تخطى إلى المحتوى
الرئيسية » سيف بن زايد:أخطر ما في الإرهاب الحديث هو استخدامه لتقنيات العصر

سيف بن زايد:أخطر ما في الإرهاب الحديث هو استخدامه لتقنيات العصر 2024.

الإرهاب وانخفاض أسعار النفط خطران يهددان السلم والاستقرار العالمي
سيف بن زايد:
أخطر ما في الإرهاب الحديث هو استخدامه لتقنيات العصر

خليجية


24 ـ دبي ـ أحمد سعيد

أكد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية الفريق الشيخ سيف بن زايد آل نهيان، أن أخطر ما في الإرهاب الحديث هو استخدامه لتقنيات العصر وتسخيرها لبث روح الكراهية للآخر، والفكر الإقصائي الداعي إلى العنف، بما ينتج جيلاً مشوّهاً ويبني أسراً مناهضة لفكرة الوطن والصالح العام، رابطاً نجاح وفاعلية حكومات المستقبل بقدرتها على مواجهة هذه الآفة ومعالجة مصادرها وقائياً ؛ عبر تعزيز روح المواطَنة الإيجابية.
وقال خلال كلمته في القمة الحكومية اليوم الإثنين، إن أبرز ما يشغل الرأي العام العالمي اليوم هما، قضيتا الإرهاب وانخفاض أسعار النفط، نظراً لما يشكلانه من تهديد خطر على السلم والاستقرار العالمي، لافتاً إلى أن هذا التهديد لا يُمثل أزمة بالنسبة للإمارات؛ بل مجرد تحدٍ يمكن التعامل معه بفضل السياسة العلمية الفاعلة التي تتبناها الحكومة في ظل قيادة الوطن الرشيدة، حيث عملت على تنويع مصادر الدخل لتقليص حجم الاعتماد على النفط، كما غرست القيادة منذ نشأتها روح التسامح والانفتاح والاعتدال في نفوس أبنائها حتى غدت السمة العامة للمجتمع الإماراتي بمختلف شرائحه.

جاء ذلك خلال الجلسة الرئيسية التي شارك بها للمرة الثالثة على التوالي في افتتاح فعاليات القمة الحكومية التي عقدت في دبي اليوم (الإثنين) تحت شعار (استشراف حكومات المستقبل) ، بحضور نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، ونائب رئيس مجلس الوزراء وزير شؤون الرئاسة الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، ووزير الخارجية الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، وعدد من الشيوخ ومعالي الوزراء وكبار الشخصيات الدولية الى جانب حشد واسع من المدعوين.

وقدم في مستهل حديثه صورة حيّة لواقع المواطَنة الإيجابية في الإمارات، مصطحباً معه إلى منصة العرض نخبة من الطلبة الإماراتيين المبدعين، ونخبة من المنتسبين للخدمة الوطنية، كنموذج لروح المواطنة القائم على التميز والتفوق والابداع بما يرفد الوطن بالإنجازات والأعمال المشرفة، مثنياً، بالشكر والامتنان، لدعم ورعاية ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الفريق أول الشيخ محمد بن زايد آل نهيان لشباب الوطن وجنوده، كما وجه الشكر لأولياء أمور الطلبة المبدعين الذين نجحوا في توفير البيئة الملائمة لابنائهم وغرس قيم التميز والولاء للوطن وقيادته الحكيمة.

واستعرض صورة قديمة معبّرة لمجموعة من شباب الوطن خلال ابتهاجهم واحتفائهم بحياتهم البسيطة وقتها؛ قائلاً: إن روح المواطنة الإيجابية والتفاؤل والأمل بمستقبل مشرق زاهر ظلت حلماً يراود أبناء الوطن وقادته؛ ولم تتمكن صعوبة الحياة وشحّ الموارد في الماضي من ثني عزمهم على مواصلة البناء، مؤكداً سموه أن المواطنة الإيجابية تتمثل في التفاعل بروح إيجابية، وأنها الركيزة الكبرى في نجاح حكومات المستقبل ولحمة الشعوب ونمائها.

واستقصى جذور فكرة المواطنة عبر التاريخ بدءاً من الحضارة اليونانية في القرن الرابع (ق.م) كما ظهرت صورها الأولى أكثر وضوحاً لدى الفيلسوف اليوناني الشهير افلاطون، والتي عبّر عنها في كتابه (المدينة الفاضلة) بوصف أن التعليم والتربية مرتبطان بالدولة، وما يتعلمه المواطن ليس لذاته؛ بل لغرض حماية الدولة وتحقيق الانسجام والتكامل الشاملين بين اركانها، مشيراً إلى استمرار تطور مفهوم المواطنة مع ثبات ارتباطه بصالح الوطن والمجتمع، وصولاً إلى القرون الحديثة، حيث قال الرئيس الأمريكي في القرن الماضي (جون كيندي) مقولته الشهيرة مخاطباً مواطنيه "لا تسأل ماذا قدم لك وطنك بل سلْ ماذا قدمته أنت لوطنك"، وتأسيساً على ذلك قال الشيخ سيف بن زايد "إن المواطنة أكثر من مجرد انتماء يتم إثباته بالأوراق الثبوتية، وهي ليست التغني بالولاء والانتماء القولي فقط، وانما ممارسة الولاء والاعتناء بالوطن ومصالحه العليا على نحو وثيق ومستمر في مختلف الظروف والأوقات، وفي ارتباط مصيري لا يقبل الانفصام.

واستشرف أبرز التحديات التي تواجه حكومات المستقبل قائلاً: "إنها ذات التحديات التي تواجه معظم حكومات العالم أجمع القائمة اليوم؛ كون تلك التحديات ذات طبيعة متغيرة على نحو مستمر وتزداد تعقيداً وخطورة لارتباطها بمستجدات العلوم وأنساق المعرفة الإنسانية والتطور البشري، لكن سموه اعتبر أن مسألتي الإرهاب وانخفاض أسعار النفط يقعان في قمة سلم تلك التحديات المؤثرة على استقرار العالم وأمن شعوبه، وسلط الضوء على كيفية مواجهة هاتين المعضلتين عبر ثيمة "المواطَنة الإيجابية".

الإرهاب
وقال إن الارهاب جريمة قديمة قِدَم التاريخ البشري، وقد عانت غالبية الشعوب والحكومات من هذه الآفة بشكل أو بآخر ولم تزل، ولقد تنوع وتدرج الإرهاب في أشكاله ومستوياته، إلا أنه يمكننا تقسيم الإرهاب إلى مرحلتين واضحتين (قديم وجديد)، بالاستناد إلى تحليل أدواته، وليس محركاته؛ لأن مصادر الإرهاب وبواعثه تكاد تكون واحدة تقوم على التعصب والتطرف والكراهية والجهل وغيرها، بيد أن الإرهاب القديم استخدم أسلحة تقليدية استهدفت التخريب المادي المباشر؛ فيما راح الإرهاب الجديد يستهدف العقول والأسرة والمجتمع عبر ترسانة من الأسلحة الحديثة، التي أضاف إليها ما أنتجته علوم العصر من تقنيات وأدوات أكثر فتكاً بالناس من سابقها، فاستخدام الشبكة العنكبوتية وما تحتويه من وسائل التواصل الاجتماعي أفسح المجال أمام المجرمين وصناع الإرهاب للوصول إلى عقول النشء والشرائح المجتمعية كافة؛ وعلى نحو أشمل وبث سمومهم الفكرية، لينتج أجيالاً مشوهة الفكر ويؤسس أسراً قائمة على التعصب وتعشش فيها الكراهية ولا تستولد إلا نفسها؛ كما لا يمكنها الإسهام بشيء إيجابي في مجتمعاتها سوى العمل على تقويضه وزعزعة أمنه واستقراره.

ودلّل على الوعي والإدراك المبكر لدى قادة الإمارات بهذه التحديات وحتى قبل ظهورها، فعرض سموه فيلماً يظهر المغفور له "بإذن الله" الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان متحدثاً إلى مجموعة من طلبة جامعة الإمارات قبل عقود من الزمن؛ منبهاً إياهم ومحذراً من تيارات فكرية خارجية ومسمومة، وطالباً منهم الحذر منها. وعلق الشيخ سيف بن زايد بالقول: "لقد أدرك "رحمه الله" تلك المخاطر السابقة لأوانها، كما أدرك أهمية اللقاء والتواصل المباشر والمستمر والتناصح بالخير، لتعزيز روح المواطنة الإيجابية لدى جيل الشباب بناة المستقبل.

وأوضح أن محاربة الفكر الإرهابي مسؤولية جماعية ومشتركة، تبدأ من الأسرة والبيت عبر نشر وإشاعة الفكر والوعي المناهض لقواعد الإرهاب، وترسيخ القيم الإيجابية الأصيلة في مجتمعنا الإماراتي القائم على التسامح والوسطية والاعتدال، وتمر بدور الموظف الحكومي المناط به تأدية واجباته بشكل صحيح، وتقديم أفضل سبل ومستوى الخدمة العامة، وقبول فكرة التغيير والتطوير؛ بغض النظر عن كم العمل الموكل إليه، مشيراً سموه إلى دور الشركاء المقيمين على أرض الوطن؛ وأهمية ضلوعهم في تعزيز روح المسؤولية الفردية والمشاركة المجتمعية، ودور القطاعين، الحكومي والخاص، في تعزيز أوجه الاستثمارات البشرية والمادية وتبني ثقافة العمل التطوعي البناء.

وناشد المجتمع الدولي وضع أطر ومفاهيم حديثة للإرهاب؛ لا تعتمد فقط على القوانين والإجراءات الجنائية، بل تتعداها إلى معالجات معمّقة لمصادر ومحركات الإرهاب وقائياً. ومحاسبة مموليه ومروجيه وبعض الساسة القائمين على رعايته بوصف اعمالهم جرائم حرب ضد الانسانية، خاصة مع الزيادة المضطردة في جرائم الارهاب التي بلغت بين العامين 2024 و 2024 نحو 60%، ضاربا سموه مثلا بقيام "داعش" وفقا لوسائل الاعلام المختلفة ببيع كميات نفطية بأحجام يومية هائلة، ما يستدعي محاسبة المشترين الذين يساهمون بفعلتهم هذا في تمويل عملياتها الارهابية.

الإعلام
وتطرق إلى أهمية الإعلام في تعزيز جهود مواجهة الإرهاب قائلاً "إن للإعلام دوراً مهماً كونه من أكثر الأدوات الحديثة تأثيراً في عقول البشر؛ وتغيير أنماطهم السلوكية واتجاهاتهم الفكرية، ومن هنا نُثمّن في الإمارات دور المؤسسات الإعلامية والعاملين فيها لما يقومون به من جهود مشكورة في كشف الحقائق؛ وإشاعة الوعي الهادف إلى لُحمة المجتمع وتمتين روابطه، داعياً إلى تبني مزيدٍ من المبادرات والوسائل الرامية إلى بث روح المواطنة الإيجابية في المجتمع والإسهام بشكل أكبر في الحرب على الإرهاب، وكشف زيَّفه وطرائقه في التلاعب بعقول الناس وخداعهم بأساليبه العاطفية.

انخفاض أسعار النفط
واعتبر الفريق الشيخ سيف بن زايد آل نهيان انخفاض أسعار النفط أزمة بالنسبة لغالبية دول العالم؛ لكنه بالنسبة للإمارات يعدّ مجرد تحدٍ، نظراً للسياسات الرشيدة والتخطيط العلمي للمستقبل قائلاً: "إن الإمارات محظوظة بنفطها لكنها محظوظة أكثر بقيادتها"، وأوضح أن "اقتصاد الإمارات كان يعتمد في البدايات على النفط بنسبة 90% واليوم أصبح الاعتماد عليه بنسبة 30%، وتسعى حكومتنا للوصول إلى نسبة 5% بحلول العام 2024.

وأضاف أن الإمارات نشطت في تنويع مصادر الدخل القومي؛ فأنشأت أربعة صناديق سيادية، أحدها يتصدر الرقم الثاني عالمياً ، وبرز فيها مطار دبي الدولي بكونه الأول على مستوى العالم، باستيعابه 70 مليون مسافر سنوياً، وتحتل إمارة دبي المرتبة 12 عالمياً باستقبالها 10 ملايين سائح سنوياً، مشيراً سموه بأن ذلك كله لم يتأتَ من فراغ بل نتيجة القيادة الحكيمة وعزيمة أبناء الوطن على مواصلة البناء ومواكبة التطورات بروح المواطنة الإيجابية، مستعرضاً سموه كلمة مصورة للفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان؛ ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، وهو يقول: "إن الاستثمار الحقيقي في الأبناء وليس في مجال النفط"، وعقّب سمو الشيخ سيف بن زايد على ذلك بالقول الموجه للحضور "إنك غنيٌّ إذا استخدمت عقلك واستثمرت في عقول أبنائك كما فعلت الإمارات" كما استحضر سموه مقولة سمو ولي العهد حين قال "إننا ننظر إلى المستقبل بتفاؤل حتى مع تصدير آخر شحنة نفط من بلادنا، لأن شباب هذا الوطن هم ثروته الحقيقية التي استثمر فيها كثيراً".

سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر

وأضاف أن مؤشرات في مجال الاقتصاد العالمي اليوم تثبت اهمية الاستثمار في العقول التي تبنتها قيادتنا منذ عقود، موضحا ان اكبر عشر شركات عالمية ليس بينها سوى شركة نفطية واحدة فيما تتصدر الشركات العاملة في مجال الاتصال والبرمجيات والتقانة.. غالبية تلك القائمة.

وتابع قائلاً: إن للمواطنة الإيجابية دوراً مهماً في مواجهة هذا التحدي المتمثل في انخفاض أسعار النفط؛ وذلك بكونه تحدياً مشتركاً ويقتضي مسؤولية مشتركة أيضاً،
فللبيت دورٌ في رفع مستوى التعليم لدى الأبناء والحفاظ على مكتسبات الوطن وتعظيم منجزاته المادية والمعنوية، وللموظف الحكومي دوره في الإبداع والإنتاج والعمل بروح الفريق مع الأخذ بعين الاعتبار قياس الإنتاجية.

وشدّد على أهمية استلهام روح القيادة الاستثنائية والحكمة والعزيمة والإصرار على النجاح وغيرها من الركائز؛ والقيمة الإنسانية النبيلة التي يَمدُّنا بها دوماً صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة "حفظه الله"، مستشهداً بمقولة قائد الوطن: "إن ما وصلت إليه الإمارات لم يكن طريقاً مفروشاً بالورود؛ بل مرت بتجارب صعبة تجاوزناها، بتوفيق من الله، بالعمل والتآلف والتعاون".

وخلص إلى القول "إن المواطَنة الإيجابية أساس كل نجاح، وهي مصدر كل فاعلية؛ ولنا في الشعب المصري الشقيق مثالٌ حيٌّ وواضحٌ؛ على أرقى صور هذه المواطنة الإيجابية، فرغم كل التحديات التي تواجه طريقه وأمنه واستقراره فقد تسابق هذا الشعب مؤخراً للاكتتاب في مشروعه القومي الكبير "قناة السويس"، معبّراً عن التفافه الصادق والصارم حول قيادته ما يدفع بدوره زهاء المستقبل.

وأنهى قائلاً: "الأمن .. جودة الخدمات.. والاستقرار.. هي النتائج الطبيعية والحتمية للمواطَنة الإيجابية"
كادر

طائرة الزمن
في لفتة أبهجت الحضور، وصف الفريق الشيخ سيف بن زايد سرعة التطور والنماء في دولة الامارات على نحو مناقض للتعبير السائد (قطار الزمن الواجب على الناس لحاقه والا تراجعوا وتخلفوا) قائلاً "إن ما نشهده في الإمارات بفضل سرعة خطى قائد المسيرة سيدي صاحب السمو رئيس الدولة "حفظه الله" وسمو نائبه "رعاه الله" ، جعلانا لا نسابق قطاراً بل طائرة يجدر بنا جميعاً اللحاق بها، معرباً عن ثقته بأن المجتمع الإماراتي وبما يمتاز من روح مواطنة ايجابية وتفوق اخلاقي وعلمي وحضاري سيتمكن من ادراك تلك السرعة الفائقة نحو آفاق المستقبل".

خليجية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.