ازدادت حدة التوتر في القدس المحتلة أمس، واندلعت مواجهات بين قوات الاحتلال وفلسطينيين في الضفة الغربية مع افتتاح كنيس يهودي على مشارف الحرم القدسي يدعى «كنيس الخراب»، وفيما حذرت حركة فتح أمس من أن أي محاولة لدخول باحة المسجد الأقصى من قبل اليهود المتطرفين «ستشعل كل المنطقة، ولن تقتصر على الاقصى أو مدينة القدس»، دعت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) إلى يوم غضب ونفير عام اليوم الثلاثاء، في حين أبقت الشرطة الإسرائيلية على حالة التأهب في المدينة والاستمرار لليوم الرابع على التوالي في حظر دخول الرجال دون الخمسين عاما إلى باحة الأقصى.
وفي التفاصيل، قال مسؤول ملف القدس في حركة فتح حاتم عبدالقادر في تصريح لوكالة فرانس برس إن «أي محاولة لدخول الاقصى من قبل اليهود المتطرفين خلال اليوم (أمس) أو الأيام المقبلة، سيشعل لهيب كل المنطقة، ولن يقتصر على الاقصى أو مدينة القدس».
وحمل عبدالقادر إسرائيل مسؤولية ما سيجري في حال السماح للمتطرفين اليهود بدخول الأقصى، مؤكداً أن «الفلسطينيين لن يقفوا مكتوفي الأيدي أمام دخول المتطرفين إلى الأقصى».
وأكد المسؤول الفتحاوي أن «مدينة القدس تشهد أكثر أيامها حساسية وخطورة منذ عام 1967»، مشدداً على أن «الاوضاع متوترة جداً ومتفجرة جداً بسبب الإجراءات غير المسبوقة استعداداً لما يسمى بمشروع بناء كنيس الخراب في البلدة القديمة».
واعتبر عبدالقادر أن «كنيس الخراب ليس مجرد كنيس عادي، فهو نقطة ارتكاز ومقدمة لما يسمى بناء الهيكل على أنقاض الحرم، وهذا الكنيس سيكون مقدمة للعنف والتعصب الديني والتطرف».
وأضاف أن مشروع بناء الهيكل «لا يقتصر على يهود متعصبين ومتطرفين، بل على أعضاء مشاركين في الحكومة. هناك توجه رسمي في الحكومة لبناء الهيكل الثالث. القضية قضية إرادة سياسية».
كما اعتبر عبدالقادر أن كل هذه الأحداث والإغلاق غير المسبوق وإعلان المنطقة منطقة عسكرية مغلقة، محاولة لتفريغ البلدة القديمة وتقليص عدد الفلسطينيين المقيمين فيها.
وقال إن «القوى الوطنية والإسلامية دعت إلى شد الرحال وإعلان إضراب جزئي كخطوة احتجاجية، لأننا لا نريد تفريغ البلدة القديمة، وحتى لا نمكّن المستوطنين من تسيير مسيرات». ولفت عبدالقادر إلى أنه وللمرة الأولى يجري تنسيق بين حركتي فتح وحماس «بهذا الشكل المكثف والمركز».
من جهتها، دعت حركة حماس إلى يوم غضب ونفير عام اليوم احتجاجاً على تدشين كنيس الخراب، وقالت في بيان صحافي إن «يوم 16 مارس يوم غضب ونفير عام». كما دعت «الشعب الفلسطيني في أماكن وجوده كافة، وأهلنا في القدس المحتلة والشعوب العربية والإسلامية إلى التحرك نصرة للقدس والأقصى».
وأضاف البيان أن «إعلان الاحتلال تدشين ما يسمى كنيس الخراب بالقرب من أسوار المسجد الأقصى، ليكون مقدمة وتوطئة لوضع حجر الاساس للهيكل الثالث المزعوم يعد سرقة للمعالم الاسلامية وجريمة بحق القدس والاقصى».
وتابع أن «بناء ما سمي كنيس الخراب ومحاولات بناء الهيكل المزعوم على انقاض المسجد الاقصى لن يمر من دون حساب»، مؤكداً أن «الشعب الفلسطيني ومعه شعوب الامة العربية والاسلامية سيقفون سداً منيعاً في وجه الغطرسة الصهيونية».
بدوره، قال مدير أوقاف القدس الشيخ عزام الخطيب إن «الوضع في المسجد الاقصى يبقى هادئاً مادام باب المغاربة مغلقاً»، في إشارة إلى الباب الذي تسمح منه الشرطة الاسرائيلية بدخول السياح واليهود إلى باحات الاقصى. وأضاف «لقد بلغتنا الشرطة رسمياً بأنها لن تفتح الباب حالياً، وهذا مطمئن من ناحية، لأنه لن يكون هناك احتكاك».
سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر |
في غضون ذلك، أعلنت الشرطة الاسرائيلية أمس الإبقاء على حالة التأهب في القدس المحتلة والاستمرار لليوم الرابع على التوالي في حظر دخول الرجال دون الخمسين عاماً إلى باحة المسجد الاقصى.
وقال المتحدث باسم الشرطة ميكي روزنفيلد «نظراً إلى خطر حصول اضطرابات نبقي على حال التأهب وعلى القيود المفروضة على الدخول الى جبل الهيكل (باحة المسجد الاقصى)».
وأضاف المتحدث أن قرار منع الدخول إلى باحة المسجد الاقصى لا يسري على النساء المسلمات، ولكن «سيمنع دخول الزوار من ديانات أخرى». وأوضح روزنفيلد أن تعزيزات كبيرة أرسلت إلى القدس المحتلة، حيث انتشر 2500 عنصر من الشرطة وحرس الحدود، بينهم المئات في المدينة القديمة.
ومنذ الجمعة الماضي تمنع إسرائيل دخول الرجال الفلسطينيين دون الخمسين عاما إلى باحة الاقصى.
على صعيد آخر، أكد رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو أمام الكنيست أمس ان الاستيطان سيستمر في القدس المحتلة. وقال نتنياهو امام وفد برلماني من أعضاء حزبه الليكود إن «البناء سيتواصل في القدس كما كان في السنوات الـ 42 الماضية». وبالمقابل، سارعت الرئاسة الفلسطينية الى الرد على نتنياهو، وأعلن المتحدث باسمها نبيل ابو ردينة ان «أي مفاوضات لن تجري مع استمرار الاستيطان». وقال ان «هذه السياسة لن تخلق المناخ المناسب لاستئناف عملية السلام».
وكانت تصاعدت حدة التوتر الليلة قبل الماضية في القدس المحتلة، واندلعت مواجهات بين شبان فلسطينيين وقوات حرس الحدود والشرطة الإسرائيلية في البلدة القديمة بعد اقتحام العشرات من أفراد الشرطة الإسرائيلية المسجد الأقصى بعد صلاة العشاء وأخرجوا عنوة عشرات المعتكفين من داخله. وفي الضفة، أصيب سبعة فلسطينيين على الأقل أمس خلال مواجهات مع جيش الاحتلال اندلعت عند حاجز عطارة شمالي مدينة رام الله، وذلك بعد مسيرة انطلقت من بيرزيت باتجاه حاجز عطارة شارك فيها طلبة من المدارس وجامعة بيرزيت احتجاجاً على ما يجري في القدس