السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بـســم الله الـــرحـمــن الرحيـــــم
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(
يَا أَيُّهَا الَّذِيــــنَ آمَنُـــوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْعَن ذِكْرِ اللَّهِ وَمَـــن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ ،
وَأَنفِقُوا مِن مَّا رَزَقْنَاكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ
فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَـى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُن
مِّنَ الصَّالِحِينَ ، وَلَن يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْساً إِذَا جَاء أَجَلُهَا
وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ) المنافقون 9 – 11
يأمر تعالى عباده المؤمنين بالإكثار من ذكره، فإن في
ذلك الربح والفلاح ، والخيرات الكثيـرة ، وينهاهم أن
تشغلهم أموالهم وأولادهم عن ذكره، فـإن محبة المال
والأولاد مجبولة عليها أكثر النفوس ، فتقدمها عــلى
محبة الله ، وفي ذلك الخسارة العظيمة ، ولهــذا قــال
تعالى ( وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ ) أي : يلهه ماله وولده ، عن
ذكـــر الله ( فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ ) للسعادة الأبدية ،
والنعيم المقيم ، لأنهم آثروا ما يفنى عـلى ما يبقى ،
قال تعالى (
إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وَاللَّهُ عِندَهُأَجْرٌ عَظِيمٌ ) التغابن15
وقوله (وَأَنفِقُوا مِن مَّا رَزَقْنَاكُم) يدخل في هذا النفقات
الواجبة ، مــن الزكاة والكفارات ونفقــــة الزوجات ،
والمماليك ، ونحـو ذلك ، والنفقات المستحبة ، كبذل
المال في جميع المصالح ، وقــال ( مِن مَّا رَزَقْنَاكُم )
ليدل ذلك على أنه تعالى، لم يكلف العباد من النفقة،
ما يعنتهم ويشق عليهــم ، بل أمرهم بإخراج جزء
مما رزقهم الله الذي يسره لهم ويسر لهم أسبابه.
فليشكروا الذي أعطاهم، بمواساة إخوانهم المحتاجين،
وليبادروا بذلك ، الموت الذي إذا جاء ، لم يمكن العبد
أن يأتي بمثقال ذرة من الخير ، ولهــذا قال (
مِّن قَبْلِأَن يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ ) متحسرًا عــلى ما فرط
في وقت الإمكان، سائلا الرجعة التي هي محال (
رَبِّلَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ ) أي : لأتدارك ما فرطت
سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر |
فيه ، ( فَأَصَّدَّقَ ) من مالي ، ما به أنجو من العذاب،
وأستحق بـه جزيل الثواب ، ( وَأَكُن مِّنَ الصَّالِحِينَ )
بأداء المأمورات كلهـا ، واجتناب المنهيات ، ويدخل
فــي هذا ، الحج وغيره ، وهذا السؤال والتمني ، قد
فات وقته، ولا يمكن تداركه، ولهذا قال (
وَلَن يُؤَخِّرَاللَّهُ نَفْساً إِذَا جَاء أَجَلُهَا ) المحتوم لها (
وَاللَّهُ خَبِيرٌبِمَا تَعْمَلُونَ ) مـــن خيـــر وشر ، فيجازيكم على
ما علمه منكم، من النيات والأعمال .
الكتاب تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان
(ص 865) للشيخ : عبد الرحمن السعـدي
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
م_ن