وإزاء حرارة الجو القاتلة وجد الصائمون ضالتهم في عدد من المساجد المكيفة التي بدأت تنتشر خاصة في أحياء العاصمة الراقية حيث يقبل القائمون عليها على تكييفها من أجل إتاحة أجواء مثالية للتعبد خاصة في ظل شهر رمضان، حيث تعمر تلك الجوامع بالمصلين لأداء صلاة التراويح.
غير أن الصائمين خاصة الفقراء منهم وجدوا في تلك المساجد ‘الملاذ الآمن’ طيلة ساعات النهار وحتى انطلاق مدفع الإفطار والذي كان موعده في السادسة والنصف مساء بعدما قامت الحكومة بتقديم الساعة في محاولة مجانية لا تكلف خزانة الدولة شيئاً من أجل دعم الصائمين.
غير أن اولئك المشرفين على المساجد المكيفة ومعظمها أهلية تم تشييدها من أموال المتصدقين لم يتوقعوا بأي حال بأن تلك المساجد سوف تتحول بقدرة قادر طيلة ساعات النهار لفنادق للباحثين عن الهواء المكيف.
وجراء توافد العديد من الصائمين والمرهقين من حر الصيف يخوض العاملون مشاجرات مع المواطنين الذين يعلو شخيرهم ويحتلون الجوامع عقب كل صلاة.
ويبذل هؤلاء جهوداً كبيرة من أجل إيقاظ النائمين خاصة قبيل موعد اذان صلاة العصر.
وتتركز المساجد المكيفة في أحياء المهندسين والزمالك ومدينة نصر ومصر الجديدة ويوجد عدد محدود منها في بعض الأحياء الشعبية.
ويقطع العديد من الأهالي مساحات بعيدة بحثاً عن مسجد مكيف ليتمتعوا بالهواء البارد.
من بين تلك المساجد مسجد بشارع سليمان جوهر بحي الدقي بوسط القاهرة وبالرغم من صغر مساحته إلا أنه أصبح قبلة للصائمين بعد أن تم تركيب عدد من أجهزة التكييف مؤخراً. ويشهد المسجد شدا وجذبا بين العاملين والأهالي بسبب رفض الكثير من النائمين الإستيقاظ من أجل إتاحة الفرصة للمصلين لأداء المناسك في جو من الطمأنينة.
وتعج منطقة المهندسين بالعديد من المساجد المكيفة والتي أدت إلى حدوث غزو يومي من قبل فقراء القاهرة الذين لا يستطيعون الحصول على التكييف سبيلا.
أحد تلك المساجد في شارع شهاب وجد المشرفون عليه أنفسهم أمام مشكلة حقيقية بسبب إزدحامه بالعديد من الفقراء ويقدر عددهم بالمئات الذين جاءوا من حي بولاق الفقير والقريب من المكان طلباً لنسمة هواء بارده حتى مجيء موعد الإفطار.
سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر |
ويعزز من تواجد هؤلاء طيلة ساعات اليوم سماح السلطات بفتح المساجد طيلة ساعات اليوم عكس باقي شهور السنة، حيث يحظر السماح بفتحها عقب كل صلاة.
وبينما سعى المشرفون على بعض المسجد لفرض أوامر شبه عسكرية للحد من عدد النائمين سعى البعض الآخر لإغلاق أجهزة التكييف لإجبار المصلين على المغادرة عقب الصلاة باستثناء أولئك الذين يبقون من أجل التعبد وتلاوة القرآن أو الاستماع لدروس العلم.
ومن بين الأوامر التي يشترطها البعض على النائمين عدم الشخير حيث يقومون بطرد كل من يصدر عنه أي صوت أثناء النوم. غير أن تلك الشروط لم تمنع أسرا فقيرة بأكملها من التردد على المساجد المكيفة بغرض التمتع بالهواء المكيف.
ومن قبيل المظاهر التي لم تكن مألوفة من قبل قيام بعض المواطنين باصطحاب أسرهم للتمتع بالمكيف، حيث تجلس النسوة في الأماكن المخصصة للنساء بينما يصطحب الآباء أبناءهم معهم.
وبالرغم من أن بعض العلماء يحرم النوم في دور العبادة لأنها لم تعد من أجل هذا الغرض إنما من أجل التعبد إلا أن معظم مساجد مصر خاصة تلك المنتشرة في الأحياء الشعبية تعتبر قبلة لمن يرغبون في الحصول على قسط من الراحة خاصة اولئك الذين يقيمون في بيوت ضيقة أو ينتمون لاسر كبيرة العدد.