سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر |
هواة الطبيعة يقصدونه للاستجمام الأمن والسلامة
جبل جيس: سياحة على القمّة الشاهقة
*جريدة الاتحاد
نسرين درزي (أبوظبي):
يشعر من يزور إمارة رأس الخيمة بأنه يتحول وسط ربوعها إلى مستكشف للطبيعة. وهو ما ينطبق على زيارات جبل جيس حيث تسجل الأجواء الشتوية، التي تعكسها مرتفعاته، أعلى مؤشرات الجذب للإمارة. ولاسيما مع الإعلان عن اقتراب إنجاز مشروع تعزيز الجبل بالمرافق السياحية.
* * *
انطباع مغاير
يكفي القيام هذه الأيام بجولة في محيط جبل جيس الواقع شمالي مدينة رأس الخيمة، للاطلاع على حجم الاهتمام السياحي بالمكان الذي ينعم بالأجواء المنعشة. هناك حيث منظر الصخور الشاهقة يترك انطباعاً مغايراً في النفس، يتجمع متنزهون في مشهد استثنائي لا يشبه رحلات البر والتخييم.
صور لعائلات وصلت بسيارات الدفع الرباعي إلى أعلى، تفترش الأرض بطريقة متفردة تتناثر حينا وتتقارب آخر بما يوحي بالاستجمام المطلق وسط الطبيعة. ويأتي هذا الشعور المفرط بالرضا للخروج إلى الهواء الطلق في نزهات تكسر الروتين، فالجلسات الخارجية عند جبل جيس، حقيقة نادرة مع طبيعة البلاد الصحراوية. وهناك يحلو التقاط الصور للمناظر الممتدة على طول الشريط الساحلي وبساتين النخيل من جهة ونحو الأعالي من جهة أخرى.
* * *
هواة التسلق
لأن المرتفعات الآسرة تدعو كثيرين من هواة التسلق إلى الوصول نحو قمة الجبل، تواصل حكومة رأس الخيمة أعمال تطوير الطريق التي تشقه والتي قاربت على نهايتها بانتظار البدء بمشاريع سياحية أكثر شمولية. ويأتي هذا الاهتمام تتويجاً للحالة المناخية غير الاعتيادية للجبل الذي يرتفع 1800 متر، والذي شهد حالات عدة لتساقط الثلوج في ظاهرة محلية استثنائية، خلال 2024 و2008 و2009 عندما غطى الأبيض قمة الجبل وانخفضت الحرارة إلى درجة تحت الصفر في سابقة من نوعها. ومنذ ذلك الوقت يترقب سكان رأس الخيمة وضيوفها بداية موسم الشتاء للتردد على الباحات المحيطة بالجبل. يذهبون إليها بقصد الاسترخاء، مصطحبين معهم المفارش والبسط والكراسي وأدوات التسلية للأطفال. وقبل كل شيء عدة الشواء وإشعال النيران التي عبثا تحاول نشر الدفء في ظل الحرارة المتدنية، والتي وصلت مؤخراً إلى ثماني درجات.
* * *
خصائص متفردة
مما يسعد رواد الجبل بدءاً من سبتمبر وحتى نهاية أبريل، الرذاذ البارد الذي يلف الأجواء وينعش الروح. ويتكلل بالسحب الضبابية المحملة بالأمطار، والتي تصل سنويا إلى أعلى منسوب مائي في البلاد. وكل هذه المؤشرات الطبيعية تتوج جبل جيس بين المواقع الطبيعية التي تتميز بخصائص بيئية متفردة ليس في الإمارات وحسب وإنما في المنطقة فمن النادر أن تجتمع الثلوج ورمال الصحراء في بقعة واحدة تجمع حولها أشكال الاستجمام السياحي. وجبل جيس الأكثر شهرة في رأس الخيمة تتشعب منه سلسلة جبال الحجر التي تكمل بجمالياتها الطبيعية المشهد البكر للبيئة الصخرية التي تسيطر على المكان. وتشهد تحذيرات متتالية من شرطة رأس الخيمة بتوخي الحذر عند تسلق الجبال والقيادة في محيطها، ولاسيما أثناء هطول الأمطار وتشكل طبقات الصقيع.
* * *
رحلات استطلاعية
لا يمكن الحديث عن مميزات جبل جيس من دون الإشارة إلى هواة التصوير الذين يتفننون بالتقاط أجمل الصور لمرتفعاته. وعلى رأسهم المغامر الإماراتي صالح الشحي، الذي دفعه شغف الاستكشاف إلى تسلق قمة الجبل عشرات المرات بهدف تصوير مواطن الجمال التي تسكنه. وكان له ذلك في رحلات محفوفة بالخطر، ولاسيما أن الطريق لم تكن قد عبدت بعد إلى القمة التي بمجرد الاقتراب منها يتسارع انخفاض الحرارة إلى ما يلامس التجمد. وحال الشحي يشبه كثيرين ممن يقصدون الجبل برفقة كاميراتهم حيث يمضون ساعات طويلة وأياماً لتدوين لحظات نادرة تحتضن فيها قمة الجبل رسومات داكنة لسحب الإمارة.
* * *
خطة سياحية
تتضمن خطة تطوير جبل جيس ومحيطه السياحية، والتي شارفت حكومة رأس الخيمة على الانتهاء من مرحلتها الأولى، إنشاء فنادق ومنتجعات تمتد حتى أعلى قمته. وهذا المشروع المتكامل الذي ينتظر استكمال توسعة الطرق الوعرة وتعبيدها، سيشهد افتتاح مطاعم ومقاه واستراحات بأعلى مستوى الخدمات إضافة إلى إقامة المهرجانات. وقد تم وضع الأسس المبدئية التي يحتاجها أي مشروع مزمع إقامته هناك من قبل دائرة الأشغال العامة. الأمر الذي يؤكد على مضي إمارة رأس الخيمة في تعزيز أجندتها السياحية والاستفادة من عناصر الثراء البيئي الذي تتمتع به.
تنصح هيئة السياحة الراغبين بممارسة رياضة التسلق التوجه إلى شركات التنظيم المتخصصة حيث يتوافر الخبراء ومحترفو التدريب. وذلك حرصاً على شروط الأمن والسلامة وتحقيق أقصى درجات الاستمتاع.