سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر |
قال الله تعالى ( يأيُّها الَّذينَ آمَنوا أَطِيعوا اللهَ وَأَطِيعوا الرَّسولَ وَأُوْلي الأَمْرِ مِنْكُمُ ))
هذه الآية فيها توجيه مهم لكل مسلم ومسلمة، ففيها الأمر بطاعة الله وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم، وفيها الأمر بطاعة ولي الأمر وهو الحاكم المسلم.
وكثيراً ما يوجّه النبي صلى الله عليه وسلّم أصحابه بهذا الأصل فمن ذلك:
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَإِنْ اسْتُعْمِلَ عَلَيْكُمْ عَبْدٌ حَبَشِيٌّ كَأَنَّ رَأْسَهُ زَبِيبَةٌ » .
والمتعارف عليه أنّ العرب كانوا يتملكون العبيد للخدمة وغيرها، وبناءًا عليه فلا يمكن للعبد أن يلي الحر مطلقاً، ولكن المتأمّل في هذه الوصية يجد أنّ السّمع والطّاعة تجب على المجتمع ولو كان الحاكم عبداً حبشيّاً.
– استقرار الأمن في المجتمع، وفي حفظ الأمن حفظ للدّماء وتمكّن النّاس من عبادة الله تعالى، وإذا نُزع الأمن ضاع المجتمع بضياع الحقوق وسفك الدّماء وانتهاك الأعراض.
ولهذا كان هذا هو السّر العظيم في أمر النّبي صلى الله عليه وسلّم في طاعة ولاة الأمر.
فكما أنّ المسلم يصلي لله ويصوم لله فإنّه إذا أطاع ولي أمره فإنما يفعل ذلك ديانة لله وتقرّباً إليه لا من أجل الدّنيا وحطامها وحظوظها.
وثمرة هذه الطّاعة التي تكون ديانة لله، أنّها تجعلك تطيعه في حال نشاطك وقوتك وفي حال كراهيتك وعدم استساغتك، وفي حال يسرك ودعتك وفي حال عسرك وضيقك، وحتّى في حال ظلمك من قبل ولي الأمر فيما أنت تراه، فإنّ شعارك يكون هو السّمع والطّاعة ديانة لله تعالى.
ولا أدلّ على هذا ممّا قاله الصّحابي الجليل عبادة بن الصّامت رضي الله عنه: (( بَايَعْنَا رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ فِى الْعُسْرِ وَالْيُسْرِ وَالْمَنْشَطِ وَالْمَكْرَهِ وَعَلَى أَثَرَةٍ عَلَيْنَا وَعَلَى أَنْ لاَ نُنَازِعَ الأَمْرَ أَهْلَهُ وَعَلَى أَنْ نَقُولَ بِالْحَقِّ أَيْنَمَا كُنَّا لاَ نَخَافُ فِى اللَّهِ لَوْمَةَ لاَئِمٍ)) رواه مسلم.
وأمّا لو أطاع المسلم ولي أمره من أجل مصالح الدّنيا فحسب، وإلاّ فلا طاعة، فهذا قد يرد عليه الخطر العظيم، فلربما حرُم العطاء من ولي الأمر لمصلحة لا يعلمها، ثم يجد العطاء من قبل جهات خارجية وقد تكون مغرضة مفسدة تريد أن تمتطيه لإفساد المجتمع فيقع كبش فداء لهم، وخير شاهد لذلك قصّة كعب بن مالك رضي الله عنه
وكان من خبر هذا الصحابي الجليل أنّه تخلّف عن غزوة تبوك والتي غزاها النبي صلى الله عليه وسلّم ولم يكن له عذر في تخلفه، حتّى رجع رسول الله صلّى الله عليه وسلم من الغزوة، وجاءه المتخلفون عنها يعتذرون إليه بأعذار مختلفة فيعذرهم رسول الله ويكل سرائرهم إلى الله، فعند ذلك جاء كعب بن مالك رضي الله عنه فقال لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم، والله ما كان لي من عذر في تخلفي، فهجره النبي صلى الله عليه وسلّم وأمر الصحابة بهجره، حتّى أمره أن يعتزل امرأته، وبقي على هذه الحال خمسين ليلة لا يكلمه أحد، حتّى جاءه كتاب من ملك غسّان يقول فيه : [ قد بلغنا أنّ صاحبك [ يريد بذلك رسول الله ] قد جفاك فالحق بنا نواسك] فما كان من كعب رضي الله عنه إلاّ أن أحرق الكتاب بالتنور، ثم كان في آخر الأمر أن بشّره رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بتوبة الله عليه.
فتأمّل وفكّر: كيف كان الكفرة في عصر النبوة يتابعون ما يحدث للنبي صلى الله عليه وسلّم، حتّى إنّهم كانوا على علم بهجر النبي صلى الله عليه وسلم لكعب رضي الله عنه، مع انعدام الوسائل الحديثة كالاتصالات وغيرها فما ظنّك بهذا الزّمن!!!!!!!
ولا سيما وأن كل دولة لها من يعاديها ويسعى لإلحاق الضرر فيها وتدبير الخطط والمؤامرات التي تؤدي إلى إخلال الأمن بها.
هذه المعاني التي كرّرها فضيلة الشيخ أحمد الشّحي في محاضرته، وبيّن أنّ المسلم العاقل المحب لله ورسوله لا يتأثّر بالثّقافات التي تفسد عليه هذا الأصل العظيم.
وتأمّل في حال من تأثّر بهذه الثّقافة ممّن ينتسب إلى الإسلام، أو لربّما انتسب إلى الدّعوة والإصلاح، فإنك تجد العجب العجاب.
فهم يرون من يدعوا إلى طاعة ولي الأمر أنّه عميل للدّولة، أو خائن، كلّ ذلك بسبب تأثّره بهذه الثّقافات الفاسدة وابتعاده عن هدي رسول الله الذي يأمر بطاعة ولي الأمر تعبدّاً لله وديانة.
ولذلك فهم يسعون جاهدين من خلال الوسائل المرئية وغيرها في إقناع الناس بنزع يد الطّاعة من الحاكم المسلم والنزول في الميدان وطعنه في المنابر والمجالس من خلال الاستدلال الباطل بالآيات والأحاديث.
ثمّ ذكر فضيلة الشّيخ أحمد الشّحي المفاسد والمضار والمصائب التي تترتب على عدم السّمع والطّاعة لولي الأمر منها:
(( تضاعف الفساد، انتشار الضّياع، سفك الدّماء، اختلال الأمن، هتك الأعراض، انهيار البلاد، ضياع الحقوق)).
والمتأمّل في حال بعض بعض المجتمعات في بعض الدّول التي انتهجت هذا النّهج الفاسد يدرك حقيقة الإدراك ما هم فيه من شتات وضياع.
وهذه التربية هي التي نحتاجها في عصرنا هذا مع كثرة الفتن ودواعي الشر، حفظ الله مجتمعنا وولاة أمرنا وأعوانهم وإخوانهم من كل سوء وشر.
وبعد ذلك أكمل فضيلة الشّيخ شرحه للأربعين النّووية بهذا الحديث
عن أَبَي مَسْعُودٍ عُقْبَةَ بْنِ عَمْرٍو الْبَدْرِىَّ يَقُولُ قَالَ نَبِي اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « إِنَّ مِمَّا أَدْرَكَ النَّاسُ مِنْ كَلاَمِ النُّبُوَّةِ الأُولَى إِذَا لَمْ تَسْتَحِ فَاصْنَعْ مَا شِئْتَ ».
يخبرنا النبي صلى الله عليه وسلّم أنّ ممّا بلغه النّاس وتداولوه من مجتمع إلى مجتمع ومن عهد إلى عهد حتّى وصل إلى عهد النبوة باتفاق جميع الأنبياء، إذا لم يستح الإنسان من ارتكاب الحرام وفعل المشين فليفعل وحسابه على الله، وهذا على سبيل التهديد، وذلك كمثل قوله تعالى 🙂 فاعبدوا ما شئتم من دونه ).
1 – جبلي: وذلك بأن يولد الإنسان وقد غُرس فيه الحياء.
2 – مكتسب: وذلك أن يسعى الإنسان من أجل اكتساب خلق الحياء.
1 – معرفة الله وعظمته.
2 – أن يعلم أن الله مطلع عليه.
3 – أن يتأمل في نعم الله مع الاستشعار في تقصيره مع الله.
الأول: بعض النّاس يفعل أفعالاً ظنّاً منهم أنّه حياء وهو ليس كذلك.
مثال: لو حضر شخص لوليمة دُعي إليها وكان في الوليمة منكر ( كشرب الخمر ) فسكوته وعدم إنكاره ليس من الحياء في شيء.
الثّاني: ترك السؤال في أمور الشّرع ولا سيما التي تخصّ الأسرة أو المرأة في باب الحيض والنّفاس.
مثال: قد ينزل على المرأة دم ولا تستطيع تمييزه أهو دم حيض أو دم استحاضة ؟
ثمّ يرد عليها إشكال آخر، وهو هل تصلّى أم لا ؟
فعند ذلك يجب عليها سؤال أهل العلم والفضل، وإذا غلبها الحياء فلها أن توكّل من يقوم عنها بالسؤال.
وأمّا تركها للسّؤال بالكلية فهذا من الحياء المذموم شرعاً.
وإلى لقاء آخر بإذن الله تعالى نستودعكم الله وأملي أن تعمّكم الفائدة.
يعطيك العافية
ونرجوا منك نقل ترجمة الشيخ أحمد حفظه الله لمن لا يعرف الشيخ
جزاك الله خبرا أخوي طالب علم على هذا المجهود الطيب ، وجزى الله خيرا الشيخ احمد الشحي على هذه الكلمات
والله يحفظ ولاة أمرنا ودولتنا