وهذا من محاسن الشريعة فإن الأمر بالصبر على جور الأئمة وظلمهم يجلب من المصالح ودرأ من المفاسد ما يكون به صلاح العباد والبلاد.
جاء في (( الشريعة )) للأجري : عن عمر بن يزيد، أنه قال :
(( سمعت الحسن – أيام يزيد بن المهلب يقول – وأتاه رهط – فأمرهم أن يلزموا بيوتهم ويغلقوا عليهم أبوابهم، ثم قال :
والله لو أن الناس إذا ابتلوا من قبل سلطانهم صبروا على ما لبثوا أن يرفع الله – عز وجل – ذلك عنهم وذلك أنهم يفزعون إلي السيف فيوكلون إليه، والله ما جاؤوا بيوم خير قط، ثم تلا : )وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الحُسْنَى عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ بِمَا صَبَرُواوَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُوَقَوْمُهُوَمَاكَانُوا يَعْرِشُونَ(
وقال الحسن – أيضاً –
(( أعلم – عافاك الله – أن جور الملوك نقمة من نقم الله – تعالي -، ونقم الله لا تلاقي بالسيوف، وإنما تتقي وتستدفع بالدعاء والتوبة والإنابة والإقلاع عن الذنوب.
أن رسول الله r قال : (( إنها ستكون بعدي أثرة وأمور تكرهونها )).
قالوا : يا رسول الله ! فما تأمرنا ؟
قال : (( تؤدون الحق الذي عليكم، وتسألون الله الذي لكم ))
قوله : (( أثرة )) هي : الإنفراد بالشيء عمن له فيه حق.
وقوله أمور تنكرونها : يعني : من أمور الدين.
سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر |
وقد أرشدهم النبي r في هذه الحالة وهي استئثار الأمراء بالأموال وإظهارهم للمخالفات الشرعية ,إلى المسلك السليم والمعاملة الحسنة التي يبرأ صاحبها من الوقوع في الإثم، وهي إعطاء الأمراء الحق الذي كتب لهم علينا ،من الانقياد لهم وعدم الخروج عليهم.
وسؤال الله الحق الذي لنا في بيت المال بتسخير قلوبهم لأدائه أو بتعويضنا عنه.
قال النووي (– رحمه الله تعالي – على هذا الحديث :
(( فيه الحث على السمع والطاعة وإن كان المتولي ظالماً عسوفاً، فيعطي حقه من الطاعة، ولا يخرج عليه، ولا يخلع، بل يتضرع إلي الله – تعالي – في كشف أذاه، ودفع شره، وإصلاحه )) انتهى.
معاملة الحكام في ضوء الكتاب والسنة