اعلموا رحمكم الله , أنَّ الله أرسل جميع رسله , ب " لا إله إلا الله " كما قال تعالى : ( وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ) .
ومن أجل هذه الكلمة العظيمة خلق الله تعالى الجن والإنس , وخلق الجنة و النار.
ولكلمة التوحيد ركنان لا تستقيم إلا بهما :
الأول : نفي وهي قولك : لا إله
والثاني : إثبات , وهي قولك : إلا الله .
فلا يكفي أن تقول: (لا إله) , لأنَّ هذا النفي ينفي الألوهية مطلقا ً, كما لا يكفي أن تقول:
( الله إله ) , لأنَّ هذا لا يدل على أن غيره ليس بإله .
أما إذا قلنا : " لا إله إلا الله " استقام التوحيد فنفينا الألوهية عن كل من سوى الله , وأثبتناها لله وحده .
وعلموا أن المعنى الصحيح لكلمة التوحيد " لا إله إلا الله " هو :
لا معبود بحق إلا الله , كما قال تعالى : ( ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ )
فإذا علمت هذا تبين لك خطأ من فسر " لا إله إلا الله " , بلا خالق إلا الله , أو لا رازق إلا الله , أو لا قادر على الاختراع إلا الله ونحو ذلك .
ومما يدل على بطلان هذه المعاني أنَّ المشركين الأوائل استكبروا عن قول " لا إله إلا الله " , مع أنهم يقرون أنَّ الله هو الخالق , كما قال تعالى : ( وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ) .
فالعرب الذين نزل القرآن بلغتهم يفسرون " الإله " بالمعبود ولا يفسرونه بالخالق أو الرازق أو المخترع أو نحو ذلك .
وعلموا رحمكم الله , أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم كان يتعاهد كلمة " لا إله إلا الله " في مناسبات كثيرة , فيشرع المسلم أن يقتدي بالنبي صلى الله عليه وسلم ليكون العهد بها قريبا ومتجددا , فمن تلك المناسبات ما يلي :
أولا ً : يستحب أن تقول " لا إله إلا الله " عند سماعها في الأذان , فإنه يشرع لمن سمع النداء أن يقول كما يقول المؤذن , كما جاء في الحديث .
ثانيا ً: يستحب أن تقول : " لا إله إلا الله " بعد الوضوء , كما جاء في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ يَتَوَضَّأُ فَيُبْلِغُ أَوْ فَيُسْبِغُ الْوَضُوءَ ثُمَّ يَقُولُ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ إِلَّا فُتِحَتْ لَهُ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ الثَّمَانِيَةُ يَدْخُلُ مِنْ أَيِّهَا شَاءَ ) .
ثالثا ً : ومن أدعية استفتاح الصلاة التي تقال بعد تكبيرة الإحرام , ما يُذكر فيه كلمة التوحيد كما في حديث عائشة قالت : كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا استفتح الصلاة قال :
( سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ وَتَبَارَكَ اسْمُكَ وَتَعَالَى جَدُّكَ وَلَا إِلَهَ غَيْرُكَ ) .
رابعا ً: ما يقوله في الصلاة أثناء التشهد وفيه كلمة التوحيد .
فعن ابْنَ مَسْعُودٍ قال: عَلَّمَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَفِّي بَيْنَ كَفَّيْهِ التَّشَهُّدَ كَمَا يُعَلِّمُنِي السُّورَةَ مِنْ الْقُرْآنِ : التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ وَالصَّلَوَاتُ وَالطَّيِّبَاتُ السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ) . رواه البخاري.
خامسا : يستحب أن يقول المصلي بعد كل صلاة مفروضة الأذكار المشروعة وفيها كلمة التوحيد .
فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قال :
| سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر |
عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال : ( مَنْ سَبَّحَ اللَّهَ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ وَحَمِدَ اللَّهَ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ وَكَبَّرَ اللَّهَ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ فَتْلِكَ تِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ وَقَالَ تَمَامَ الْمِائَةِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ غُفِرَتْ خَطَايَاهُ وَإِنْ كَانَتْ مِثْلَ زَبَدِ الْبَحْرِ ) .
سادسا ً : كما أن كلمة التوحيد هي من أذكار الصباح والمساء .
كما جاء في الحديث الصحيح :
( من قال حين يصبح : لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير عشر مرات كتب الله له بكل واحدة قالها عشر حسنات وحط عنه بها عشر سيئات ورفعه الله بها عشر درجات وكن له كعشر رقاب وكن له مسلحة من أول النهار إلى آخره ولم يعمل يومئذ عملا يقهرهن فإن قالها حين يمسي فكذلك ) .
سابعا ً : تستحب كلمة التوحيد ، عند الكرب العظيم , فهي من أسباب الفرج والنجاة من كل كرب , جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( دَعْوَةُ ذِي النُّونِ إِذْ دَعَا وَهُوَ فِي بَطْنِ الْحُوتِ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنْ الظَّالِمِينَ فَإِنَّهُ لَمْ يَدْعُ بِهَا رَجُلٌ مُسْلِمٌ فِي شَيْءٍ قَطُّ إِلَّا اسْتَجَابَ اللَّهُ لَهُ ) .
ثامنا ً : كلمة التوحيد , هي أفضل الذكر , كما جاء في حديث جابر بن عبد الله ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( أَفْضَلُ الذِّكْرِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَفْضَلُ الدُّعَاءِ الْحَمْدُ لِلَّهِ ) .
والحديث حسنه الألباني .
ملخصا من كتيب لفضيلة الشيخ : سالم الطويل .
لا إله إلا الله عدد خلقه ورضا نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته
لا إله إلا الله عدد خلقه ورضا نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته
بارك الله فيك وجزاك كل خير اخي صاحب قلم