أبوظبي – البيان
جاءت إلى الدولة هاربة من حياة صعبة في موطنها حيث الفقر والظروف السياسية والحياتية في منتهى الصعوبة، لذلك كان عليها أن تفعل شيئاً لتجد مصدر رزق لها ولأسرتها. أمسى حلمها يقودها دوماً إلى مدينة أبوظبي حيث يتحدث الناس عن فرص العمل الكثيرة، والدخل الذي سيمكنها من توفير الحياة الكريمة لها ولأسرتها.
سألت كل من تعرفه هناك حتى أخبرها أحدهم بأن شخصاً يمكنه أن يساعدها بتأشيرة عمل ولكن مقابل مبلغ مالي، ووافقت على الفور، بل وباعت كل ما يباع من متاعها ومتاع أسرتها كي تجمع 12 ألف درهم طلبها الرجل مقابل استقدامها كمربية لأبنائه، إضافة إلى قيمة تذكرة السفر وبعض المال لمعيشتها ريثما تجد عملاً، فالرجل أخبرها أنها لن تعمل لديه فعلاً، بل ستكون تلك المهنة حجة مؤقتة للإقامة ريثما تجد عملاً آخر تنقل كفالتها عليه، واستطاعت بجهد أن تجمع مبلغاً على قلته يعتبر ضخماً بالنسبة لها ولأسرتها.
وصول التأشيرة
وبالفعل وصلت تأشيرة العمل، فجمعت أحلامها وأحلام أسرتها وجاءت إلى أبوظبي ممنية النفس بأن الحياة الكريمة أصبحت ملك يديها، لتستيقظ على حبال الأمل وهي تتآكل بفعل تهرب كفيلها من وعوده، فقد بدأ يسوف في إتمام إجراءات الإقامة لها رغم أنه قبض ماله بمجرد وصولها الدولة، وانتهت مهلة التأشيرة دون أن يقوم بأي إجراء لاستكمال معاملاتها، وهنا بدأت معاناتها التي استمرت نحو 3 سنوات.
لم يتوقف الأمر على التسويف والمماطلة، بل إن الرجل اختفى تماماً، ولم تعد تعرف عنه سوى رقم هاتفه الذي لا يرد عليه.ولما ضاقت بها السبل، وشعرت أن الحياة الكريمة التي حلمت بها تحولت إلى إهانة احتياجها لكل من يحيط بها، كما أنها تركت أسرتها من دون معيل، فقد كانت في موطنها على قلة دخلها تستطيع أن تسد رمقاً بحده الأدنى، ولذلك لم تجد أمامها سبيلاً إلا اللجوء للقضاء لإجبار كفيلها على تسوية أوضاعها وإعادة مالها، فرفعت دعوى أمام المحكمة المدنية للمطالبة بإلزام كفيلها بأداء مبلغ 12 ألف درهم دفعتها له، مع 20 ألف درهم تعويضاً عن الأضرار.
وجود دليل
سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر |
من جهتها لم تستطع المحكمة التوصل إلى عنوان كفيلها لإعلانه بالقضية، فتم إعلانه عن طريق النشر بالصحف، ولكنه لم يحضر أي من جلسات المحكمة، وقضت المحكمة الابتدائية برفض القضية بحالتها لعدم وجود دليل على العلاقة بينها وبين المدعى عليه.
ولم ترتضِ المدعية الحكم، فاستأنفت عليه أمام محكمة الاستئناف المدنية على سند أن المحكمة الابتدائية التفتت في حكمها عن التأشيرة التي حضرت المدعية إلى الدولة بناءً عليها، وفيها اسم المدعى عليه باعتباره كفيلها، وطلبت مخاطبة إدارة الجنسية والإقامة للتأكد من ادعائها بأن المدعى عليه لم يقم بإتمام إجراءات الإقامة، كما طالبت بتوجيه اليمين الحاسمة للمدعى عليه بصيغة "أقسم بالله العظيم أنني لم استلم من المدعية مبلغ 12 ألف درهم مقابل عمل إقامة لها".وبناءً عليه أصدرت المحكمة حكماً تمهيدياً بتوجيه اليمين الحاسمة للمدعى عليه، إلا أنه لم يحضر لحلف اليمين أيضاً رغم أن المحكمة قامت بإعلامه وفق القانون.
تعويض الأضرار
وبناءً عليه قضت محكمة الاستئناف بإلغاء الحكم الابتدائي والحكم بإلزام المدعى عليه بأن يؤدي للمدعية 12 ألف درهم، وهو المبلغ الذي تحصل عليه مقابل وعده بعمل إقامة لها، إضافة إلى 8 آلاف درهم تعويضاً عن الأضرار المعنوية التي أصابتها بفعل حرمانها من فرصة العمل وتركها في وضع مخالف للقانون مما سبب لها شعوراً بالقلق، إضافة إلى تركها من دون سكن أو مؤونة وهي شابة في مقتبل العمر.ورغم أن المحكمة قضت بإعادة مالها وتعويضها، إلا أن الحكم كان غيابياً، فالرجل اختفى لا وجود له عملياً، ولم تتمكن المحكمة من التوصل إلى عنوانه، ولكن للأجهزة التنفيذية وسائلها في الوصول إليه وإلزامه بتعويض ضحيته ورد مالها.