الامارات اليوم – أحمد عابد ـــ أبوظبي
نظرت المحكمة الاتحادية العليا أخيراً ثلاث قضايا شيكات من دون رصيد بقيمة مليونين و650 ألف درهم، إذ رفضت في الأولى طعن متهم ضد حكم دانه وغرمه 3000 درهم عن شيك بقيمة 600 ألف درهم، ونقضت في الثانية حكماً قضى بانقضاء الدعوى في شيك بقيمة 250 ألف درهم، ونقضت في الثالثة حكماً قضى بحبس متهم بالاشتراك في الاحتيال على بنك بشيك تبلغ قيمته مليوناً و800 ألف درهم.
وأكدت في حيثيات القضايا أن الشيك أداة وفاء تجري مجرى النقود في المعاملات، وأن الوفاء به كالوفاء بالنقود سواء بسواء، صوناً لهذه الورقة وحماية لها عند قبولها للتداول، وأنه لا عبرة بعد ذلك للأسباب التي دعت صاحب الشيك إلى إصداره، إذ لا تأثير لها على طبيعته، كتحريره على سبيل الضمان، إذ تعد من قبيل البواعث التي لا تأثير لها على قيام المسؤولية الجنائية التي لم يستلزم المشرع لتوافرها فيه نية خاصة.
وفي تفاصيل القضية الأولى، أحالت النيابة العامة متهماً للمحاكمة الجزائية، إذ أعطى بسوء نية للمجني عليه شيكاً مسحوباً على بنك محلي بمبلغ اجمالي قدره 600 ألف درهم، ليس له مقابل وفاء كاف وقابل للسحب، وطلبت عقابه بقانوني العقوبات الاتحادي والمعاملات التجارية.
وقضت محكمة أول درجة بحبس المتهم ستة أشهر، ثم قضت محكمة الاستئناف بتعديل الحكم بتغريم المتهم 3000 درهم عما أسند إليه. ولم يرتض المتهم بالحكم، فطعن عليه، مبيناً أنه دانه على الرغم من انتفاء أركان الجريمة، ذلك أن الشيك كان ضماناً مقابل شراء قطعة أرض وبناء محال، وأن الشاكي لم يوفّ التزامه تجاهه، ما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ورفضت المحكمة طعن المتهم، مبينة أن جريمة إعطاء شيك من دون رصيد، هي جريمة الساحب الذي أصدر الشيك، فهو الذي خلق أداة الوفاء ووضعها في التداول، وهي تتم بمجرد إعطاء الساحب الشيك إلى المستفيد مع علمه بأنه ليس له رصيد قابل للسحب تقديراً بأن الجريمة تتم بهذه الأفعال وحدها دون غيرها من الأفعال التالية لذلك، إذ تنعطف بهذا الطرح للتداول والحماية القانونية التي أسبغها الشارع بالعقاب على هذه الجريمة.
وفي تفاصيل القضية الثانية، أحالت النيابة العامة متهماً إلى المحاكمة الجنائية، إذ أعطى بسوء نية شيكاً للمجني عليه بمبلغ 250 ألف درهم رده البنك المسحوب عليه من دون صرف، لعدم وجود مقابل وفاء له قائم وقابل للسحب، وطلبت معاقبته.
سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر |
وقضت محكمة أول درجة حضورياً بحبسه ستة أشهر ثم قضت محكمة الاستئناف بإلغاء الحكم الأول والقضاء مجدداً بانقضاء الدعوى الجزائية لسابقة الفصل فيها بدعوى جزائية، فطعنت النيابة العامة على الحكم، مستندة إلى أنه لم يبين في حيثياته عناصر اتحاد الدعويين من حيث الأطراف والمحل والسبب، أو أن يفصح في قضائه عما إذا كانت الشيكات محررة جميعها عن معاملة واحدة، أو عن معاملات متعددة.
وأيدت المحكمة الاتحادية العليا طعن النيابة العامة، مشيرة إلى أن «حكم الاستئناف قضى بانقضاء الدعوى الجزائية لسابقة الفصل فيها بدعوى جزائية أخرى، من دون أن يبين المصدر عناصر سابقة الفصل في الدعويين من حيث وحدة موضوعهما، وسببهما، والخصوم فيها، الأمر الذي يعيب الحكم بالقصور المبطل الموجب للنقض الكلي».
وفي تفاصيل الدعوى الثالثة، أحالت النيابة العامة متهمين الى المحاكمة الجنائية، إذ اشتركا مع آخر مجهول بطريق الاتفاق والمساعدة في إعطاء شيك بسوء نية لأحد البنوك، مسحوب على البنك ذاته بمبلغ مليون و800 ألف درهم ليس له مقابل وفاء قائم وقابل للسحب، وطلبت معاقبتهما.
وقضت محكمة أول درجة حضورياً ببراءة أحدهما من الاتهام المسند إليه، وبحبس الثاني ستة أشهر عن الاتهام المسند إليه، ثم قضت محكمة الاستئناف من جديد بإلغاء حكم البراءة للمتهم الأول وحبسه ستة أشهر. ولم يرتض المتهم بالحكم فطعن عليه، مبيناً أن حكم الاستئناف عدل تهمة إعطاء الشيك من دون رصيد الى تهمة اشتراك في الاحتيال، وقررت عقابه طبقاً لنص المادة (399) من قانون العقوبات الاتحادي، على الرغم من انعدام ركني هذه الجريمة المادي والمعنوي، وخلو أسباب الحكم من الإشارة الى الطرق والوسائل الاحتيالية التي قام بها للاستيلاء على أموال البنك المجني عليه. كما خلت أوراق الدعوى من دليل واحد يجزم بأنه استولى على أموال البنك أو استلم مبلغ الشيك لنفسه أو لغيره، أو استعاد منه، ما يعيبه ويستوجب نقضه.
وأيدت المحكمة طعنه، مؤكدة أن الحكم الصادر بالإدانة يجب أن يُبين مضمون كل دليل من أدلة الثبوت التي عول عليها، وأن يذكر مؤداه، حتى يتضح وجه استدلاله به.
وكان حكم الاستئناف قد ألغى الحكم الابتدائي الصادر ببراءة المتهم عن تهمة إعطاء شيك من دون رصيد، وقضى بإدانته بتهمة الاحتيال من بعد تعديل التهمة، بأنه وآخرين توصلوا بطريقة احتيالية الى الاستيلاء لأنفسهم على المبلغ المذكور من البنك وعول في إدانته على اعترافه في تحقيقات النيابة العامة دون أن يُبين مضمون هذا الاعتراف الذي عول عليه ومؤداه بما يتحقق به توافر أركان الجريمة التي عاقبه بموجبها، ومن ثم فإنه يكون معيباً بالقصور الذي يُبطله ويوجب نقضه، على أن يكون مع النقض الإحالة.