الحمد لله رب العالمين، أحمده سبحانه حمدا طيبا مباركا فيه كما يحب ويرضى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا محمدا عبد الله ورسوله وصفيه من خلقه وخليله، اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد: فأوصيكم عباد الله ونفسي بتقوى الله عز وجل، قال تعالى واتقوا الله ويعلمكم الله والله بكل شيء عليم).
أيها المؤمنون: العلم أساس نهضة الأمم وتقدمها، ورفعة الشعوب وازدهارها، فما من أمة نالت حظا من الرفعة والعلو، وبلغت منزلة من النهضة والسمو، إلا كان العلم أساسها، والمعرفة سبيلها، قال تعالى قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون) ولذلك اهتم الإسلام بالعلم اهتماما عظيما، فوجه الناس إلى القراءة؛ لأنها سبيل العلم، قال سبحانه اقرأ باسم ربك الذي خلق* خلق الإنسان من علق* اقرأ وربك الأكرم* الذي علم بالقلم* علم الإنسان ما لم يعلم)
وأقسم الله عز وجل بأدوات العلم ووسائل تحصيله، في إشارة إلى أهمية كتابة العلم وتوثيقه، فقال عز وجل ن والقلم وما يسطرون) كما رفع الإسلام من شأن العالم والمتعلم، قال الله تعالى يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات)
والعلم الذي دعا الإسلام إلى تحصيله يشمل كل علم نافع يحقق التقدم والتطور والبناء، ويعود على البشرية بالخير والسعادة والنماء، وهذا ما أشار إليه النبي صلى الله عليه وسلم بقوله :« من سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله له به طريقا إلى الجنة»
فكل فرع من فروع العلم والمعرفة يقصده المسلم ابتغاء وجه الله تعالى يكون عليه مأجورا.
أيها المسلمون: ونحن على أبواب عام دراسي جديد، والأمر يتطلب من الجميع مزيدا من العمل والجهد، فالمنظومة التعليمية لا ينمو زرعها إلا بتضافر جهود شرائح المجتمع كافة، فالعلم رسالة إنسانية عظيمة، يجب أن نساهم في تحقيق أهدافها النبيلة، ونسمو بها لإنتاج أجيال متزودة بالعلم والمعرفة، تمضي إلى العلا بعزيمة وثبات، وتواصل مسيرة التقدم والازدهار بهمة ونشاط، وهذا يستلزم من أبنائنا حمل هذه الأمانة، والنهوض بشرف المسؤولية.
وعلى طالب العلم استحضار النية الصالحة وهو يتعلم لينفع نفسه، ويخدم وطنه، وليعلم أن حظه من الأجر على قدر نيته، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :« إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى»
والصبر على تحصيل العلم، وتحمل مشاقه أدب لا يستغني عنه طالب العلم، فمسائل العلم وأبوابه لا يحصلها، ولا يجني ثمرتها، إلا من تحلى بالصبر، قال الله تعالى في قصة نبيه موسى عليه السلام مع العبد الصالح قال له موسى هل أتبعك على أن تعلمن مما علمت رشدا* قال إنك لن تستطيع معي صبرا* وكيف تصبر على ما لم تحط به خبرا* قال ستجدني إن شاء الله صابرا ولا أعصي لك أمرا)
ولنا في السابقين أسوة وقدوة، فقد استثمروا في طلب العلم أوقاتهم، وأفنوا في تحصيله أعمارهم.
كما أن سعة الصدر والتواضع من سمات طلبة العلم، فقد قال أحد العلماء: لا يتعلم العلم مستحي ولا مستكبر.
وعلى أبنائنا الطلاب أن يتحلوا بمكارم الأخلاق وأشرافها، وأن يتأدبوا بأحسن الآداب وأرفعها، وأن يعرفوا قدر معلميهم.
عباد الله: وتقع على المعلمين مسؤولية كبيرة في إعداد الأجيال، وبناء العقول، وتهذيب الأخلاق، وتنمية القدرات، والتعرف على مهارات الطلاب، واكتشاف المواهب الكامنة فيهم، للاستفادة منها وحسن توظيفها، وهذا عمل مهم لعظم ما يترتب عليه من منافع كبيرة للمجتمع، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :« سيأتيكم أقوام يطلبون العلم، فإذا رأيتموهم فقولوا لهم: مرحبا مرحبا بوصية رسول الله صلى الله عليه وسلم واقنوهم». أي: علموهم.
اللهم وفقنا جميعا لطاعتك وطاعة من أمرتنا بطاعته، عملا بقولك يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم)
نفعني الله وإياكم بالقرآن العظيم، وبسنة نبيه الكريم صلى الله عليه وسلم،
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية
الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله، اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين وعلى أصحابه أجمعين، والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد: فاتقوا الله عباد الله واعلموا أن مسؤولية أولياء أمور الطلاب عظيمة، لا تنحصر في شراء مستلزمات الدراسة لأبنائهم فقط، بل تستدعي توجيههم وإرشادهم ومتابعة سلوكهم ومراقبة أقرانهم وزملائهم وتهيئة الجو المناسب لمذاكرتهم ودراستهم، فإن رعاية شؤون الأولاد، وحسن تربيتهم، وبناء عقولهم أمانة في أعناق الآباء والأمهات، وما منح والد ولده شيئا أفضل من أدب رفيع وخلق حسن، وهي مسؤولية المعلمين والمعلمات، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :« إن الله سائل كل راع عما استرعاه، حفظ ذلك أم ضيع، حتى يسأل الرجل عن أهل بيته».
سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر |
ونذكر الجميع والسائقين خاصة بضرورة الالتزام بقواعد السير والمرور وآداب الطريق، والمحافظة على النظام أثناء ركوب الطلاب الحافلات والنزول منها حرصا على سلامة أبنائنا في ذهابهم ورجوعهم من مدارسهم, ليأمن كل إنسان منا على حياته وحياة أبنائه، فالأولاد زينة الحياة الدنيا، وهم قرة العين.
عباد الله: إن الله أمركم بأمر بدأ فيه بنفسه وثنى فيه بملائكته فقال تعالىإن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما) وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:« من صلى علي صلاة صلى الله عليه بها عشرا»
اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وارض اللهم عن الخلفاء الراشدين أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وعن سائر الصحابة الأكرمين، وعن التابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
اللهم إنا نسألك علما نافعا، وقلبا خاشعا، ولسانا ذاكرا، ورزقا طيبا واسعا، وعملا صالحا متقبلا، وعافية في البدن، وبركة في العمر والذرية، اللهم علمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا، وزدنا علما، اللهم آت نفوسنا تقواها، وزكها أنت خير من زكاها، أنت وليها ومولاها، وأحسن عاقبتنا في الأمور كلها، اللهم أصلح لنا نياتنا، وبارك لنا في أزواجنا وذرياتنا واجعلهم قرة أعين لنا، واجعل التوفيق حليفنا، وارفع لنا درجاتنا، وزد في حسناتنا، وكفر عنا سيئاتنا، وتوفنا مع الأبرار، اللهم لا تدع لنا ذنبا إلا غفرته، ولا هما إلا فرجته، ولا دينا إلا قضيته، ولا مريضا إلا شفيته، ولا حاجة إلا قضيتها ويسرتها يا رب العالمين، ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.
اللهم وفق ولي أمرنا رئيس الدولة، الشيخ خليفة ونائبه لما تحبه وترضاه، وأيد إخوانه حكام الإمارات وولي عهده الأمين.
اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات الأحياء منهم والأموات، اللهم ارحم الشيخ زايد، والشيخ مكتوم، وإخوانهما شيوخ الإمارات الذين انتقلوا إلى رحمتك، اللهم اشمل بعفوك وغفرانك ورحمتك آباءنا وأمهاتنا وجميع أرحامنا ومن كان له فضل علينا.
اللهم أدم على دولة الإمارات الأمن والأمان وعلى سائر بلاد المسلمين.
اذكروا الله العظيم يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم (وأقم الصلاة إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون).