تخطى إلى المحتوى
الرئيسية » مجاهدات في القدس

مجاهدات في القدس 2024.

  • بواسطة

ليس الجهاد في الإسلام حكراً على الرجال، وإن كان التكليف للرجال أشد إلزاماً و أكثر وجوباً منه على النساء، و بخاصة في ميدانه القتالي الذي قد يكلل بالشهادة، و حتى هذه لم تكن مقصورة على الرجال، فشهد تاريخ الإسلام شهيدات كثر كانت أولهن سمية أم عمار بن ياسر، و تقاطرت من بعدها المجاهدات و الشهيدات، و تعدّدت أدوارهن من أول خلافة أزواجهن في البيوت إلى المشاركة الفعلية في الحروب تمريضاً و سقاية و قتالاً، و قد كرم المصطفى -صلى الله عليه و سلم- المجاهدات النساء في شخص أم عمارة، و اعترف بفضلها في الدفاع عنه في أحد، و بشّرها و أهلها بالجنة، و جعل للنساء عموماً اللواتي حبسهن العذر، فحفظن أمانة الغائبين من المجاهدين في النفس و المال و العرض مثل أجور المجاهدين في ساحة القتال.

و قد كان للقدس و هي الأرض المباركة نصيب وافر من جهاد النساء قديماً و حديثاً، فكانت أول من سلكت الدرب الحنيف الذي ورثه سيدنا محمد عن أبينا إبراهيم -عليه السلام- السيدة سارة، أم الأنبياء التي صلّت في القدس مع زوجها، و هذه الصلاة لم تكن فقط شعيرة تعبدية، و إنما هي في تاريخ بيت المقدس كصلاة الرسول في الإسراء و المعراج إماماً بالأنبياء تعلن خلافة الإسلام لحنيفية إبراهيم، كما جاء في القرآن (إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَـذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُواْ)، و صلاة محمد -صلى الله عليه و سلم- كانت فوق العبادة صك تمليك إلهي، و إعلان وراثة الرسول الأخير، كما يفسر سيد قطب آيات الإسراء، لمقدسات الرسل قبله، و اشتمال رسالته على هذه المقدسات، و ارتباط رسالته بها جميعاً، و هي لنا من النساء وراثة عن أمنا سارة لرسالة إقامة الشعائر، و إعانة الزوج في جهاده، و ملكية المكان.

و قد وعت زوجة سيدنا داود هذه الأمانة، فأقامت الصلوات من بعد سارة في القدس، و شهدت القدس في الصرح الممرد إشهار إسلام ملكة حكيمة كانت تقود أشهر ممالك الدنيا في سبأ، و يدخل في طوعها رجال جعلوا أمرهم بين يديها و هي بلقيس، و سجلت المرأة أعظم نذور الجهاد في القدس حيث كانت تعيش العائلة التي كرمها الله و فضّلها على العالمين، عائلة عمران، و قد أهمّ زوجته حال العباد و بيت المقدس، و الروم يعيثون فيه فساداً و انحلالاً، فنوت الجهاد بما تستطيعه كأم حامل، و نذرت جنينها لله و خدمة بيت المقدس، و هي لا تعلم أن المولود سيكون أنثى، و لكنها أمضت نذرها، و وقفت ابنتها مريم لخدمة بيت المقدس، فتقبلها ربها بقبول حسن و جعل كفيلها نبي الله زكريا، وجعلها أم نبي معجزة ولادته و رفعه و بعثه (وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدتُّ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيّاً).

معجزات تترى و منازل تشريف ابتدأت بنذر و نية من قلب امرأة صالحة مخلصة فتولى الله إنفاذه في امرأة اصطفاها سبحانه على نساء العالمين، و نبي أرسله معجزة للعالمين، و كم تحتاج القدس في حاضرها لمثل هذه النوايا و العزائم الصادقة من الأمهات، سواء أبعدت الديار عن القدس أم اقتربت، فالنفاذ و التحقيق و وقته قدر بيد الله، فهل عجزت أرحام و قلوب بنات امرأة عمران و مريم عن مثل هذه النذور؟!

و كانت القدس كذلك موطن البشارة الإلهية لتلك العابدة الزاهدة القانته، مريم ابنة عمران، بكلمة الله المسيح عيسى -عليه السلام- (وَجِيهاً فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلاً وَمِنَ الصَّالِحِينَ) يبرئ الأكمه و الأبرص و يحيي الموتى بإذن الله، و يصدق بالتوراة، و يبشر برسول من بعده اسمه أحمد، و في ذات القصة شهدت القدس أول ثورة أخلاقية، و تمسك بالفضيلة و العفة من قبل النساء على لسان مريم التي تمنت الموت و عدم الوجود، و لا أن تقارب الفاحشة أو تُتهم بالحرام فجاءتها البراءة و التكريم من الله على لسان النبي الصغير الذي أنطقه الله دفاعاً عن شرف أمه، و كم من النساء في حاضر القدس هُتكت أعراضهن و حجابهن و سترهن و لا مدافع عنهن!!

و انتقلت الوراثة إلى السيدة خديجة أكمل النساء، فكانت أول من صلى بعد النبي -صلى الله عليه و سلم- إلى بيت المقدس أولى القبلتين، و حملت زوجات الرسول هم بيت المقدس و أمانة الجهاد بالعلم و التبليغ، فروت السيدة ميمونة عن رسول الله الحديث الذي استفتته فيه في شأن بيت المقدس؛ إذ قالت: يا رسول الله، أفتنا في بيت المقدس، قال: أرض المحشر و المنشر إئتوه فصلوا فيه، فإن لم تستطيعوا إليه محملاً فابعثوا بزيت يُسرج في قناديله"، و ما الزيت الذي يُبقي المسجد الأقصى منيراً بنور الله سوى رابط قلبي و صلة وجدانية أحسن فيها الرسول خطاب السيدة ميمونة، و من بعدها من الورثة النساء صاحبات القلوب الحية و الضمائر اليقظة أن أدمنّ هذه الصلة مع المسجد الأقصى إمداداً بالنفس و المال و العلم و الدعاء، و كذلك روت السيدة أم سلمة حديثاً من أعظم الأحاديث في فضائل بيت المقدس يجعل أجر من أهلَّ بعمرة من بيت المقدس غفران ذنوبه أو الجنة في رواية ثانية.

ثم جاءت ابنة طارق، هند بنت عتبة، التي مشت على النمارق في جاهليتها لتكون من بعدها خيار النساء في الإسلام و تثبّت المسلمين بعد تراجعهم الأول في معركة اليرموك التي مهدت للفتح العمري لبيت المقدس، فكان لها نصيب في الفتح و أجور الفاتحين المجاهدين.

و من على مشارف القدس في صومعة مطلة على الأقصى و قبر فوق جبل الزيتون تعلم المسلمون رقائق محبة الله عن شهيدة الحب الإلهي رابعة العدوية التي انصرفت لعبادة الله في مكان من خير بقاعه منشدة:

فليتكَ تحلو والحياةُ مريرةٌ
وليت الذي بيني و بينك عامر
إذا صح منك الودُّ فالكلُّ هيّنٌ
وليتكَ ترضى و الأنامُ غضابُ
وبيني و بين العالمين خرابُ
وكلُّ الذي فوق التراب ترابُ

وشاركها الدرب نفسه الزاهد بشر الحافي الذي ترك الدنيا لأجل بيت المقدس، و كان يقول: "لم يبق لي من لذات الدنيا إلاّ أن أستلقي على جنبي بجامع بيت المقدس"

أما عصور الخلافات الاسلامية فشهدت أول زواج كان مهره توحيد بلاد الشام كأول خطوة في تحرير بيت المقدس بزواج عصمت الدين خاتون، ابنة الأمير معين الدين أنر، من نور الدين زنكي، و التي أكملت مسيرتها في الدعم و التحفيز و السند لزوجها الثاني فاتح بيت المقدس صلاح الدين الأيوبي.

و ورثت النساء عن أمهن زينب بنت جحش طول اليد في الخيرات؛ فأوقفت الكثيرات من نساء المماليك أموالهن لخدمة بيت المقدس، و منهن السيدة طنشق المظفرية التي وقفت قصرها للأيتام منذ (600) عام، و هو لا يزال الآن صدقة جارية لها تستخدمه مدرسة اليتيم العربي في القدس، و على الرغم مما يحيط بروكسيلانا زوجة السلطان العثماني سليمان القانوني من لغط تاريخي إلاّ أن لها في القدس تكية توزع الخبز على الفقراء كل يوم منذ (500) عام حتى يومنا هذا، و هكذا كان للنساء في القدس على طول تاريخها جهاد لا يُنكر بالنفس و المال و في ميادين العبادة و العلم و الاقتصاد و السياسة.

و جاءت سنديانة مقدسية لتصل ما انقطع من التاريخ، و تسترجع ميراث النساء المجاهدات في القدس، فتصمد في خيمتها على أطلال بيتها و قد فقدت زوجها، و أُغريت بالملايين، و ليس معها من أنيس سوى ربها، و لا معين سوى إيمانها و رباطة جأشها التي ساعدتها أن تؤثر -بعد أن كبر العمر و احدودب الظهر- وحشة الخيمة فوق أطلال بيتها المقدسي على قصور الدنيا في غير القدس، مذكرة بما قالته ميسون البجدلية زوجة معاوية بن أبي سفيان التي فضلت خيمة آبائها على قصور الأمويين قائلة:

لَبيتٌ تخفقُ الأرياح فيه
و لبسُ عباءةٍ و تقرُّ عيني

سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر

و أكلُ كسيرة من كسر بيتي
فما أبغي سوى وطني بديلاً

أحبُّ إليّ من قصرٍ منيفِ
أحبُّ إليّ من لبسِ الشفوفِ
أحبُّ إليّ من أكلِ الرغيفِ
فحسبي ذاك من وطنٍ شريفِ

بأم كامل الكرد أصبحنا لا نتغنى بالتاريخ فقط، و نقول هكذا كانت أمهاتنا؛ فالحاضر مشرف أيضاً، و المجاهدات أخذن إرث الصمود و الرباط، و ليس بنيتهن التخلي عنه، و صدق ابن المقفع إذ قال عندما سُئل: ما أمنع الحصون؟ فأجاب: المرأة الصالحة.

قد يُستهدف الأقصى و تُبنى الأنفاق من تحته، و قد تُحاصر القدس و تُعزل حتى لا ينفذ إليها ضوء الشمس، و لكن بقاء الأشياء ليس بحجارتها فقط، فهناك مع ذلك قدس و أقصى محفوظان بقرآن منزه و قلوب مؤمنة بهما.

خليجية [bimg]http://www.wa6n.net/upload/uploads/images/wa6n-a2056c93a6.gif[/bimg]

خليجية
يسلمو ع الخبر

خليجية

خليجية

خليجية
اللهم انصر اخواننا المجاهدين في كل مكان
ووفقهم الى ماتحبه وترضاه
يسلمو عالخبر

خليجية
أنا وحدة من الي رح ينضم للصفوف الأولى لفتح بيت المقدس لكن؟؟؟؟؟ أين البقية!!!!!!!!!!!!!!

خليجية
يسلمو ع الخبر

خليجية خليجية

خليجية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.