تخطى إلى المحتوى
الرئيسية » معلم سعودي يعود إلى الإمارات بعد 41 عاماً باحثاً عن أصدقائه وذكرياته

معلم سعودي يعود إلى الإمارات بعد 41 عاماً باحثاً عن أصدقائه وذكرياته 2024.



سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر



رفض السفر خلالها سوى للإمارات لتظل حاضرة في وجدانه
معلم سعودي يعود بعد 41 عاماً باحثاً عن أصدقائه وذكرياته

*جريدة الخليج

خليجية

خليجية

خليجية



رأس الخيمة – عدنان عكاشة:


عاشت بلدة شعم، نحو 35 كيلومتراً إلى الشمال من مدينة رأس الخيمة، خلال الأيام القليلة الماضية، على وقع قصة لا تخلو من دلالات ومفارقات، بطلها رجل على مشارف الستين، فاجأ الكثيرين في المنطقة حين دخل مدرسة أحمد بن ماجد للتعليم الأساسي "حلقة أولى" في البلدة، والمخصصة للطلاب الصغار من الذكور، ويتولى التعليم فيها حالياً طاقم من المعلمات، متسائلاً، بدهشة "أين الرجال، أين المعلمون"، لتسيطر حالة من الارتباك على معلمات المدرسة وإدارتها، وسط حيرة تطغى على الموقف، فيما كان السؤال، الذي يدور في رؤوس المعلمات: "من يكون هذا الرجل الغريب على البلدة".


خفت حدة الغموض عندما سأل "الغريب" عن رجال "معلمين" تعرفهم بعض المعلمات والتربويات والإداريات في المدرسة، وهم من الرعيل الأول من التربويين والمعلمين في شعم ورأس الخيمة، ليبادورا بتوصيله إلى من بقي منهم على قيد الحياة، حيث التقى بمن وصفهم بـ"الأحبة" من جديد وبعد طول غياب.


الإجابة عن سؤال أسرة المدرسة تكشفت لاحقاً، لتزيل معها سحابة الغموض، التي خيمت على من قابلوا الرجل، وهو ما جاء على أيدي "كبار القوم" من أبناء شعم، الذين استوضحوا من الرجل الغريب قصته، وسر سؤاله، ليتبين أنه معلم سعودي عمل في المنطقة بين عامي 1973 و1974، عاد باحثاً بعد 41 عاماً عن ذكرياته وأصدقائه وزملائه في المنطقة، الذين وجد بعضا منهم، فيما طوى الموت آخرين، مؤكداً سعادته بلقاء أهل شعم الطيبين، فيما زار المنزل، الذي عاش فيه مع والدته، رحمها الله، في البلدة، بدافع الشوق والحنين.


"المعلم السعودي"، الذي كانت هذه زيارته الأولى للدولة منذ أن غادرها قبل حوالي 41 عاماً، أكد أن أبناءه حاولوا طيلة العقود الأربعة الماضية إقناعه بالسفر و"تغيير الجو" إلى أي بلد حول العالم، لكنه رفض وأصر على أن تكون أول "ديرة" يسافر إليها ويزورها، في حال غادر السعودية، هي الإمارات، ولن يحط رحاله، في أول محطة، سوى في محبوبته "شعم"، (موطن الذكريات الجميلة)، كما أسماها.


يدعى عبدالله صالح إبراهيم السويد، من منطقة القصب في العاصمة الرياض، كانت بداية رحلته في التعليم منتدبا من وزارة المعارف السعودية، وفق تسميتها آنذاك، لممارسة مهنته معلما في إمارة رأس الخيمة، حيث قاده القدر إلى منطقة شعم، الصغيرة والوادعة لاسيما في تلك المرحلة، خلال العام الدراسي 1973- 1974، وهناك اتخذ مسكنا واستقر مع صديقيه ورفيقي دربه، في منزل واحد، هما مواطنه مبارك سعيد الدوسري، وأيوب عبدالله الجودر، بحريني الجنسية.


بطل القصة، الذي رواها بنفسه واستحضرها "الشواب" والمخضرمون من أبناء شعم، كان معلما في البلدة، بمدرسة أحمد بن ماجد الابتدائية، التي تعد من أقدم المدارس في الدولة، قادماً من موطنه "السعودية" إلى الإمارات بعقد انتداب مع بدايات الاتحاد ونشأة الدولة، فيما كان يعمل في المدرسة حينها معلمون من الرجال، وكان هو واحداً منهم، قبل "تأنيث" مدارس المرحلة الابتدائية لاحقاً. مكث بعدها الرجل في البلدة المعروفة بجبالها القريبة من مساكنها وشعبياتها، وبنخيلها الشامخ، وببحرها، الذي يكاد يغمر "السيح" و"الجبل"، في ظل قرب المسافة، وهو لا يتعدى نحو كيلومترين عرضا فقط.


بعد عامين من العمل في "شعم"، تعلق خلالها قلب المعلم السعودي بالإمارات وشعبها، ممثلة بـ"شعم"، جاء قرار نقله إلى رأس الخيمة، ليعمل هناك، حيث أمضى عامين، ثم قرر العودة إلى وطنه عام 1977م، لكنه، كما يقول” "عشق شعم"، وظلت البلدة لا تفارق مخيلته طيلة مدة فاقت 40 عاماً لاحقة، قضاها في بلاده.


وبحسب رواية عدد من أبناء شعم، الذين احتفوا في الأيام الماضية بـ"المعلم العائد" بعد أكثر من 4 عقود، سكن هذا الأخير في العام الثاني له مع والدته، التي التحقت به في الإمارات، في منزل بالبلدة استأجره خصيصا لذلك، فيما بنى خلال تلك الفترة صداقات عدة في "شعم" ورأس الخيمة، وعلاقات اجتماعية وإنسانية متينة، لم تنفض عراها رغم امتداد الزمن، ولا يزال يحمل في ذاكرته تفاصيل دقيقة للأيام، التي قضاها في شعم ورأس الخيمة، حتى الأفراح، التي شارك فيها، والأتراح، التي قدم فيها واجب العزاء، رغم الأربعين عاما، التي تفصله عنها.


المعلم، الذي ساقه الشوق والحنين إلى "شعم"، قضى فيها بعد زيارته الأخيرة يومين، حاول خلالها أن يروي ظمأه للمكان وأهله، ويستعيد شريط الذكريات، رغم غياب كثيرين ممن عايشهم في المنطقة، بحكم "الموت".


من جهتهم، أقام أهالي "شعم" ومدرسة أحمد بن ماجد حفلا لتكريم المعلم السعودي، نظراً لوفائه ومشاعره الصادقة تجاه البلدة وأبنائها، وباعتباره أحد معلمي الرعيل الأول، ممن أسهموا في تعليم أبناء المنطقة، مستعيداً خلال الحفل مشاهد متعددة من ذكرياته مع أبناء جيله من الأهالي، في حين تمنى على الأهالي زيارته في وطنه في أقرب وقت.

خليجية

خليجية

خليجية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.