سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر |
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته …
الشرح :
هذا الحديث يدل على ما يدل عليه قول الله تعالى :
((يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا
إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ )) .
فالله سبحانه وتعالى لا ينظر إلى العباد إلى أجسامهم هل هي كبيرة أو صغيرة , أو صحيحة أو سقيمة , ولا ينظر إلى الصور
هل هي جميلة أو ذميمة , كل هذا ليس بشيء عند الله , وكذلك لا ينظر إلى الأنساب , هل هي رفيعة أو دنيئة , ولا ينظر إلى الأموال
ولا ينظر إلى شيء من هذا أبداً , فليس بين الله وبين خلقه صلة إلا بالتقوى , فمن كان لله أتقى كان من الله أقرب
وكان عند الله أكرم , إذاً لا تفتخر بمالك , ولا بجمالك , ولا ببدنك , ولا بأولادك , ولا بقصورك , ولا بسيارتك
ولا بشيء من هذه الدنيا أبدا . إنما إذا وفقك الله للتقوى فهذا من فضل الله عليك فاحمد الله عليه .
قوله عليه الصلاة والسلام : (( ولكن ينظر إلى قلوبكم ))
فالقلوب هي التي عليها المدار , وهذا يؤيد الحديث الذي صدر
المؤلف به الكتاب (( إنما الأعمال بالنيات … )) .
القلوب هي التي عليها المدار , كم من إنسان ظاهر عمله أنه صحيح وجيد وصالح , لكن لما بني على خراب صار خراباً
فالنية هي الأصل , تجد رجلين يصليان في صف واحد , مقتدين بإمام واحد , يكون بين صلاتيهما كما بين المشرق والمغرب
لأن القلب مختلف , أحدهما قلبه غافل , بل ربما يكون مرائياً في صلاته – والعياذ بالله – يريد بها الدنيا .
والآخر قلبه حاضر يريد بصلاته وجه الله وتباع سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم .
فبينهما فرق عظيم , فالعمل على ما في القلب , وعلى ما في القلب يكون الجزاء يوم القيامة , كما قال الله تعالى :
(( إِنَّهُ عَلَى رَجْعِهِ لَقَادِرٌ ﴿8﴾ يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ ))
أي : تختبر السرائر لا الظواهر .
في الدنيا الحكم بين الناس على الظاهر , لقول النبي صلى الله عليه وسلم : (( إنما أنا بشر , وإنكم تختصمون ولعل بعضكم
أن يكون ألحن بحجته من بعض , وأقضي له على نحو مما أسمع ))
[ متفق عليه ]
لكن في الآخرة العلم على ما في السرائر
نسأل الله أن يطهر سرائرنا جميعاً .
العلم على ما في السرائر : فإذا كانت السريرة جيدة صحيحة فأبشر بالخير وإن كانت الأخرى فقدت الخير كله ,
وقال الله عز وجل :
(( أَفَلَا يَعْلَمُ إِذَا بُعْثِرَ مَا فِي الْقُبُورِ ﴿9﴾ وَحُصِّلَ مَا فِي الصُّدُورِ))
فالعلم على ما في القلب .
وإذا كان الله تعالى في كتابه , كان رسوله صلى الله عليه وسلم في سنته يؤكدان على إصلاح النية , فالواجب على الإنسان
أن يصلح نيته , يصلح قلبه , ينظر ما في قلبه من الشك فيزيل هذا الشك إلى اليقين . كيف ؟ وذلك بنظره في الآيات :
((إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآَيَاتٍ لِأُولِي الأَلْبَابِ ))
وقال :
((إِنَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لآَيَاتٍ لِلْمُؤْمِنِينَ ﴿3﴾ وَفِي خَلْقِكُمْ وَمَا يَبُثُّ مِنْ دَابَّةٍ آَيَاتٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ ))
إذا ألقى الشيطان في قلبك الشك فانظر في آيات الله . انظر إلى هذا الكون من يدبره , انظر كيف تتغير الأحوال
كيف يداول الله الأيام بين الناس , حتى تعلم أن لهذا الكون مدبراً حكيماً عز وجل .
الشرك : طهر قلبك منه
. كيف أطهر قلبي من الشرك ؟ .
أطهر قلبي , بأن أقول لنفسي : إن الناس لا ينفعونني إن عصيت الله ولا ينقذونني من العقاب , وإن أطعت الله
لم يجلبوا إلى الثواب .
أن تتقرب إلى الخلق .
ولهذا من تقرب إلى الخلق بما يتقرب به إلى الله ابتعد الله عنه , وابتعد عنه الخلق .
يعني لا يزيده تقربه إلى الخلق بما يقربه إلى الله , إلا بعداً من الله ومن الخلق , لأن الله إذا رضي عنك أرضى عنك الناس
وإذا سخط عليك أسخط عليك الناس , نعوذ بالله من سخطه وعقابه .
المهم يا أخي : عالج القلب دائماً , كن دائماً في غسيل للقلب حتى يطهر , كما قال الله – عز وجل – :
((أُولَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ ))
فتطهير القلب أمر مهم جداً , أسأل الله أن يطهر قلبي وقلوبكم
وأن يجعلنا له مخلصين ولرسوله متبعين .
لفضيلة الشيخ العلامة / محمد بن صالح العثيمين رحمه الله