سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر |
وإليك علامات هذا الطريق؛ حتى تتقيه.. وحتى تحاسب نفسك: هل أنت من سالكيه؟!
أولاً: حب الدنيا: حب الدنيا ذلك الداء الخطير؛ الذي أهلك الكثيرين.. وما زال يهلك الكثيرين؛ ممن انشغلوا بالدنيا!
قال رسول الله r: «إنما أهلك من قبلكم الدينار والدرهم، وهما مُهْلكاكُمْ» [رواه البزار/ صحيح الترغيب للألباني: 3258].
ثانيًا: طول الأمل: طول الأمل شغل الكثيرين عن تذكُّر الموت والقبر والحساب! فترى صاحب الأمل يمنِّي نفسه بالأماني العريضة.. كأنه سيخلد في الدنيا!
قال الحسن البصري رحمه الله: (ما أطال عبد الأمل إلا أساء العمل!).
وقال بعض الحكماء: (الأمل سلطان الشيطان على قلوب الغافلين).
طول الأمل أكبر داعٍ إلى الغفلة.. إذ يتولَّد عنه؛ الكسل عن الطاعات، والوقوع في المعاصي، وتسويف التوبة، والانشغال بالدنيا، وقسوة القلب!
ثالثًا المعاصي: المعاصي تصد عن الطاعات، وخاصة إذا كثرت، مع الإصرار وعدم الاستغفار، فإن ذلك من أسباب الغفلة..
قال ابن القيم: (فمما ينبغي أن يُعلم أن الذنوب والمعاصي؛ تضر ولا بد، وأن ضررها في القلب كضرر السُّموم في الأبدان، على اختلاف درجاتها في الضرر، وهل في الدنيا والآخرة شر وداء إلاَّ سببه الذنوب والمعاصي؟!).
أخي المسلم: تلك هي أهم العلامات في طريق الغفلة.. وتحت تلك العلامات تندرج أشياء كثيرة.. فضع نفسك في ميزان المحاسبة؛ فتأمل في حالك: هل أنت من الواقعين في شيء من تلك العلامات؟
ولتعلم أيها المحاسب لنفسه؛ أن تلك العلامات تتولَّد منها شرور يقع فيها كل غافل..
* منها: التهاون بالذنب: فإنَّ الغافل غارق في غفلته.. غير ملتفت إلى فعله؛ فتراه مستصغرًا لذنوبه.. غير خائف من عقوبة الله تعالى..
قيل لبعض الحكماء: من أشد الناس اغترارًا؟! فقال: أشدهم تهاونًا بالذنب! فقيل له: علام تبكي؟! فقال: على ساعات الذنوب! قيل: علام تأسف؟ قال: على ساعات الغفلة!
* ومنها تسويف التوبة: وهو حال كثير من الغافلين؛ يتعلَّق أحدهم دائمًا بالأماني؛ فتجده يقول: سوف أتوب.. سأتوب.. وهو غارق في اللهو والمعاصي!
قال أنس بن مالك t: (التسويف جند من جنود إبليس عظيم، طالما خدع به!).
* ومنها قسوة القلب: الغفلة تورث صاحبها قسوة في القلب، فتراه لا يتأثر بموعظة.. ولا ينفعه تعليم! وهو حال كثير من الغافلين.
جاءت امرأة إلى عائشة رضي الله عنها تشكو إليها قسوة قلبها. فقالت لها: «أكثري من ذكر الموت يرق قلبك». ففعلت المرأة ذلك؛ فرق قلبها، فجاءت تشكر عائشة رضي الله عنها.
أخي المسلم: لا تهملنَّ محاسبة نفسك.. وقلِّب صحيفتك؛ فانظر ماذا سجلت فيها من صالح الأعمال.. فإنَّك إن غفلت عن ذلك كنت في زمرة الغافلين!
فبادر أخي.. قبل أن يبادرك الموت!
وقد قال رسول الله r: «من قرأ عشر آيات في ليلة؛ لم يُكتب من الغافلين» [رواه الحاكم/ صحيح الترغيب والترهيب: 1445].
وقال r: «مَثَلُ الذي يذكر ربَّه، والذي لا يذكر ربَّه، مَثَلُ الحي والميت» [رواه البخاري].
وقال r: «من حافظ على هؤلاء الصلوات المكتوبات، لم يكتب من الغافلين، ومن قرأ في ليلة مائة آية كُتب من القانتين» [رواه ابن خزيمة والحاكم – واللفظ له/ صحيح الترغيب: 1445].
أخي المسلم: ها هي الأيام تنقضي سريعًا.. وفي كل يوم يُفتح لك ديوان يُسجَّل فيه عملك..
فاحذر من الغفلة عن ذلك.. واجعل أيامك مزرعة للآخرة؛ تجد بركاتها غدًا..
قال بعض الحكماء: (إذا أصبح الرجل ينبغي أن ينوي أربعة أشياء: أولها: أداء ما فرض الله عليه. والثاني: اجتناب ما نهى الله عنه.. والثالث: إنصاف من كان بينهم وبينه معاملة. والرابع: إصلاح ما بينه وبين خصمائه. فإذا أصبح على هذه النيات؛ أرجو أن يكون من الصالحين المفلحين).
فاعمل أيها العاقل.. قبل نزول الآجال.. وانقطاع الآمال..
وكلُّ يوم مضى يُدْنِي منَ الأجَلِ
فاعملْ لنفسَكَ قبل الموت مجتهدًا
فإنَّما الربحُ والخُسْرانُ في العملِ