سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر |
لم يعد خافياً على أحد أن فرص العمل المتوفرة بين مختلف الإمارات، باتت متفاوتة أمام الخريجين أو العاطلين عن العمل، ولم يعد خافياً على أحد أيضاً سعي عدد كبير من الخريجين للبحث عن وظائف مناسبة وبرواتب مجزية، حتى وإن كلف الأمر الخروج من الإمارة التي يسكنون فيها، لأنهم ينطلقون إلى ذلك بدافع رغبتهم في العمل، ومن أجل خدمة وطنهم من جانب آخر.
ذلك أنهم لا يجدون فرقاً في مقر العمل، طالما أن في ذلك تأميناً لمستقبلهم ودفعاً لمؤسسات دولتهم نحو التقدم، وهو ما يجعل كثيرين من شباب الإمارات يعملون، بل ويقيمون في إمارات أخرى غير تلك التي ولدوا وترعرعوا فيها، حتى وإن كانت المسافات التي تفصلهم عن أسرهم طويلة.
هذا الواقع مقبول ولا خلاف عليه إن كان الباحث عن العمل شاباً، إذ إن لديه القدرة آجلًا أو عاجلًا على الاستقلال بسكنه، وهو أكثر قدرة على قطع مسافات طويلة ذهاباً وإياباً من إمارته إلى الإمارة التي يختار العمل فيها، ومع ذلك لا يسلم عدد منهم من التعرض لمواقف تترتب عليها محاذير اجتماعية وصحية تتصل بسلوك الواحد منهم أو سلامته، فما بالنا إن كانت الفتاة التي تبحث عن العمل هي التي قررت العمل في إمارة غير التي تقيم فيها مع أسرتها، بعد أن أعياها البحث في إمارتها عن وظيفة دون أن تجد فرصة عمل؟
هذا هو السؤال الذي طرحته مجموعة من المواطنات العازبات اللواتي يعملن في إمارات غير تلك التي يقمن فيها مع أسرهن، فيضطر بعضهن إلى الإقامة الفردية أو الجماعية مع فتيات أخريات في شقة سكنية أو مع أفراد أسر أخرى، أو الاستغناء عن السكن بتحمل عناء الطريق اليومي من الإمارة التي يقمن فيها إلى الإمارة التي يعملن فيها، تجنباً للمشاكل والإحراج الذي قد يتعرضن له بسبب موقف الأسرة الرافض للإقامة خارج منزل الأسرة، وبسبب نظرة المجتمع للفتيات اللواتي يقمن في شقق بعيداً عن أسرهن، وهي نظرة لا ترحم وأشد وطأة عليهن حتى من مخاطر التعرض لحوادث الطريق نتيجة السفر اليومي .
وما يترتب عليه من إجهاد قبل وبعد ساعات العمل. هذا الوضع يشكل معاناة للفتيات اللواتي يرفضن بعد تخرجهن المكوث في المنزل حتى تحين فرصة تعيينهن في وظيفة من الوظائف التي تتيحها الإمارة التي يقمن فيها، وهن في الوقت نفسه يرفضن تعريض سمعتهن وحياتهن للخطر نتيجة الإقامة بمفردهن في منطقة العمل، أو القيادة اليومية من والى إمارتهن، الأمر الذي جعل كثيرات منهن يطالبن بجهد أكبر من الجهات الحكومية التي تقوم بتعيينهن، من خلال تخصيص مجمعات سكنية يتم خصم رسوم الإيجار فيها من رواتب الموظفات، على أن يتم توفير حراسة خاصة وإجراءات أمنية تجعل الموظفات وأسرهن في حالة اطمئنان على بناتهن اللواتي اخترن الكفاح والعمل على البقاء عاطلات.
إن المسؤولية والغيرة على بنات الوطن تجعل هذا النوع من المطالب لا يحتاج إلا إلى قرار بتخصيص مجمع سكني آمن ومحل ثقة في كل إمارة لهؤلاء الموظفات، وتخفيف المشقة والظروف النفسية عليهن، لا سيما وأن العمل مطلب كل خريج ومبتغاه، ولا ينبغي أن يكون السكن حجر عثرة في طريق الشابة الطموحة التي تسعى لتأمين مستقبلها وخدمة وطنها.
فإذا كانت الإمارات قد حرصت أشد الحرص على توفير مجمعات سكنية لطالبات الجامعات اللواتي يفدن من كل إمارة، وإذا كان بعض وزاراتها قد خصص مجمعات سكنية مماثلة لموظفات وافدات من خارج الدولة وفرت لهن كل سبل الأمن والرعاية وما يتبعها من مواصلات وخدمات، فمن باب أولى أن نلتفت إلى أوضاع المواطنات اللواتي أصبح السكن والانتقال إلى مقر العمل عائقاً أمام طموحاتهن.
يخفون تحت الحب حقد الحاقدين
يتقابلون بأذرع مفتوحة
والكره فيهم قد أطل من العيون
يا ليت بين يدي مرآة ترى
ما في قلوب الناس من أمر دفين
يا رب إن ضاقت الناس عما فيا من خير
فـ عفوك لا يضيق