ربطت دراسة جديدة مادة بيسوفينول أ (بي.بي.ايه) الكيماوية التي تستخدم على نطاق واسع في كثير من منتجات البلاستيك ومنها حاويات الاغذية والمشروبات وبطانات علب الطعام ورضاعات الاطفال وانابيب المياه بمشاكل صحية مثل امراض القلب والسكري، لكن مسؤولين امريكيين في مجال الصحة قالوا إنهم يعتقدون ان المادة آمنة.
حتى الآن اعتمد نشطاء حماية البيئة والمستهلك الذين تساءلوا عن مدى سلامة هذه المادة على دراسات حيوانية، لكن دراسة اجراها باحثون بريطانيون شملت 1455 أمريكياً ونشرت في مجلة “الرابطة الطبية الامريكية” وجدت ان ارتفاع مستويات مادة “بي.بي.ايه” يزيد احتمالات الاصابة بأمراض القلب والسكري واضطراب انزيمات الكبد.
وقال مسؤولون بادارة الاغذية والعقاقير الامريكية انهم سيراجعون الاكتشافات الجديدة التي لم تكن في الاعتبار حين اعلنت الادارة استنتاجا مبدئيا في اغسطس/آب بأن مادة البيسوفينول آمنة عند المستويات الحالية للتعرض لها.
وقالت لورا تارانتينو المسؤولة في ادارة الاغذية والعقاقير اثناء اجتماع للجنة خبراء يقدمون المشورة للادارة “لدينا ثقة في البيانات التي اطلعنا عليها وفي البيانات التي نعتمد عليها للقول إن هامش السلامة كاف”.
وتابعت “توجد اشياء يمكنك عملها اذا اخترت تقليل مستواك من بيسوفينول أ”. واستدركت قائلة “لكننا لم نوص بأن يغير اي احد عاداته أو يغير استخدامه لاي من تلك المنتجات لاننا حتى الآن ليس لدينا الدليل لاقتراح ان الناس يحتاجون لعمل ذلك”.
ورفض رئيس اللجنة مارتن فيلبرت الكشف عن الخطوة المقبلة للجنة.
يذكر ان هيئة الصحة الكندية قامت في الثامن عشر من أبريل/نيسان الماضي بحظر استخدام زجاجات الرضاعة للأطفال المصنعة من بلاستيك “البولي كربونات” لاحتوائها على مادة “بيسفينول أ”، وذلك بناء على دراسات قامت بها منذ أكثر من عام واستناداً إلى العديد من الدارسات التي تمت في اليابان والاتحاد الأوروبي على زجاجات البلاستيك المستخدمة في تعبئة العديد من المواد الغذائية، حيث اتضح أنه بالإضافة إلى التسبب في الإصابة بسرطان البروستاتا والثدي، فقد اتضح أن الأطفال الرضع أكثر حساسية من البالغين لأضرار هذه المادة.
وكانت دراسة اخرى نشرت حديثا قد حذرت من تأثير مادة “البيسوفينول أ” على هرمونات الرضع واصابتهم باضطرابات عصبية وسلوكية. كما اشارت بعض الدراسات إلى علاقة هذه المادة بالتسبب في السمنة.
وتستخدم مادة البيسوفينول في انتاج البلاستيك عديد الكربونات وهي مادة شفافة تقاوم الكسر وتدخل في منتجات تتراوح من قنينات رضاعة الاطفال إلى الاجهزة الطبية.
ويمكن لهذه المادة محاكاة عمل هرمون الاستروجين في الجسم.
كما يمكن ان يستهلك الناس هذه المادة اذا حدث لها ترشيح من البلاستيك إلى حليب الاطفال أو الماء أو الغذاء داخل وعاء البلاستيك. وتتحرك بعض شركات التجزئة وبعض المصنعين للنأي بأنفسهم عن منتجات تدخل فيها مادة بي.بي. ايه. وخلص المسؤولون الكنديون إلى ان بي.بي.ايه مادة ضارة.
وقال ستيفن هنتجز من مجلس الكيمياء الامريكي وهي جماعة صناعية ان تصميم الدراسة لا يسمح لاي احد بأن يستنتج ان بي.بي.ايه تسبب مرض القلب والسكري.
واضاف “لكن على الجانب الآخر.. خضعت مادة “بيسوفينول أ” لدراسة مكثفة جدا في عدد كبير جدا من الدراسات الحيوانية المعملية. والدليل من تلك الدراسات يواصل دعم الاستخدام الامن للمنتجات التي تتضمن بيسوفينول أ”.
وحلل الباحثون البريطانيون الذين يسلمون بأن اكتشافاتهم ليست دليلا على ان المادة الكيماوية تسبب الضرر، عينات بول من دراسة صحية للحكومة الامريكية لكبار تتراوح اعمارهم بين 18 و74 عاما كعينة للسكان الامريكيين.
وكانت نسبة 25 في المائة من الناس اصحاب اعلى المستويات من مادة بيسوفينول أ في اجسادهم اكثر احتمالا بما يزيد على المثلين للاصابة بمرض في القلب بما في ذلك الازمات القلبية أو السكري من النوع الثاني بالمقارنة مع نسبة 25 في المائة اصحاب اقل المستويات من تلك المادة.
واثناء اجتماع لجنة ادارة الاغذية والعقاقير قال العديد من العلماء والنشطاء ان الادارة تجاهلت دراسات حيوانية توصلت إلى بواعث قلق صحية ودعا البعض إلى حظر استخدام المادة الكيماوية في اوعية الطعام.
وقال النائب الديمقراطي جون دينجل من ميشيجان والذي يرأس لجنة الطاقة والتجارة بمجلس النواب ان ادارة الاغذية والعقاقير “ركزت بقصر نظر على بحث مولته الصناعة”.
وقالت تارانتينو انه لم يحدث تجاهل لشيء لكن الدراسات الممولة من الصناعة والتي لم تكشف ضررا هي دراسات مهمة في التوصل لاستنتاجات. ومن المتوقع ان تقدم اللجنة مشورتها إلى ادارة الاغذية والعقاقير الشهر المقبل.
وقالت تارانتينو وهي رئيسة مكتب سلامة الاضافات الغذائية في ادارة الاغذية والعقاقير انه يوجد حديث عن قيام علماء حكوميين بدراسات خاصة بهم لسلامة بي.بي.ايه لكن انجازها قد يستغرق سنوات.
سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر |
وكان باحثون أمريكيون قد نبهوا إلى أن العلب والأوعية البلاستيكية المخصصة لحفظ الطعام قد تشجع نمو نوع معين من الخلايا السرطانية في غدة البروستات عند الرجال، وتؤثر سلبياً في فعالية العلاجات الخاصة بها.
وأوضح علماء في جامعة سينسيناتي ومركز علوم الوراثة البيئية، أن الخلايا السرطانية في البروستات تتنشط عند تعرض الرجال لمادة “بيسوفينول ايه”، الشبيهة بهرمون الأستروجين البيئي غير السترويدي.
وأظهرت الدراسة الجديدة التي نشرتها مجلة “بحوث السرطان” أن النوع المتأثر من خلايا سرطان البروستات، التي تتميز بوجود مستقبلات متغيرة لهرمونات الأندروجين الذكرية، ينقسم وينتشر استجابة لتلك المادة البلاستيكية. ويرى الخبراء أن لهذه الاكتشافات أهمية بالغة بالنسبة للرجال، الذين يصابون بطفرات حساسة لمادة “بيسوفينول ايه” في جينات المستقبلات الأندروجية، أثناء فترة علاجهم من سرطان البروستات، ويمثلون 8 إلى 25% من جميع المرضى المصابين بهذا النوع من السرطان.
وأوضح الخبراء أن الكثير من حالات سرطان البروستات تعتمد على الأندروجينات الذكرية مثل التستوستيرون، الذي ينشط نمو الورم، وانتشار الخلايا الخبيثة، ويتمثل العلاج الشائع لهذه الحالات في تقليل تصنيع ذلك الهرمون في الجسم، إلا أن المرضى المصابين بطفرات في المستقبلات الأندروجينية لا يستجيبون لهذا العلاج، وبالتالي فإن تعرضهم لمادة “بيسوفينول ايه” البلاستيكية، يضعهم في خطر أعلى لنمو الخلايا السرطانية في أجسامهم.
ويمكن تحديد زجاجات البلاستيك التي تحتوي على مادة البيسفينول إيه بالنظر إلى الحروف الموجودة على الزجاجة بجانب رمز إعادة التدوير، فإذا وجد المستهلك الحروف “PC” أو “PVC”، فهذا يعني أن البلاستيك المستخدم من نوع “البولي كربونات” أو “البولي فينيل كلوريد” التي تحتوي على “البيسفينول أ”، اما وجود الحروف “HDPE” و”LDPE” و”PProplyene” فإنه يعني خلو البلاستيك من مادة “البيسفينول أ”.
وتحذر الجهات الصحية الأمهات من أن ملء البلاستيك المحتوي على مادة “البيسفينول أ” بالسوائل الساخنة يزيد من انتقال هذه المادة إلى السوائل بمقدار 55 ضعف الظروف العادية.
وتقدر الأبحاث أن كمية مادة “البيسفينول أ” التي يمكن أن تنتقل من زجاجات البلاستيك المحتوية عليها تبلغ 5 أجزاء في المليار، وهذا يشير إلى أن الإنسان يصل إلى حد الخطر اذا تناول 1300 رطل من الغذاء أو الشراب المعبأ في تلك الزجاجات، وفي حالة العبوات المعدنية للمياه الغازية والعصائر التي تكون مغلفة بطبقة رقيقة من بلاستيك “البولي كربونات” فإنها يمكن أن تنقل 37 جزءاً في المليار من هذه المادة. وقد دفعت الضجة التي اثيرت حول هذه المادة في الشهور الاخيرة بالسلطات الصحية إلى سحب رضاعات الاطفال التي تحتوي على هذه المادة من الاسواق المحلية.
الخليج