعد موتها زاده تصريحا بأن الحياة الآخرة هي الحياة الحق ، فصيغ لها وزن الفعلان الذي هو صيغة تنبئ عن معنى التحرك توضيحا لمعنى كمال الحياة بقدر المتعارف ، فإن التحرك والاضطراب أمارة على قوة الحيوية في الشيء مثل الغليان واللهبان .
وهم قد جهلوا الحياة الآخرة من أصلها ؛ فلذلك قال لو كانوا يعلمون . وجواب " لو " محذوف دليله ما تقدم ، أو هو الجواب مقدما .