سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر |
قلة النوم تقلص حجم المخ
أظهرت نتائج دراسة بريطانية حديثة أن قلة النوم وتراجع جودة ساعات نومنا مسؤولان عن معدلات تدهور أسرع لثلاثة أجزاء من حجم المخ لدى البالغين الأكبر سناً، الذي يعاني معظمهم سوء نوعية النوم. ومع ذلك ذكرت الدراسة أنه ليس من الواضح ما إذا كانت قلة النوم تسبب تغيرات في المخ، سواءً من انكماش في بعض أجزائه أو القليل منه.
نظر الباحثون في صور أجريت بالرنين المغنطيسي لـ147 شخصاً بالغاً، تراوحت أعمارهم بين سن 20 إلى 80 عاماً، لتحديد الصلة بين عدم النوم، كالمعاناة من الأرق، وحجم الدماغ، حيث قام المشاركون بملء استبيان حول عادات نومهم. وتم تصوير أدمغة المشاركين بالرنين المغناطيسي MRI قبل بدء الدراسة وبعدها بثلاثة أعوام ونصف العام.
وأظهرت الاختبارات أن الشريحة التي تعاني مشكلات في النوم، وبلغت 35 في المئة بحسب الاستبيان، تعاني تدهوراً سريعاً في حجم المخ طيلة فترة الدراسة، خاصة بين المشاركين من تجاوزت أعمارهم العقد السادس.
وتبين أن هؤلاء المشاركين انطبقت عليهم مقاييس نوعية النوم السيئ محققين نسبة 5,8 من مجموع 21 نقطة لتقييم جودة النوم، والذي نظر في المدة التي نام فيها المشاركون، والمدة التي استغرقوها للدخول في النوم ليلاً، واستعمال الحبوب المنومة وعوامل أخرى.
ووجدت الدراسة أن صعوبات النوم ارتبطت مع انكماش أكبر لحجم المخ طوال فترة الدراسة في مناطق واسعة من الدماغ بما في ذلك مناطق جبهة الرأس والمناطق الصدغية والجدارية خاصة عند الذين تزيد أعمارهم على 60 عاماً.
وقالت قائدة الدراسة الدكتورة كلير إي. سيكستون من جامعة أوكسفورد البريطانية إنه ليس من الواضح بعد أن كان النوم السيئ هو سبب التغييرات التي تحدث في بنية الدماغ.
وقالت: "إننا ننفق نحو ثلث حياتنا في النوم بينما يعد النوم بمثابة الحارس الخادم للمخ، ليصبح في كثير من الأحيان في خدمته لإصلاح أي تلف يتعرض له المخ. ويترتب على ذلك أنه في حال تعطيل وظيفة النوم فإن العمليات التي تساعد على استعادة وإصلاح المخ لبعض التلف تتعرض للخلل والانقطاع أو على أقل تقدير تصبح أقل فعالية ما قد يؤدى إلى فرص أكبر لتراجع حجم المخ لندخل في دائرة مفرغة حيث يعمل تراجع حجم المخ على صعوبة في النوم بدوره".
وكانت الكثير من الدراسات العلمية قد أشارت إلى تأثير الحرمان من النوم على المخ، الذي قد يؤدي لإصابته باضطرابات كالزهايمر أو عته الشيخوخة، فإن كانت قلة النوم تؤثر في الذاكرة وضعفها، فمن البديهي أن تؤثر في حجم المخ.
ويقول الدكتور نيل مارو، طبيب الأعصاب المختص في مشاكل النوم، والذي لم يشارك في الدراسة الأخيرة في هذا الصدد: "نعرف جميع المشاكل الناجمة عن قلة النوم، فهو قد يؤثر في جهاز المناعة وصحة القلب والأوعية الدموية والوزن وبالطبع الذاكرة، ولا زلنا نجهل السبب". واستطرد شارحاً: "بينت الدارسات أن قلة النوم تؤدي لتراكم البروتين بالمخ ومهاجمة خلاياه، وهذا ما نعمل على حله".
وفي السياق نفسه، رجحت دراسة أمريكية أن قلة النوم قد تؤدي إلى فقدان دائم لخلايا الدماغ. وحسب الدراسة التي نشرت في دورية "نيوروساينس" فإن قلة النوم لفترات طويلة تسببت في موت 25 في المئة من الخلايا الدماغية لدى الفئران.
ويقول العلماء الأمريكيون إنه في حالة حدوث التأثير نفسه في البشر فلن تجدي أية محاولات لتعويض ساعات النوم الضائعة، كما يعتقد العلماء أنه من الممكن تطوير عقار في المستقبل لحماية المخ من الآثار الجانبية لقلة النوم. وفحص الفريق البحثي من كلية الطب في جامعة بنسلفانيا الأمريكية خلايا بعينها خاصة بالحفاظ على المخ متنبهاً.
وبعد أيام عدة من اتباع الفئران نمط نوم العاملين في نوبات العمل الليلي، أي العمل ثلاث ليالٍ متتالية والنوم نحو أربع أو خمس ساعات فقط خلال اليوم، وجد الفريق أن الفئران فقدت 25 في المئة من خلايا مخها.
ويقول الباحثون إن هذا هو أول دليل على أن قلة النوم قد تؤدي إلى فقدان خلايا المخ، ولكنهم أكدوا ضرورة الاستمرار في العمل لمعرفة ما إذا كان البشر الذين يعانون قلة النوم يتعرضون أيضاً لخطر التلف الدائم.
وقالت سيغريد فيزي، من مركز النوم، لبي بي سي "على الرغم من أن هذه التجربة كانت خاصة بالحيوان إلا أنها ترجح أنه علينا فحص الأمر بدقة بالنسبة للبشر". وأضافت أن الخطوة التالية هي فحص مخ عمال النوبات الليلية بعد موتهم للتوصل لأية دلائل لفقدان خلايا المخ.
وكانت دراسة أمريكية سابقة قد أظهرت أن التجارب التي أجراها الباحثون على الفئران خلصت إلى أن المخ يستخدم النوم كوسيلة للتخلص من السموم التي تتراكم خلال عملية الاستيقاظ نتيجة لعمليات الاتصال بين الخلايا العصبية. وأثبتت الدراسة التي نشرها الباحثون في نشرة (ساينس) أن خلايا المخ تنكمش أثناء النوم مما يؤدي إلى فتح ثغرات بينها تسمح للسوائل "بغسل المخ".
كما قالوا إن إخفاق هذا النظام في التخلص من بعض الفضلات قد يكون سببا لبعض الأمراض التي تصيب المخ.
وبينما كانت أبحاث سابقة قد أثبتت أن للنوم دوراً كبيراً في تعزيز الذاكرة والقدرة على التعلم، أثبت فريق الأبحاث في جامعة روشستر بنيويورك أن أحد الأسباب الرئيسة للنوم هو "صيانة" خلايا المخ.
وقالت الدكتورة مايكن نيديرغارد إحدى أفراد فريق البحث "لا يتوفر المخ إلا على كمية محدودة من الطاقة، ولذا يبدو أنه يتعين عليه الاختيار بين وضعين: إما أن يكون مستيقظاً ويفكر، وإما أن يكون نائماً ويقوم بأعمال الصيانة".
وأضافت "المهمة التي يقوم به المخ تشبه دور المضيف في حفلة بالمنزل، إما أن يتولى الترحيب بالضيوف، وإما تنظيف المنزل، لكنه لا يملك الطاقة الكافية للقيام بالمهمتين معاً".
* * *
*المصدر: جريدة الخليج، ملحق "الصحة والطب".