عبدالله السبب: غياب الشعراء الإماراتيين·· مدبر!
الاتحاد الثقافي/ سلمان كاصد:
* كيف تصف لنا المشهد الشعري في الإمارات الآن؟
** المشهد الشعري في الإمارات مازال في أوج عافيته.. فأجيال من الشعر تتعاقب، تتوزع في مدارس وأنماط واتجاهات متعددة ومختلفة، إلا أن شيئاً ما يربط فيما بينها، هو الشعر ذاته.. لذلك، مازال الشعراء يؤسسون حدائق لهم ويؤثثونها بقصائد وأنفاس تعبر بصورة أو بأخرى عن المشهد الشعري الإماراتي الولود.. فالإصدارات الشعرية تتوافد على الساحة الثقافية المحلية والعربية بإمضاءات واهتمامات مختلفة، سواء من خلال مؤسسات ثقافية معنية بالإصدارات الأدبية أو من خلال الشعراء أنفسهم الذين يتكبدون عناء الإصدارات الخاصة بما يترتب عليها من تكاليف باهظة بالنسبة للمثقفين ذوي الدخل المحدود والمرصود قبل أن يكون في حوزة أصحابه.
* هل ترى أن ثمة قطيعة بين حركة الشعر في الإمارات والصحافة الثقافية؟
** لا ندعي القول بأنه ثمة قطيعة مطلقة بين حركة الشعر والصحافة الثقافية في الإمارات، كما لا يمكن لنا الإدعاء بأن الحميمية قائمة بينهما.. فالمسألة تأخذ في حركتها بين مد وجزر، بين الشعراء من جهة والصحافة الثقافية من جهة أخرى.. إننا بحاجة ماسة إلى مصالحة جادة بين الطرفين معاً، فليس منطقياً أن نلوذ بالفرار إلى الصحافة العربية التي ربما لن تعيرنا اهتماماً بسبب عدم وجود قاعدة صلبة لنا في صحافتنا المحلية، كما ليس من اللائق أن تفتح الصحافة ذراعيها، فيما نحن نكتفي بمصافحة نتاجات الآخرين، فيما نتاجاتنا تظل حبيسة الأدراج أو على طاولة المقاهي الملطخة بروائح التبغ أوالكلام الذي لا طعم له أو لون أو رائحة. إذن، هل يمكننا أن نجد في يوم ما، وعبر صفحات صحافتنا الثقافية الأسبوعية، وبشكل دائم، إعطاء ملامح واضحة المعالم عن السيرة الأدبية للمبدع الإماراتي، بالإضافة إلى نشر نتاجاته الأدبية مهما كان تصنيفها أو المدرسة التي يتبعها؟! نأمل ذلك، لأننا طالما تحدثنا عن ذلك مراراً منذ أمد بعيد دون أن تكون هنالك أذن صافية وصاغية بشكل فاعل وأمين!
ماذا يكتب عبدالله السبب الآن؟
”ليالي الساهر على شوقه” مشروع كتابي خاص، كما أعمل على إدراك استحقاقات العام 2024م من النشر الأدبي على الصعيد الشخصي من خلال العمل على إنجاز الجزءين الأول والثاني من سلسلة (الرسائل)، وأيضاً الأجزاء الثلاثة من سلسلة (الشاعر).. وعلى الصعيد العام من خلال موقعي في اتحاد كتاب وأدباء الإمارات بحكم رئاستي للجنة التأليف والنشر، لاسيما وعام 2024 م هو عام الهوية الوطنية.
كيف تنظر إلى تجربتك الشعرية؟
أنظر إليها كما لو أنظر إلى صورة وجهي في المرآة! أراها بمنظار تاريخي قائم على جغرافيا خاصة جداً بالأنفاس التي تعلو وتنفض في قصائدها وروحها الشعرية، منظار ليس له علاقة بالنظرة الأحادية الطابع أو بالانطباعات الناجمة عن نظرات الآخرين المصوبة والقائمة على علاقات مبنية على صداقات أو عداءات تفرضها إفرازات الحياة الثقافية الأدبية، الأمر الذي يجعلهم يشهرون تجاهها مقاييس خاصة يُشَرِّحُونَ خلالها الأعمال الأدبية، والشعرية بشكل خاص طبقاً لتلك العلاقات! إذن، الأمر بالنسبة لي متوقف على تقسيمات زمنية أو موضوعية تتناولها القصائد، ولا توجد معايير خارجة على قانون الجاذبية الأرضية يمكن اللجوء إليها والاستعانة بها في التعامل مع تجربة الشعر الحر بأنفاسه وجوارحه.
بماذا تفسر غياب الشاعر عن الساحة الثقافية في الإمارات؟
وأين موقع تلك الساحة الثقافية من الإعراب؟! إذا كان الأمر معنيا بالصحافة الثقافية فقد تحدثنا عنه قبلاً، وإذا كان غير ذلك، فلنبحث معاً عن تفاصيل تلك الساحة؛ فبعض المؤسسات الثقافية معنية بذلك الغياب المدبر، في حين أن البعض بريء من ذلك الغياب الذي يمارسه الشعراء أنفسهم، إما بأسباب تشفع لهم غيابهم المر الناجم عن منغصات اجتماعية أو اقتصادية مثلاً، وإما بأسباب واهية وأشد وهنا من خيوط العنكبوت! ثم..
ثمة فئة اتجهت طواعية أو كرهاً للوقوع في الشباك الإلكترونية وتسجيل حضورها السهل وغير الآمن في معظم حالاته، باستثناء بعض الشبكات الإلكترونية التي تديرها عناصر منشغلة أساساً بالهم الثقافي.
بيئة شعرية
ما هي أهم الموضوعات التي تهتم بها في شعرك.. ولماذا؟
إنني أنتمي إلى بيئة شعرية حاضنة لشتى المواضيع دون الركون إلى موضوعات بعينها.. ففي كل مجموعة أصدرتها، ثمة مواضيع وثيمات مختلفة عما يدور في ردهات المجموعة الشعرية الأخرى.. وفي كل تجربة شعرية أوثقها في إصدار، لا ألتفت إلى ما يثيره النقاد أو أشباههم فيما يتفوهون به على صدر الصفحات أو بين سطور الكواليس المكهربة.. فالنقاد منجمون، ولا حاجة لي بالإيمان بنجومهم وما تسره لهم في سرهم أو نجواهم!
أي الأنماط الشعرية أقرب إليك.. ولماذا لم يحاول الشعراء الإماراتيون إقامة المهرجانات الشعرية؟
قصيدة النثر هي أقرب الأنماط الشعرية التي أبذر خلالها ما يختلج في النفس وما يدور في خلد الأيام، غير أن أنماطاً أخرى أمارس فيها حضوري كلما ارتأت القصيدة ذلك.. كالقصيدة العامية مثلاً، أو الكلاسيكية الناطقة بروح الحداثة، وكذلك أناشيد الأطفال. أما فيما يخص المهرجانات الشعرية، فلا أظن أن الشعراء الإماراتيون معنيون بإقامتها من تلقاء أنفسهم، هكذا دون أن يكون ذلك من خلال مؤسسات ثقافية معنية بالمهرجانات الأدبية بوجه عام، إذ لا توجد جمعية للشعر بصورته المطلقة وبتفاصيله وأنماطه المتباينة الأشكال والصور والأنفاس، حتى يتسنى للشعراء إقامة المهرجانات حسب اللون الذي ينتمون إليه أو ينتمي إليهم.. سيان!
ما هي مشروعاتك على المدى القريب؟
عام 2024 م عامر بالرؤى والأفكار والطموحات التي لا حدود لها ولا عائق، فهنالك ”المرايا تُحَدِّثُ أخبارها” مجموعة شعرية أنتظر صدورها عن دائرة الثقافة والإعلام في الشارقة، كما أحضر لإصدار مجموعة شعرية أخرى ”أو”، وكتاب آخر ”الكتابة وضواحيها” يجمع ما بين القصة والشعر والكتابات النثرية الأخرى.
البقعة الخضراء
كيف تصف لنا الشعر الإماراتي في خريطة الشعر العربي؟
سؤال مشروع يسجل حضوره في كل نقاش معني بالبقعة الخضراء التي تقف عليها الحركة الأدبية الإماراتية بشكل عام والشعر على وجه الخصوص في خارطة الشعر العربي من الماء إلى الماء! ولأن الإجابة كذلك مشروعة، فإننا نشير قبلاً إلى أصابع اليد الواحدة التي يعد عليها عدد الشعراء المعروفين لدى القارئ العربي، بحكم بدايات الانطلاقة الإعلامية للبعض في مستهل الدولة الاتحادية، كذلك فإن المعرفة الشخصية من قبل البعض، أو المنصب الثقافي الذي أتيح للبعض الآخر، رسم صورة الشاعر الإماراتي على خريطة الشعر العربي، فكيف للبقية الباقية من الشعراء الذين لا يجدون لهم متنفساً حقيقياً في خريطة الإعلام المحلي؟
وهنا يتبادر إلى ذهننا مقترح من شأنه إثارة الماء الراكد منذ سنين: إذن.. ماذا يضير وسائل الإعلام المقروءة، وبخاصة الصحف المحلية وبالتعاون معاً ـ حيث اختلاف أمزجة القراء تجاه الصحف التي تميل إليها ذائقتهم القرائية ـ نقول ماذا يضير لو خصصت الصحف سنوياً لفئة من الفئات الأدبية (اثنان وخمسون أسبوعاً طوال العام).. فعام للشعر، ومن خلاله تصدر أسبوعياً مجموعة شعرية لأحد الشعراء من خلال مختارات من شعره برفقة نبذة مختصرة من سيرته الشعرية.. وهكذا بالنسبة للقصة والرواية والمسرح، إلخ… بحيث يكون لدينا سنوياً اثنان وخمسون إصداراً أدبياً.. فبذلك نكون قد ساهمنا في نشر الكتاب المحلي داخليا وخارجيا، وصنعنا حراكاً ثقافياً أدبياً دائماً طوال العام، وكذلك وضعنا بصمتنا في خارطة الأدب العربي، وتخلصنا من سطوة العزلة الجبرية أو الاختيارية للكتاب والمثقف المحليين، وبنينا جسوراً من التواصل المعرفي مع القارئ العربي من أقصى المعمورة إلى أقصاها؟!
ولا أظن أن تتكبد الصحف عناء التكاليف الطباعية أو إصابتها في موازناتها التقديرية السنوية، فالعائد من الإعلان يتيح لها فرصة طباعة الآلاف المؤلفة من الإصدارات دون عناء أو كساد في مكتسباتها المالية!
ذلك جانب، فيما تقع على الملحقيات الثقافية للدولة في الدول الأخرى مسؤولية إيصال الصوت الأدبي إلى الجالية الإماراتية في تلك البلاد، وشعوب تلك الدول.. كما تقع مسؤولية إيصال الصوت الأدبي المحلي على وزارة الثقافة وتنمية المجتمع من خلال إقامة المعارض في كافة الاقطار العربية، لاسيما في الحالات التي يتم فيها اختيار عواصم للثقافة العربية، وأظنها فرصاً سانحة لنكون في قلب خارطة الأدب العربي وبشكل مكثف! وعلى طرف آخر، فإن كافة المؤسسات الثقافية الرسمية في الدولة معنية بإيصال الصوت المحلي إلى خارج المسرح الإماراتي.. أو لسنا في زمن العولمة والعالم قرية كبيرة؟!
سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر |
الكراسات الأولى
بماذا عرفت شاعراً؟
بنصوصي التي كانت تتطاير هنا وهناك بين فينة وأخرى.. فمنذ الكراسات الأولى للدراسة التي لم تنج من شغب الأقلام التي تتوافد عليها قلماً تلو آخر، مروراً بحنجرة المذيعين العاملين في إذاعة رأس الخيمة في العام 1985م من خلال البرنامج الثقافي ”نادي المستمعين”، ووصولاً إلى الساحات الصحافية المختلفة منذ العام 1987م التي كانت قاعدة انطلاق إلى سائر المجلات الأدبية والصحافة الثقافية المحلية. فأول النشر كان بمثابة مقالات في الشؤون العامة، إلا أن الشعر كان مختبئاً أو مخبئاً في الأدراج، ثم ما لبث أن خرج من القمقم بعد خطوات صغيرة في عالم النشر.. إلا أن الخطوة الأكثر وضوحاً في خريطة الشعر الإماراتي وقصيدة النثر تحديداً، كان من خلال أول ملف عن قصيدة النثر في الإمارات عبر الملحق الثقافي لجريدة ”الخليج” في العام 1992م بنصين قصيرين (انفلات / انسلاخ).
أي الشعراء الإماراتيين تجد فيه مجسداً لروح الشعر الخالص؟
لا يوجد ما هو مطلق في عالم الشعر أو عالم الأدب على وجه العموم! فالمسألة مرتبطة وثيقاً بتجارب شعرية ناضجة دون سواها.. سواء أكان ذلك على صعيد الشاعر نفسه أو فيما بين شاعر وآخر، وكذلك بين نصوص جيدة تنبض بروح الشعر الخالص أم دون ذلك النبض وتلك الروح.
ما جديد عبدالله السبب على مستوى بناء القصيدة الحديثة؟
أستحضر ”علي بابا” لمحاولة المساهمة الفاعلة في بناء القصيدة الإماراتية أو العربية الحديثة، مستفيداً من التراكم الشعري في المنطقة ومن الصقل الذي لاقته تجربتي الخاصة لأكثر من عقدين ونصف.
سيرة شاعر (الشحاتين)
ولد عبدالله محمد السبب عام 1964م في مدينة الرمس، عضو مسرح رأس الخيمة الوطني، وعضو اتحاد كتاب وأدباء الإمارات، في عام 1989م، قام وزملاؤه الشعراء (إبراهيم يونس، أحمد العسم، أحمد منصور، ماهر العوبد) بتأسيس (جماعة الشحاتين الأدبية) في رأس الخيمة، وفي دبي العام 1989م أصدر ومجموعة من رفاق الكتابة (نشرة رؤى) بتحرير الشاعر والسينمائي (مسعود أمر الله) التي صدر منها عشرة أعداد ثم توقفت بعد عدد أخير حافل بكوكبة من شعراء قصيدة النثر العربية منهم قاسم حداد وأحمد راشد ثاني وغيرهما… في العام 1995م يفوز عمله (سالفة) بالجائزة التقديرية لمسابقة (غانم غباش) للقصة القصيرة في دورتها السادسة، وفي العام 1996م تتوالى الإصدارات: (الآن) مجموعة شعرية 1996 م، (عصر) مجموعة شعرية 1997م، (مشهد في رئتي) 1998:
مجموعة شعرية مشتركة مع الشاعرين أحمد العسم وهاشم المعلم، ثم (قصة الطفل العربي) 1999م ـ دراسة (مشترك) صدرت عن الهيئة العليا لجوائز أنجال الشيخ هزاع بن زايد بأبوظبي، ثم (عطش البحر وجمرة الصحراء) 2024م ـ
قصص قصيرة من الإمارات (مشترك) إصدار اتحاد كتاب وأدباء الإمارات.
التعديل الأخير تم بواسطة الرمس نيوز ; 30 – 3 – 2024 الساعة 05:16 AM
أين موقع تلك الساحة الثقافية من الإعراب؟! إذا كان الأمر معنيا بالصحافة الثقافية فقد تحدثنا عنه قبلاً، وإذا كان غير ذلك، فلنبحث معاً عن تفاصيل تلك الساحة؛ فبعض المؤسسات الثقافية معنية بذلك الغياب المدبر، في حين أن البعض بريء من ذلك الغياب الذي يمارسه الشعراء أنفسهم، إما بأسباب تشفع لهم غيابهم المر الناجم عن منغصات اجتماعية أو اقتصادية مثلاً، وإما بأسباب واهية وأشد وهنا من خيوط العنكبوت! ثم..
ثمة فئة اتجهت طواعية أو كرهاً للوقوع في الشباك الإلكترونية وتسجيل حضورها السهل وغير الآمن في معظم حالاته، باستثناء بعض الشبكات الإلكترونية التي تديرها عناصر منشغلة أساساً بالهم الثقافي. |
[/quote]
فعلاً محق في عنوانك..
أوافقك الرأي أن غياب الإماراتيين أمر مدبر ، وللأسف فإن كثيراً من المنغصات تفسد مشهد الساحة الثقافية.
نتمنى أن نجد فيكم خير ممثل في سبيل المشهد الثقافي..
عبارات عديدة تدور في خاطري لكن اكتفي بهذا القدر فالسبب ابن الرمس شاعرها الذي يحلق بجناح التميز..