سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر |
مهموم بمعاناة ذوي الاحتياجات الخاصة
خالد المر يصمم شعارات للمعاقين تحمل الهوية الإماراتية
*جريدة الاتحاد
تصميم للشعارات (الصور من المصدر)
أحمد السعداوي (أبوظبي):
برع خالد المر الزعابي في فن الجرافيتي وتصميم الجرافيك، وتوصل إلى فكرة مبتكرة عن مجموعة رموز جديدة للاحتياجات الخاصة، مرتبطة بالهوية الإماراتية، تهدف إلى تقديم لون جديد من الخدمات لهذه الفئة المهمة في المجتمع.
ويقول خالد: «جاءتني فكرة الشعارات الجديدة لذوي الاحتياجات، حين كُنت طالباً في الجامعة الأميركية أدرس التصميم، وأردت أن أقدم مشروعاً يخدم المجتمع الإماراتي من خلال تصميم جديد وفريد يفيد الجميع، فكان التركيز على فئة ذوي الاحتياجات باعتبارهم شريحة مهمة في المجتمع، وتسعى الدولة بكل مؤسساتها وأفرادها لتقديم أرقى وسائل الدعم والمساندة لهم، وقبل الوصول إلى فكرة معينة، قررت إجراء مقابلات مع الناس لاستطلاع آرائهم عن درجة رضاهم عن الشعارات المعبرة عن ذوي الاحتياجات، وتبين لي أنه ليس هُناك سوى شعارات خاصة بذوي الإعاقة الحركية، مع تجاهل تام لأنواع الإعاقة الأخرى، علماً بأنه في جميع أنحاء الدولة، بل ودول الخليج، لا يوجد غير شعار خاص بذوي الإعاقة الحركية فقط، يصور شخصاً جالساً على كرسيه المتحرك».
* * *
ميلاد الفكرة
وأضاف: «بدأت الفكرة تتبلور لديَّ بشأن إيجاد شعارات لأنواع الإعاقة المختلفة على أن ترتبط بالبيئة الإماراتية، وصممت مجموعة شعارات تلائم الإعاقات المختلفة، وتعبر عن الجنسين؛ لأن المجتمع الإماراتي من أبرز تقاليده الفصل بين النساء والرجال، حتى يسهل استخدام تلك الشعارات في كافة الأماكن والمؤسسات والتجمعات والجهات الخدمية في الدولة.
وأضاف، بعد أن توصلت إلى رسم التصاميم، توقفت أمام اختيار الألوان، ورأيت أن اللون الأساسي المستخدم لشعارات ذوي الإعاقة في جميع أنحاء العالم، هو الأزرق، وهذا اللون تبعاً لنظرية الألوان يدل على شخص مريض، ويحمل رسالة ضمنية بإشارات سلبية موجهة إلى ذوي الإعاقة ويشوه فكرة أفراد المجتمع نحو المعاقين. وهذا جعلني اختار اللون الأخضر الذي يدل على الرعاية والاهتمام، وهذا ما نفهمه حين ننظر إلى الشجرة التي تنمو وتترعرع.
وقال: إنه عقب الانتهاء من الشكل العام للشعارات، أجرى استبياناً بين متخصصين في مجال ذوي الإعاقة وأفراد عاديين في المجتمع، للوقوف على مدى سهولة توصيل الشعار إلى الجمهور، فكانت ردة الفعل مرحبة جداً؛ لأنهم وجدوا في الشعارات الطابع الإماراتي الخليجي الذي منحها خصوصية متفردة، كما أن الشعارات الجديدة سلطت الضوء على أنواع الإعاقة الأخرى ولم تركز فقط على الحركية.
* * *
نماذج الشعارات
ويقول خالد، إن مؤسسة زايد العليا للرعاية الإنسانية وذوي الاحتياجات الخاصة، بوصفها الجهة الأولى المسؤولة عن شؤون ذوي الاحتياجات في الدولة، كان لها دور كبير في إنجاح الفكرة، حيث شرحوا له أهمية الأخذ بتلك الشعارات التي تسهل كثير من المواقف التي تواجه ذوي الاحتياجات، فهناك مشكلة واجهت أحدهم نتيجة عدم معرفة الآخرين بأنه معاق، حيث كان يقود سيارة واستوقفه شرطي وسأله عن رخصة القيادة وبعد حوالي عشر دقائق اكتشف الشرطي أن الشخص يعاني إعاقة كلامية، وهذا يبين أهمية إبراز نوع الإعاقة في الأوراق الرسمية الخاصة بالأفراد، مثل رخصة القيادة والهوية والبطاقة الصحية، ومستقبلاً يمكن أن تضاف إلى جواز السفر حتى تسهم في تسهيل معاملات ذوي الاحتياجات خارج الدولة، حيث يصعب التواصل مع الآخرين بالنسبة للأفراد العاديين، فما بالك بالأشخاص المعاقين.
وقال: أخذت في تصميم نماذج لهذه الشعارات تصلح لإضافتها على الأوراق الرسمية المختلفة من دون أن تترك تغيراً ملحوظاً على الشكل العام الذي يعرفه الجمهور عن هذه الأوراق.
* * *
الصم والبكم
وأوضح أن فئة الصم والبكم وغيرها من الإعاقات غير الظاهرة لا تحظى بنفس القدر من الاهتمام الذي تناله الإعاقات الحركية. وعلى سبيل المثال في مواقف السيارات والمرافق العامة يؤخذ ذوو الإعاقة الحركية في الاعتبار، ولكن الصم والبكم وغيرهم من ذوي الإعاقات غير الحركية لا يلقون نفس الاهتمام، وربما لا يشعر بهم كثيرون في المجتمع، وبالتالي يفتقدون بعض أوجه الرعاية المفترض أن توجه لهم خاصة أن الدولة لا تبخل بأي جهد أو فكرة تسهم في مساعدة هذه الشرائح الاجتماعية المهمة.
ودعا المؤسسات والهيئات العامة إلى تخصص أماكن وأشخاص للتعامل مع هذه الفئة ومساعدتهم على تيسير أمورهم، فيجب أن تكون السيارات المخصصة للمعاقين، متاحة أمام أصحاب الإعاقات المختلفة وليست الحركية فقط، كما هي الحال الآن، لأنهم جميعاً يشتركون في أحد أنواع المعوقات عن التواصل بشكل كامل.
* * *
أهمية التصميم
ويؤكد أن التصميم له من دور مهم في توفير احتياجات المجتمع من منتجات فنية، من شأنها أن تخاطب أذواق كل أفراد المجتمع ومستهلكيه حسب اختلاف أعمارهم ومستواهم الاجتماعي والثقافي، ويهدف التصميم بالدرجة الأولى إلى تحقيق الرفاهية والناحية الجمالية، فبعض المصممين يرون أنفسهم فنانين.
وفي الوقت ذاته، يفضل آخرون اعتبار أنفسهم أشخاصاً لهم القدرة الإبداعية على حل المشاكل خصوصاً تلك المتعلقة بإيصال فكرة معينة للناس ومحاولة إقناعهم بها، فعند الإعلان عن منتج أو سلعة معينة سيحاول المصمم استخدام الأشكال والخطوط والألوان معاً، في إطار يعبر فيه عن مزايا هذه السلعة، وقد يختصر المصمم تلك الفكرة في صورة ما مع إضافة جملة معبرة، وقد يضع الكثير من العناصر، فالكم ليس مهماً والأهم هو الكيف، لذلك يختار المصمم منهج التفاعل القريب من الناس والبقاء على مقربة من مشاكلهم وهمومهم للتعبير عنها في صورة تتميز بالجمالية، فهو بذلك يستمتع بهذا التفاعل في جميع حالاته.
* * *
الفكرة
ومن أجل زيادة الوعي بشكل أكثر وضوحاً عن هذه الفكرة، أنتج المصمم خالد المر، فيلماً قصيراً مدته دقيقتان مطروح على الموقع الإلكتروني لجريدة «الاتحاد»، يبين الفكرة بشكل جلي ويسهم في توصيل رسالتها إلى الجمهور.
ومن مميزات هذا الفيلم القصير أنه يمكن تداوله ونشره عبر مواقع الشبكة العنكبوتية حتى يكون هناك وعي مجتمعي بهذه الشعارات الجديدة التي تطبق مستقبلاً في الدولة وبقية دول الخليج، حيث تفتقد جميعاً شعارات مماثلة تعبر عن الهوية الخليجية المشتركة التي تجمع بين أفراد هذا الجزء من العالم من عادات وتقاليد وأفكار.