وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ تُبَوِّئُ الْمُؤْمِنِينَ مَقَاعِدَ لِلْقِتَالِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ إِذْ هَمَّتْ طَائفَتَانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلاَ وَاللَّهُ وَلِيُّهُمَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلْ الْمُؤْمِنُونَ وَلَقَدْ نَصَرَكُمْ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ.
مع حلول الشهر المبارك من كل عام، يذكر المسلمون فيما يذكرون أول معركة عسكرية حاسمة جرت بين المسلمين بقيادة رسول الله محمد وبين الكفار، وهي معركة بدر الكبرى. وفي هذه المعركة انتصر المسلمون انتصاراً مبيناً، فكان انتصارهم تثبيتاً وتدعيماً لأسس الدولة الإسلامية الناشئة، وبذلك كانت هذه المعركة نقطة تحول فاصلة في التاريخ. وقد سميت بدراً الكبرى تمييزاً لها عن بدر الصغرى أو بدر الأولى.
فمتى نصر الله
القران يجيب على ذلك قال تعالى [أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ البَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللهِ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللهِ قَرِيبٌ].
يعلق سيد قطب رحمه الله فيقول: إن سؤالهم مَتَى نَصْرُ اللهِ ليصور مدى المحنة التي تزلزل مثل هذه القلوب الموصولة, ولن تكون إلا محنة فوق الوصف, تلقي ظلالها على مثل تلك القلوب, فتبعث منها ذلك السؤال المكروب مَتَى نَصْرُ اللهِ؟ وعندما تثبت القلوب المؤمنة على مثل هذه المحنة المزلزلة, عندئذ تتم كلمة الله, ويجيء النصر من الله تعالى أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللهِ قَرِيبٌ, إذاً هو مدخر لمن يستحقونه, ولن يستحقه إلا الذين يثبتون حتى النهاية, الذين يثبتون على البأساء والضراء, الذين يصمدون للزلزلة حتى يأتي أمر الله وهم كذلك.كما ثبت اصحاب بدر .
سيأتينا نصر الله تعالى ونحن ظَاهِرِونَ عَلَى الْحَقِّ لَا يَضُرُّنَا مَنْ خَذَلَنَا, ونحن عَلَى الْحَقِّ ظَاهِرِونَ, لَعَدُوِّنَا قَاهِرِونَ, لَا يَضُرُّنَا مَنْ خَالَفَنَا, إِلَّا مَا أَصَابَنَا مِنْ لَأْوَاءَ, حَتَّى يَأْتِيَنَا أَمْرُ اللَّهِ وَنَحْنُ كَذَلِكَ إن شاء الله تعالى, بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ وَأَكْنَافِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ بإذن الله رب العالمين.
ثم إن الله تعالى يمد للظالم مداً " قُلْ مَنْ كَانَ فِي الضَّلَالَةِ فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمَنُ مَدًّا ", وفي صحيح البخاري عَنْ أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ : "إِنَّ اللَّهَ لَيُمْلِي لِلظَّالِمِ حَتَّى إِذَا أَخَذَهُ لَمْ يُفْلِتْهُ قَالَ ثُمَّ قَرَأَ " وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ".
وفي القرآن الكريم ما يثبت أن الله تعالى يُمْهِلُ ولا يُهْمِلُ "فَمَهِّلِ الكَافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْدًا", وفي الحديث الصحيح قول النبي "التأني من الله, والعجلة من الشيطان"
ولقد ذكر الله لنا متى يأخذ الظلمة, وبَيَّنَ أنه لا يأتيهم أمر الله بالهلاك إلا بعد أخذِ الأرض لزخرفها وتزينها, وظنِّ أهلها أنهم قادرون عليها, ساعتها يأتيهم أمر الله الذي لا يُرَدُّ!
يقول الله تعالى "حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالأَمْسِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآَيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُون" على مثل هؤلاء القوم الذين لا يرقبون في المؤمنين إلاً ولا ذمة يأتي أمر الله ليلاً أو نهاراً.
سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر |
هؤلاء الذين قالوا "مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً" وقال غيرهم "نَحْنُ أُولُو قُوَّةٍ وَأُولُو بَأْسٍ شَدِيدٍ" وقال أولهم " أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ" وقال ثانيهم "أَنَا خَيْرٌ مِنْ هَذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ وَلَا يَكَادُ يُبِينُ", وقال وزيره السيئ "إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي", هؤلاء جميعاً إنما أخذهم الله يوم تكبروا في الأرض "كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا كُلِّهَا فَأَخَذْنَاهُمْ أَخْذَ عَزِيزٍ مُقْتَدِرٍ",
وها هي آيات الله تتلى إلى يوم القيامة تصور ساعات الحرج القاسية في حياة الرسل, قبيل اللحظة الحاسمة التي يتحقق فيها وعد الله, وتمضي فيها سنته التي لا تتخلف ولا تحيد "حَتَّى إِذَا اسْتَيْئَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَنْ نَشَاءُ وَلَا يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ القَوْمِ المُجْرِمِينَ".
إنها صورة رهيبة, ترسم مبلغ الشدة والكرب والضيق في حياة الرسل, وهم يواجهون الكفر والإصرار والجحود. وتمر الأيام وهم يدعون فلا يستجيب لهم إلا قليل, إنها ساعات حرجة, والباطل يتمادى. والرسل ينتظرون الوعد فلا يتحقق بسرعة.. تراهم كُذِبوا؟ ترى نفوسهم كذبتهم في رجاء النصر في هذه الحياة الدنيا؟ في هذه اللحظة التي يستحكم فيها الكرب, ويأخذ فيها الضيق, ولا تبقى ذرة من الطاقة المدخرة.. في هذه اللحظة يجيء النصر كاملاً حاسماً فاصلاً "جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَنْ نَشَاءُ وَلَا يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ القَوْمِ المُجْرِمِينَ"
نسال الله نصرا في رمضان كنصر بدر
بس عندي استفسار بسيط
حديث "التأني من الله, والعجلة من الشيطان"
هل انت متأكد من صحته
وشكرا اخوي
1795 – " التأني من الله و العجلة من الشيطان " .
قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 4 / 404 :
أخرجه أبو يعلى في " مسنده " ( 3 / 1054 ) و البيهقي في " السنن الكبرى " ( 10
/ 104 ) من طريق الليث عن يزيد بن أبي حبيب عن سعد بن سنان عن أنس بن مالك
رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : فذكره . و زاد أبو يعلى :
" و ما من أحد أكثر معاذير من الله ، و ما من شيء أحب إلى الله من الحمد " .
قلت : و هذا إسناد حسن رجاله ثقات رجال الشيخين غير سعد بن سنان و هو حسن
الحديث كما تقدم غير مرة . و أما قول المنذري ( 2 / 251 ) : " رواه أبو يعلى
و رجاله رجال الصحيح " ، و كذا قال الهيثمي ( 8 / 19 ) . فهو من أوهامهما لأن
سعد بن سنان ليس من رجال " الصحيح " ، و اغتر بهما المناوي فإنه قال – بعد أن
ذكر ذلك عنهم و ذكر أن السيوطي عزاه للبيهقي وحده – : " و به يعرف أن المصنف لم
يصب في إهماله و إيثاره رواية البيهقي " . يعني لأن رواية البيهقي معلولة
و رواية أبي يعلى رجالها رجال الصحيح ، فقد قال المناوي في رواية البيهقي :
" قال الذهبي : و سعد ضعفوه . و قال الهيثمي : لم يسمع من أنس " .
قلت : و قد علمت أن رواية أبي يعلى مثل رواية البيهقي مدارهما على سعد هذا .
فتعقبه على السيوطي بما نقلته عنه ليس تحته كبير طائل . على أن قول الهيثمي :
" لم يسمع سعد من أنس " لا أعرف له فيه سلفا . بل قال أبو داود : قلت لأحمد بن
صالح : سنان بن سعد ( و هو سعد بن سنان يقال فيه القولان ) سمع أنسا ؟ فغضب من
إجلاله له .
المصدر اهل الحديث