مقال يكتب بمآء الذهب 2024.

سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر

من اروع ماقرأت

للدكتور / مصطفى محمود رحمه الله

العذاب ليس له طبقة

الذي يسكن في أعماق الصحراء يشكو مر الشكوى لأنه لا

يجد الماء الصالح للشرب.

و ساكن الحي الراقي الذي يجد الماء و النور و السخان و

التكييف و التليفون و التليفيزيون لو استمعت إليه لوجدته

يشكو مر الشكوى هو الآخر من سوء الهضم و السكر و

الضغط

و المليونير ساكن باريس الذي يجد كل ما يحلم به، يشكو

الكآبة و الخوف من الأماكن المغلقة و الوسواس و الأرق و

القلق.

و الذي أعطاه الله الصحة و المال و الزوجة الجميلة يشك في

زوجته الجميلة و لا يعرف طعم الراحة.

و الرجل الناجح المشهور النجم الذي حالفه الحظ في كل

شيء و انتصر في كل معركة لم يستطع أن ينتصر على

ضعفه و خضوعه للمخدر فأدمن الكوكايين و انتهى إلى

الدمار.

و السيد أو الرئيس الذي يملك الأقدار و المصائر و الرقاب تراه

عبدا لشهوته خادما لأطماعه ذليلا لنزواته.

و بطل المصارعة أصابه تضخم في القلب نتيجة تضخم في

العضلات.

كلنا نخرج من الدنيا بحظوظ متقاربة برغم ما يبدو في الظاهر

من بعد الفوارق.

و برغم غنى الأغنياء و فقر الفقراء فمحصولهم النهائي من

السعادة و الشقاء الدنيوي متقارب.

فالله يأخذ بقدر ما يعطي و يعوض بقدر ما يحرم و ييسر بقدر

ما يعسر.. و لو دخل كل منا قلب الآخر لأشفق عليه و لرأى

عدل الموازين الباطنية برغم اختلال الموازين الظاهرية.. و لما

شعر بحسد و لا بحقد و لا بزهو و لا بغرور.

إنما هذه القصور و الجواهر و الحلي و اللآلئ مجرد ديكور

خارجي من ورق اللعب.. و في داخل القلوب التي ترقد فيها

تسكن الحسرات و الآهات الملتاعة.

و الحاسدون و الحاقدون و المغترون و الفرحون مخدوعون

في الظواهر غافلون عن الحقائق.

و لو أدرك السارق هذا الإدراك لما سرق و لو أدركه القاتل لما

قتل و لو عرفه الكذاب لما كذب.

و لو علمناه حق العلم لطلبنا الدنيا بعزة الأنفس و لسعينا في

العيش بالضمير و لتعاشرنا بالفضيلة فلا غالب في الدنيا و لا

مغلوب في الحقيقة و الحظوظ كما قلنا متقاربة في باطن

الأمر و محصولنا من الشقاء و السعادة متقارب برغم الفوارق

الظاهرة بين الطبقات.. فالعذاب ليس له طبقة و إنما هو

قاسم مشترك بين الكل.. يتجرع منه كل واحد كأسا وافية ثم

في النهاية تتساوى الكؤوس برغم اختلاف المناظر و تباين

الدرجات و الهيئات .

و ليس اختلاف نفوسنا هو اختلاف سعادة و شقاء و إنما

اختلاف مواقف.. فهناك نفس تعلو على شقائها و تتجاوزه و

ترى فيه الحكمة و العبرة و تلك نفوس مستنيرة ترى العدل و

الجمال في كل شيء و تحب الخالق في كل أفعاله.. و هناك

نفوس تمضغ شقاءها و تجتره و تحوله إلى حقد أسود و

حسد أكال.. و تلك هي النفوس المظلمة الكافرة بخالقها

المتمردة على أفعاله.

و كل نفس تمهد بموقفها لمصيرها النهائي في العالم الآخر..

حيث يكون الشقاء الحقيقي.. أو السعادة الحقيقية.. فأهل

الرضا إلى النعيم و أهل الحقد إلى الجحيم.

أما الدنيا فليس فيها نعيم و لا جحيم إلا بحكم الظاهر فقط

بينما في الحقيقة تتساوى الكؤوس التي يتجرعها الكل.. و

الكل في تعب.

إنما الدنيا امتحان لإبراز المواقف.. فما اختلفت النفوس إلا

بمواقفها و ما تفاضلت إلا بمواقفها.

و ليس بالشقاء و النعيم اختلفت و لا بالحظوظ المتفاوتة

تفاضلت و لا بما يبدو على الوجوه من ضحك و بكاء تنوعت.

فذلك هو المسرح الظاهر الخادع.

و تلك هي لبسة الديكور و الثياب التنكرية التي يرتديها

الأبطال حيث يبدو أحدنا ملكاو الآخر صعلوكا و حيث يتفاوت

أمامنا المتخم و المحروم.

أما وراء الكواليس.

أما على مسرح القلوب.

أما في كوامن الأسرار و على مسرح الحق و الحقيقة.. فلا

يوجد ظالم و لا مظلوم و لا متخم و لا محروم.. و إنما عدل

مطلق و استحقاق نزيه يجري على سنن ثابتة لا تتخلف حيث

يمد الله يد السلوى الخفية يحنو بها على المحروم و ينير بها

ضمائر العميان و يلاطف أهل المسكنة و يؤنس الأيتام و

المتوحدين في الخلوات و يعوض الصابرين حلاوة في

قلوبهم.. ثم يميل بيد القبض و الخفض فيطمس على بصائر

المترفين و يوهن قلوب المتخمين و يؤرق عيون الظالمين و

يرهل أبدان المسرفين.. و تلك هي الرياح الخفية المنذرة

التي تهب من الجحيم و النسمات المبشرة التي تأتي من

الجنة.. و المقدمات التي تسبق اليوم الموعود.. يوم تنكشف

الأستار و تهتك الحجب و تفترق المصائر إلى شقاء حق و إلى

نعيم حق.. يوم لا تنفع معذرة.. و لا تجدي تذكرة.

و أهل الحكمة في راحة لأنهم أدركوا هذا بعقولهم و أهل الله

في راحة لأنهم أسلموا إلى الله في ثقة و قبلوا ما يجريه

عليهم و رأوا في أفعاله عدلا مطلقا دون أن يتعبوا عقولهم

فأراحو عقولهم أيضا، فجمعوا لأنفسهم بين الراحتين راحة

القلب و راحة العقل فأثمرت الراحتان راحة ثالثة هي راحة

البدن.. بينما شقى أصحاب العقول بمجادلاتهم.

أما أهل الغفلة و هم الأغلبية الغالبة فمازالوا يقتل بعضهم

بعضا من أجل اللقمة و المرأة و الدرهم و أمتاراً من الأرض،

ثم لا يجمعون شيئا إلا مزيدا من الهموم و أحمالا من الخطايا و

ظمأً لا يرتوي و جوعا لا يشبع.

فانظر من أي طائفة من هؤلاء أنت.. و اغلق عليك بابك و ابك

على خطيئتك.

دمتم بود

خليجية [flash=http://www.dmuae.com/up//uploads/files/Dmuae.com-da3f493666.swf]WIDTH=600 HEIGHT=304[/flash]

شكراا لـ إمـرأه لا تُنسـى على التوقيع

خليجية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.