حوادث دهس الأطفال من الأقارب.. يدمي القلوب ويقطع الأرحام
الاتحاد- تحقيق: هدى الطنيجي
تترك حوادث المركبات القاتلة التي ينتج عنها فقد أحد الأقارب والأحباب آثاراً مريرة في نفوس ذوي المفقودين، وبحسب الدراسات التي أجريت مؤخراً، فإن وقوع هذه الحوادث يكون أكثر إيلاماً إذا كان المتسبب فيها أحد أقارب الضحية، حيث لا تقتصر الآثار في مثل هذه الحالات على مشاعر الحزن التي تنتاب الجميع بل تتخطى ذلك إلى التأثير المباشر على العلاقات بين الأقارب المتسببين، وبقية أفراد العائلة، وتبذل الجهات المعنية جهوداً كبيرة للتعامل مع مثل هذه الحالات، عبر ما يطلق عليه إعادة التأهيل النفسي لأطراف تلك الحوادث، لتقبل الأمر الواقع من جهة، وكذلك ضرورة الحفاظ على الأواصر والعلاقات الأسرية، انطلاقاً من الثوابت الاجتماعية، وتعاليم ديننا الحنيف، باعتبار أن تلك الحوادث قضاء وقدر، حتى وإن كانت قد وقعت نتيجة أخطاء أو إهمال الطرف المتسبب.
حوادث المنازل
وقد شهدت إمارة رأس الخيمة خلال الأشهر الأربعة الماضية حوادث داخل فناء المنازل أسفرت عن وفيات أطفال منها التي وقعت في شهر أكتوبر الماضي، والتي شهدت وفاة طفل آسيوي يبلغ العمر ثمانية أعوام، تحت عجلات مركبة شقيقة الأكبر، أثناء محاولته الرجوع إلى الخلف، مما تسبب في تعرض الطفل لإصابات أسفرت عن وفاته في منزلهم بمنطقة المعمورة.وفي الحادثة الثانية التي وقعت خلال شهر نوفمبر الماضي، لقي طفل مواطن يبلغ من العمر عاماً ونصف العام حتفه تحت عجلات مركبة خالته، وذلك في منطقة الغيل جنوب الإمارة أثناء رجوعها إلى الخلف.
أما الحادثة الثالثة، التي وقعت في شهر يناير الماضي، فتمثلت بوفاة طفلة مواطنة ذات أربعة أعوام تحت عجلات مركبة عمها أثناء وجود الطفلة في المنزل.
برامج توعية
وأشار المقدم مروان عبد الله جكة مدير إدارة الإعلام والعلاقات العامة في القيادة العامة لشرطة رأس الخيمة، إلى أن حوادث دهس الأطفال لا تعد ظاهرة، وإن وجدت ففي هذه الحالة يكون لها الأثر النفسي الكبير على المتسبب في الحادث بجانب تدهور وضع الأسرة التي فقدت فلذة كبدها.
وذكر أن شرطة رأس الخيمة تسعى دائماً ومن خلال البرامج والحملات التي تنظمها وتطلقها إلى رفع الوعي المروري لدى جميع شرائح المجتمع، للعمل على إيجاد الشوارع والمناطق الخالية من الحوادث المؤسفة التي تخلف الإصابات والوفيات.وأشار إلى أن الشرطة تهدف من خلال الحملات الدعوة إلى ضرورة الانتباه إلى الأطفال أثناء وجودهم في مختلف المواقع ومنها المنازل، وداخل المركبات عن طريق التوجيه والتوعية والانتباه إليهم ومراقبتهم، إذ إنهم قد يقدمون على ارتكاب بعض السلوكيات التي تسفر عن تعرضهم إلى حوادث مؤلمة، بجانب تحذير الوالدين في حال وجود مركبات داخل المنزل من أخذ الحيطة أثناء تشغيلها والرغبة في الرجوع بها إلى الخلف، والتأكد من عدم قرب الأطفال منها لتفادي تعرضهم إلى الدهس.
ودعا إلى ضرورة استخدام سائقي المركبات للحساسات والكاميرات الخلفية التي تتواجد في المركبة أثناء بدء تشغيلها مع ضرورة العمل على إيجاد مواقف المركبات خارج المنزل وإن تواجدت في الداخل يتوجب مراقبة الأطفال عن كثب، والعمل على صف المركبة بوضعية الرجوع لكي تكون الرؤية واضحة بشكل جيد للسائق.
تأثيرات نفسية
وأشارت الملازم منى العلي الاختصاصيةالنفسية في القيادة العامة لشرطة رأس الخيمة، إلى أن الحوادث الأكثر ألماً وأشد وطأة على النفس هي التي يتسبب بها أحد الأقارب، وينتج عن هذه الحادثة على الرغم من فقدان العائلة للمتوفي، تدهور الحالة النفسية للمتسبب وتوجهه نحو مقاطعتهم مع وجود الرغبة الكبيرة في العيش بمفرده بعيداً عن مخالطتهم لتجنب تذكر ما جرى من أحداث.
وعلى صعيد العمل، تسهم هذه الحوادث في تراجع الطاقة الإنتاجية للمتسبب في الحادث، خاصة في حال احتلاله وظيفة معينة بجانب توجهه إلى ارتكاب عدة سلوكيات لنسيان ما جرى، حيث إن هذه الواقعة تدخله في حالة اكتئاب شديدة ورغبة في اعتزال العالم، نتيجة الإحساس بالخطأ والذنب وفقدان الثقة بالنفس.
وأضافت أن هذه الحالة تتطلب متابعة من قبل الاختصاصيين النفسيين والاجتماعيين، للعمل على إعادة تأهيله للحياة بكل تفاؤل وإيجابية، وتدمير الأفكار التي تكاثرت وتوالدت لديه والمتمثلة في تسببه بإدخال الحزن إلى العائلة وأنه شخص غير مرغوب فيه وغيرها من الأمور، إلى جانب العمل على إعادة علاقته بأقاربه لمنع التسبب في تدهور حالته النفسية وإعادة الثقة إليه من جديد.
رقابة مشددة
وأشارت أسر إلى أن حوادث الدهس التي تعرض الأطفال للوفاة دفعتهم إلى توجيه المزيد من الاهتمام والرقابة على أطفالهم خاصة في حال وجود المركبات داخل المنزل؛ لأن فقدان الأطفال له آثار وجوانب نفسية كبيرة على المتسبب وعلى الأسرة.
الجفاء الأسري
وأشار إبراهيم الشحي إلى أن الحوادث التي تقع في المنزل وتسفر عن فقدان الوالدين أحد فلذات الأكباد، تأتي نتيجة للإهمال وعدم المراقبة المكثفة الموجهة إليهم، حيث إن الطفل قد يقدم على ارتكاب بعض من السلوكيات، التي تفقده حياته أو تعرضه إلى الإصابات الخطيرة ومنها حوادث الدهس من قبل المركبات.
وذكر أن حوادث الدهس قد تقع في الكثير من الأحيان نتيجة رجوع السائق بمركبته إلى الخلف دون التأكد من من عدم وجود أطفال بالقرب منها، الأمر الذي يسفر عن تعرضهم للإصابات البالغة، هذا ما يسفر عن وفاتهم أحياناً.
وأشار إلى أن فقدان الأطفال نتيجة الحوادث له الأثر الكبير خاصة على الوالدين، فالطفل أثناء وجوده في المنزل هو مصدر الفرحة والسعادة للجميع، وبمجرد فقدانه يسهم ذلك في دخول أفراد أسرته في حالة من الضيق والحزن الشديد، وفي حال تسبب أحد الأقارب بذلك، فإن الأمر يكون شديد التعقيد نتيجة إلى إسهامه في الجفاء الأسري وقطع أواصر العلاقات الأسرية والاجتماعية.
سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر |
حوادث قد تؤدي إلى الانحراف
قالت فاطمة المرزوقي، إن الشخص الذي يتسبب في وفاة أحد أقاربه خاصة من الأطفال قد يؤدي ونتيجة لإحساسه بالخطأ والذنب الكبير في اتجاهه إلى اتخاذ سلوكيات عدة قد تضر به وبمن حوله من أفراد المجتمع، منها مخالطة رفقاء السوء والعمل على تعاطي المهدئات والمسكنات التي يعتقد أنها قد تنسيه ما حدث، وفي بعض الأحيان الاتجاه إلى تعاطي المخدرات، الأمر الذي يسفر عن خسائر ومخاطر جسيمة جراء حالة اليأس التي تمكنت منه.وذكرت أن هذه الواقعة، تتطلب تعاون الجهات المعنية، وأهالي الأسر التي فقدت أطفالها من خلال الاقتراب من الشخص المتسبب، وإقناعه بأن ما حدث هو قضاء وقدر للعمل على مساعدته في تخطي المحنة وتقليل إحساسه بالذنب.
مواقف المركبات خارج المنازل
أشار نادر المندوس، إلى أنه للتقليل من نسب وقوع حوادث الدهس داخل المنازل، يجب تخصيص مواقف المركبات في الخارج، مع ضرورة الانتباه والرقابة على الأطفال، مشيراً إلى أن المركبات الحديثة أصبحت توفر مميزات عدة، منها الحساسات إلى جانب الكاميرات الخلفية التي تستدعي الانتباه والتركيز من عدم وجود الأطفال بالخلف أو بالقرب منها.
نصائح مهمة:
* تركيب حساسات وكاميرات خلفية
* صف المركبة بوضعية الرجوع في كراج المنزل
* إيجاد مواقف للسيارات خارج المنازل
مراقبة الأطفال عن كثب
* تفقد الكراج وتأكد خلوه من الأطفال