مذكرات شاب متقاعد .الى الغالي احمد الجلعه 2024.

الرمس في يوم مشمس اخير……….

سارحة سحب دخاني ,على طريق بارد الاطراف,شتائي الملامح والهبوب,على زوايا البيوت والامتدادات,وعلى صفحات خاطرتي الان,تقلب في ارشيف ذاكرتها صورا لاسماء واشخاص ,منهم لدواع ما,ومنهم بلا داع او حدث او ذكرى…
على هذا الطريق الطفولي القديم,الذي تغير فيه كل شيء اولهم البشر,ولم يبقى فيه من معطيات ما مضى الا بعض الحجر,الراكن على طرف الطريق هذا,وعلى اطراف ذاكرتي….
تغير البشر,ولم يبقى الا الحجر,شاهدا على من كانوا ذات يوم اصدقاء,احباء,خلان ,ذات عمر وزمن اصبح شيئا الان لا يذكر….
متوالية خطواتي,مستعرضا على شريط مخيلتي بعض اسماء وصور,منها هذا الاسم,الذي له ما له في ذاكرة من يكتب هذه الكلمات بعد سنوات غياب عن الرمس ,ذات صباح مشمس ما عدت لاتشكل في فراغات الرمس من جديد,امشي الى بيت صديقي واخي …احمد الجلعه…
لسنوات وهذا الاسم,وبعض اسماء اخرى, هي مرحلة حياة رائعة بمفرداتها من ركض على كورنيش راس الخيمه,ومشاهد الحماس والضحك على طاولات المقاهي, بهبوب الريح على اطناب خيام المعسكرات في جبال المطر والريح ايام الرمايه,نهاية بمطاردة سيارات من مفرق الرمس الى جسر راس الخيمه , كاخر مرة اراه بصحته,بضحكته وهو يقول:
عرفتك,بس قلت بشوف هالسوري شو بيسوي
فجاوبته:لو بدك تروح المريخ وراك,معقول سنه ما شفتك واتركك…
مضى عام اخر , تغيرت احوالنا بما يعادل قرن كامل,كل على حدا,لاعود بعدها الى الرمس,مقيما فيها,وزائرا للجلعه في مرضه ,ثم بعدها بشهران اغادر الرمس في مشهد تراجيدي ,ارمق بنظراتي بلدة الرمس وهي تغيب عن ناظري شئا فشئا لاخر مرة في حياتي,وغياب من اعرف فيها من اصدقاء,في صباح يوم ربيعي مشمس ,ثم الرحيل……….
الان بعد سنوات,على صفحات النت,التقي بالجلعه مفردا,في زاوية من زوايا هذا العالم ,يفصلنا ما يفصلنا من ابعاد الابعاد ومسافات المسافات,لا املك فيها غير كرسي من انهزام,اجلس عليه كل مساء,استعرض فيه بعض ذكريات من ماضي العمر السعيد,ماض كانت اولى تباشير صباحه,وجه احمد الجلعه امامي قائلا له:
احتراماتي سيدي………
نافذه:
مسرعا الى الدوام,الذي ارى فيه النقيب الجلعه مشيرا الي بالخروج من الصف….
الديب وين كنت امس
(لم استطع ان اكذب بحرف,فحياتي بالتفصيل الممل يعرفها لاننا معا على مدار اليوم في الدوام وخارجه) انتهت المحاكمه بخصم يومين وعقوبه بدنيه بالجري عدة كيلو مترات وسط ضحك وتطنيز الشباب…
ماهمني الخصم والجري بكثر التطنيز,مما جعلني افكر كيف ارد لهم الدين….
كنت قد قلت للشيخ احمد باني اريد فوارغ الرصاص للبيع فوافق وبالفعل بدأت بذلك ,لكن لكثرته ولذهاب الشباب بسرعه كنت اتعب لوحدي.والان خطرت فكره بان اجعلهم يجمعوا معي الفوارغ والحجه هي تنظيف الميدان…
ابو عبد الله بدي قو شي
الجلعه قول
ليش ما نخصص يوم لتنظيف الميدان
الجلعه يضحك بقووه …صدق انتو السوريين مخكم داهيه
اضحك معه فقد فهم علي وفهمت عليه
عند تناول القهوه بعد الرمايه:
الجلعه بقلكم شي,اعتبارا من اليوم ,كل يوم اربعاء تنظيف ميدان الرمايه..
البداح:والله ماحد غير السوري صاحب الفكره

بن كليب وجاسمن:الله يغربل سحاب يبا نلقط له الخشار
طويلة كانت ضحكتي,وكانت اطول حين جاء يوم الاربعاء,واصبح فعلا يوم تنظيف الميدان باقي الايام…
الان سنين وسنوات تمر,فسقا الله دار الرمس واهلها وابل الخير والبركات,وشفا الله رجلا كان ومازال له في ذاكرة هذا الشامي كثيرا ما الود,واكثر من الدعاء الان…….

هوامش:
الرمس:البلده التاريخيه المشهوره
احمد الجلعه:اخا وصديقا ممن اتي يوم القيامه وله فضل في عنقي مع المقدم علي سلطان
ميناء ابجدية قديم:مدينتي اللاذقيه على ساحل المتوسط
بن كليب وجاسم:طارق بن كليب وجاسم الزعابي والبداح فريق الرمايه والعاب القوى
سحاب:هذه كلمه خاصه بين طارق وجاسم وانا ولها قصه خاصه