سالم صالح الجري
قال تعالى {يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله والله هو الغني الحميد} وهو مع غناه عنكم يأمركم بدعائه ليستجيب لكم، وسؤاله ليعطيكم، واستغفاره ليغفر لكم، وأنتم مع فقركم وحاجتكم اليه تعرضون عنه وتعصونه، وأنتم تعلمون أن معصيته تسبب غضبه عليكم وعقوبته لكم.
ففي سنن ابن ماجة من حديث عبدالله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما قال: «كنت عاشر رهط من المهاجرين عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فأقبل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم بوجهه» فقال: «يا معشر المهاجرين خمس خصال أعوذ بالله أن تدركوهن، ما ظهرت الفاحشة في قوم حتى أعلنوا بها إلا ابتلوا بالطواعين والأوجاع التي لم تكن في أسلافكم الذين مضوا. ولا نقص قوم المكيال إلا ابتلوا بالسنين وشدة المؤنة وجور السلطان. وما منع قوم زكاة اموالهم الا منعوا المطر من السماء ولولا البهائم لم يمطروا. ولا خفر قوم العهد إلا سلط الله عليهم عدواً من غيرهم فأخذوا بعض ما في أيديهم. وما لم تعمل أئمتهم بما أنزل الله في كتابه إلا جعل بأسهم بينهم». فذكر صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث خمسة أنواع من المعاصي كل نوع منها يسبب عقوبة من العقوبات، ومن ذلك منع الزكاة ونقص المكيال يسببان منع المطروحصول القحط وشدة المؤنة وجور السلطان.
فقد ابتلي كثير من الناس اليوم بتضخم الأموال في أيديهم وصاروا يتساهلون في اخراج الزكاة اما بخلاً بها إذا نظروا إلى كثرتها، واما تكاسلاً عن احصائها وصرفها في مصارفها.
قال تعالى: {أفرأيتم الماء الذين تشربون٭ أأنتم أنزلتموه من المزن أم نحن المنزلون٭ لو نشاء جعلناه أجاجاً فلولا تشكرون}، فهو الذي ينزل المطر بمنه وفضله ولو شاء لحبسه فتضرر العباد، وهو الذي يجعله عذباً فراتاً سائغاً شرابه، ولو شاء جعله ملحاً أجاجاً لا يصلح للشرب.
سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر |
إن الله أرشدنا عند احتباس المطر إلى أن نستغفره من ذنوبنا التي يسببها حبس عنا المطر، فالاكثار من الاستغفار والتوبة من أسباب نزول المطر قال تعالى{فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفاراً٭ يرسل السماء عليكم مدراراً٭ ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم انهاراً} مما يدل على أنه مطلوب من المسلمين جميعاً عند امتناع المطر أن يحاسبوا أنفسهم ويتوبوا إلى ربهم لأن ذلك بسبب ذنوبهم كما قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب: «ما نزل بلاء إلا بذنب ولا رفع إلا بتوبة» فاتقوا الله وتوبوا إليه. فاذا دعانا ولي الأمر إلى صلاة الاستسقاء فبادروا باخراج الزكاة والصدقات فإن المال لن يدفن معنا ولن ينفعنا إلا إذا صرفناه لمستحقيه على الفقراء والمساكين والأرامل والأيتام والمعسرين والمدينين. وأكثروا من الاستغفار من الذنوب والمعاصي، فكلكم خطاء وخير الخطاءين التوابون.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته