سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر |
تحقيق: عدنان عكاشة
جريدة الخليج
يطالب أهالي رأس الخيمة بوضع حد لمشكلة رواتب الكوادر الطبية والفنية، والأطباء على وجه الخصوص، والعمل على رفع سقف الامتيازات المادية الخاصة بهذه الفئة الهامة، للحد من تسرب الكوادر المتميزة والنادرة .
في محور المنشآت الصحية، يتوقف إبراهيم الشيراوي، موظف متقاعد، عند الحالة المتردية لمستشفى سيف بن غباش القديم في رأس الخيمة، الذي تم إحلال الجزء الأكبر منه على نفقة رجل الأعمال المواطن محمد إبراهيم عبيد الله، إلا أن المبنى القديم مازال مستغلاً حتى اللحظة كمقر لقسم الأمراض العصبية والنفسية، رغم حالته المتهالكة، إلى حد يصل إلى تشكيل خطورة على سلامة المرضى والمراجعين والأطباء والعاملين .
ويحدد أسباب خطورة المبنى القديم للمستشفى، الذي شيد في السبعينيات من القرن الماضي، في احتمالات وقوع هزات أرضية قوية في المستقبل، أو اندلاع حرائق، تعرض سلامة المرضى والعاملين والأهالي للخطر، ويلفت إلى حوادث الماس الكهربائي، التي شهدها الجزء القديم من المستشفى، وإن كانت محدودة، ولم تسفر عن خسائر مادية أو بشرية تذكر، إلا أنها تقرع جرس الإنذار من خطورة وضع بعض المنشآت الصحية المتهالكة، والتي انتهى عمرها الافتراضي، وينبغي إحلالها .
ويصف عبدالله سالم الشميلي، رب أسرة وموظف حكومي، الخدمات الصحية في رأس الخيمه بالسيئة للغاية، لأسباب مختلفة، أهمها غياب بعض التخصصات الصحية المهمة، متسائلاً عن أسباب إصرار معظم ذوي المرضى، ممن يصلون إلى مستشفيات الإمارة في حالة خطرة، على تحويلهم إلى مستشفيات أبوظبي ودبي، ولماذا لا يتم استقطاب الكوادر الطبية المتميزة وجلب أفضل المعدات .
ويؤكد من واقع خبرته كمريض سكري، يتلقى العلاج في مراكز الإمارة، أن نسبة عالية من المرضى من أبناء رأس الخيمة يتلقون العلاج في مستشفيات أبوظبي ودبي، لضعف ثقتهم بالخدمات الصحية في الإمارة، كما لدى القطاع الصحي العام عجز مزمن في الأدوية، وأصطدم أحيانا بعدم توفر أنواع وأسماء الأدوية التي اعتدت عليها، وإن كانت ردود الأطباء والصيادلة والمسؤولين تفيد بتوفير بدائل لها، وهو ما لا أقتنع به، لاعتيادي على صنف محدد من إنتاج شركة معينة، ومن الصعب نفسيا على المريض تقبل مثل هذا التغيير . ويسلط الضوء على محور الكوادر الطبية في رأس الخيمة، قائلاً: يوجد طبيب واحد فقط للتشخيص في قسم الطوارىء بمستشفى صقر . ويعتبر أن أخطر ما يواجه القطاع هو الأخطاء الطبية التي تمر مرور الكرام، دون تحقيق واستقصاء كاف وبلا عقوبات رادعة، وإدارات المستشفيات تفتقر للشفافية مع الرأي العام ووسائل الإعلام .
وحدة عناية مركزة
ويناشد سالم المفتول، محامي، بالإسراع في إنشاء وحدة عناية مركزة في مستشفيي إبراهيم بن حمد عبيد الله وسيف بن غباش في رأس الخيمة، ثاني أكبر مستشفيات الإمارة، حفاظاً على صحة وحياة المرضى، ولتقليل الوفيات في الحوادث الخطرة والحالات الحرجة، ويشتكي من مفاجأة المرضى بمجرد وصولهم مع ذويهم إلى مستشفى عبيد الله، وهم يعانون حالات حرجة، بضرورة نقلهم إلى مستشفى صقر، الذي يبعد 10 كيلو مترات تقريباً، لعدم وجود وحدة للعناية المركزة في الأول، ما يؤخر علاجهم وإنقاذ حياتهم، كما يشكل مشقة على المريض .
ويلفت إلى أن وحدة العناية المركزة من أهم المقومات التي يتحتم توفيرها في أي مستشفى، في ظل حاجة المرضى الماسة، والزيادة المطردة في عدد سكان الإمارة، وارتفاع نسبة وقوع الحوادث المرورية، والزيادة الملموسة في معدلات الإصابة بالأمراض الخطرة .
ويفسر ضعف الثقة بالخدمات الصحية الحكومية في رأس الخيمة إلى الفارق الواضح في مستواها بالمقارنة مع ما يتوافر في أبوظبي ودبي، حيث تعمل كوادر متخصصة ومدربة، وتوجد أجهزة طبية أكثر تطوراً، وعناية أفضل، وحتى الأدوية هناك تختلف . ويقترح تخصيص وزارة الصحة ميزانية مستقلة لكل منطقة طبية على حدة، للوفاء بالتزاماتها، واحتياجاتها .
تبدو حالة مراكز الرعاية الصحية الأولية في بعض مناطق رأس الخيمة مؤسفة للغاية، من ضمنها مركز رأس الخيمة الصحي (الكويتي سابقا)، وهو مبنى قديم، شيد على نفقة دولة الكويت في مرحلة سابقة، ثم يأتي مركز الجير الصحي، شمال الإمارة، وهو في بيت شعبي قديم، ومركز المعمورة، وهو الآخر مبنى قديم، خضع للصيانة في وقت سابق، ومركز مسافي المستأجر، حيث يشغل الطابق الأرضي، إلا أن الأهالي يطالبون بإحلالها جميعا، باعتبار الصيانة لا تجدي نفعا .
علي البلوشي، رب أسرة مواطن، قال: إن الدولة بخير، ما يحتم الارتقاء بالخدمات الصحية في جميع إمارات الدولة، بينها الإمارات الشمالية، مطالبا بتطوير أسلوب التعامل مع المرضى في المنشآت الصحية الحكومية، وفرض أسلوب إنساني وعاطفي في تعامل الأطباء والموظفين مع المرضى، في ظل ظروفهم وحالاتهم الصحية، والتركيز على الأبعاد النفسية للمراجعين .
ويشير إلى الفارق في التعامل مع المرضى بين القطاع العام والقطاع الخاص لمصلحة الثاني، حيث الاستقبال بطريقة راقية، والتعامل بصورة إنسانية وتقدير المراجع، لافتاً إلى أنه حرم على نفسه التوجه إلى المستشفيات أو المراكز الحكومية بعد خطأ في الإجراءت الإدارية واجهه في مركز صحي عام، قرر بعدها تلقي العلاج في القطاع الخاص فقط .
ويلح على ضرورة منح الحالات الصحية الطارئة اهتماماً خاصاً، وتجاوز الروتين في التعامل معها عند استقبالها، وسرعة تقديم الخدمات الطبية اللازمة، محذراً مما يصفه بالقسوة واللامبالاة في التعامل مع المرضى من قبل بعض العاملين في القطاع .
ويركز على أهمية تطوير أسلوب تعامل موظفي الاستقبال تحديدا، سواء في المستشفيات أوالمراكز الصحية، والارتقاء بمهاراتهم، وإخضاعهم لدورات تدريبية متخصصة في التعامل مع المراجعين بصورة إنسانية ومهنية، وانتقائهم بصورة دقيقة عند التعيين .
أقسام الطوارئ
يشتكي المراجعون لأقسام الطوارئ في رأس الخيمة من زحام شديد في بعض الأيام، ما يزيد أوجاعهم ويفاقم معاناتهم، لاسيما خلال الفترة المسائية، يقول ناصر محمد: إن ضيق مقر قسم الطوارىء في مستشفى صقر، والعدد المحدود من الأطباء يتسببان في انتظار المرضى لوقت طويل في انتظار الدور، ويشير إلى تراجع مستوى الخدمة المقدمة للمراجعين، والحل الذي نضطر إليه أحياناً هو التوجه إلى العيادات الخاصة، هربا من الازدحام في طوارئ المستشفيات، والانتظار لمدة تصل إلى ساعتين .
من جهتها تتناول أم سيف، من أهالي مدينة الرمس في رأس الخيمة، أوضاع سيارات الإسعاف، مطالبة بزيادة أعدادها لتغطية احتياجات جميع الحالات الطارئة على امتداد الخريطة الجغرافية للإمارة . وتناشد تحسين تجهيزاتها، ورفدها بالمعدات الطبية المتطورة، بدلاً من المعدات القديمة، والتي تضم إسطوانات أوكسجين قديمة، رغم التقدم الهائل في هذا الجانب .
طارق يهمورالحبسي، وهو من منطقة سيح البريرات، من ضواحي مدينة رأس الخيمة، طالب بإنشاء وحدة عناية مركزة في مستشفى عبيدالله، وتطوير الوحدة القائمة في مستشفى صقر، وتوسعة قسم الطوارئ في كل من صقر وعبيدالله . كما يناشد الجهات المختصة بإنشاء وحدة للقسطرة القلبية في رأس الخيمة في أسرع وقت، حفاظا على حياة المرضى .
وبعيداً عن المطالب الأخرى، التي تركزت على الكوادر والمنشآت والمعدات، تشغل (الأخطاء الطبية) سيف أحمد راشد، من منطقة خت، القريبة من مدينة رأس الخيمة، بعد خطأ طبي أودى بحياة سيدة مواطنة من أقاربه في وقت سابق، كما يقول، ما يدفعه إلى مناشدة وزارة الصحة والجهات المسؤولة إلى تطوير قدرات الأطباء وتعزيز مؤهلاتهم، وتشديد الرقابة على المستشفيات والمنشآت الصحية في القطاعين العام والخاص .
أخطاء طبية بارزة
شغلت بعض قضايا الأخطاء الطبية التي شهدتها رأس الخيمة الرأي العام في سنوات مضت، كان أبرزها استئصال رحم مريضة بالخطأ، وفقا لادعاء زوجها آنذاك، ومن الأخطاء الطبية الشهيرة الحالة التي ذهب ضحيتها طفل مواطن في مدينة الرمس ابتلع قطعة بلاستيك في منزل أسرته، وعزي الخطأ إلى جرعة تخدير زائدة، بعد نقله إلى أحد المستشفيات .
وفي خطأ آخر قد لا ينطبق عليه وصف (خطأ طبي)، إلا انه خطأ ارتكبته منشأة صحية على كل حال، حين سلم مستشفى حكومي جثة طفل هندي لأسرة مواطنة، إذ اكتشف والد الطفل الآسيوي أن الجثة التي تسلمها ليست لفلذة كبده، ما دفعه إلى إبلاغ إدارة المستشفى بذلك، والتي اكتشفت بدورها أن هناك خطأ ارتكب في تسليم الجثتين، وأن الجثمان الذي تسلمه المواطن المفجوع بطفله لم تكن سوى جثة الطفل الهندي .
مستشفى خليفة التخصصي
يعد مستشفى خليفة التخصصي في رأس الخيمة واحداً من أكبر المشاريع الصحية في الدولة، ومن المقرر استلامه من قبل وزارة الصحة خلال العام المقبل، وتقدّر تكلفته الإنشائية بنحو 553 مليون درهم .
يضع المستشفى حداً لمعاناة أصحاب الأمراض الخطرة، حيث سيتم تزويده بأحدث المختبرات والمعدات الطبية وأجهزة الأشعة وغرفة العمليات الجراحية، ويضم أقساماً رئيسية، من أبرزها الأمراض السرطانية، وأمراض القلب، والمناظير، والحروق، والعناية الفائقة .
يتكوّن مبنى المستشفى من 6 طوابق، ويمتد على مساحة تصل إلى مليون متر مربع، يشغل المبنى منها 57 ألف متر مربع تقريباً . ويحتوي على 248 سريراً، يمكن توسعتها إلى 400 سرير، ويشمل 3 تخصصات رئيسية للأمراض السرطانية، والقلب، والأطفال، والجراحة العامة، ومركزاً متطوراً للطوارئ، ومهبطاً للطائرات المروحية .
مبادرات رجال الأعمال
شكلت مبادرات مجموعة من رجال الأعمال بإنشاء مرافق صحية كبرى في رأس الخيمة على نفقاتهم الخاصة علامة بارزة في مسيرة الخدمات الصحية في الإمارة . وتكفل رجل الأعمال المواطن محمد إبراهيم بن عبيدالله ببناء مستشفى متكامل على نفقته الخاصة، ضم عدة منشآت شيدت على مراحل مختلفة في حرم واحد، بدءاً من المستشفى الرئيسي، وحمل مسمى إبراهيم بن حمد عبيد الله، ثم جاءت توسعة ثانية للمستشفى، وصولاً إلى مستشفى لكبار السن وأمراض الشيخوخة .
وكان مستشفى عبيدالله لعلاج كبار السن وأمراض الشيخوخة، وهو الأول من نوعه في الدولة والمنطقة، آخر سلسلة مبادرات عبيد الله في القطاع الصحي برأس الخيمة، إثر افتتاحه العام الماضي، وقدرت التكلفة الإجمالية لمشروع المستشفى الأخير لوحده بأكثر من 24 مليون درهم، ويقع على مساحة 90 ألف قدم مربعة .
من جانبه تكفل رجل الأعمال راشد عبد الله عمران، بتكاليف بناء مستشفى جديد، بلغ مؤخرا مرحلة التشطيبات النهائية، تبلغ مساحته 150 ألف قدم مربعة، ويضم قسماً للطوارئ وغرفاً للفحص والتضميد ووحدة عناية مركزة وعيادات خارجية، إلى جانب مرافق العلاج الطبيعي والأشعة وغرف الملاحظة وقسم العمليات الجراحية وغرف الإنعاش والولادة وقسم الغسيل الكلوي والمختبرات وأقسام الخدمات الخارجية .