مركزية النظام في «المعـاشات» تؤخر معاملات المتقاعدين 2024.

ملفات العملاء تنتقل إلى أبوظبي لصرف المعاشات التقاعدية
مركزية النظام في «المعـاشات» تؤخر معاملات المتقاعدين

الامارات اليوم – محمد عثمان – دبي

كشفت مصادر في الهيئة العامة للمعاشات والتأمينات الاجتماعية عما وصفوه بـ«أخطاء إدارية وتقنية ومالية تتسبب في تأخر وصول المعاش التقاعدي إلى المستفيدين»، لافتين إلى أن «ملفات كاملة لمستحقين تعتمد في دبي، لكن يتم إرسالها إلى العاصمة أبوظبي أولاً، لأن الصرف يتم من هناك، على الرغم من أن توجهات الحكومة الاتحادية تدفع في اتجاه إنجاز المعاملات بصورة لا مركزية، في حين لاتزال الهيئة تعتمد النظام المركزي حتى الآن».
وقالت مصادر، طلبت عدم ذكر أسمائها، لـ«الإمارات اليوم»، إن «الإجراءات الإدارية القديمة المعتمدة لدى الهيئة، والتي تتبنى أنظمة لا تتناسب مع العصر الحديث، أسهمت في أخطاء من نوع آخر، مثل أن تصرف مبالغ مالية أكثر من المبالغ المفترض صرفها إلى مستحقين، وعند اكتشاف الخطأ يتم مطالبة المتقاعد برد المبالغ مرة أخرى دفعة واحدة، بصورة تشكل عبئاً مالياً مفاجئاً على المتقاعد».
وأضافوا «أصبح موظفون في الهيئة من المتعاملين مع المتقاعدين مؤهلين ــ من خلال أساليب تطوير ذاتية ــ على كتمان الغضب عندما يتعرضون في بعض الأحيان إلى عشرات الاتصالات الاستفسارية من متقاعدين يسألون عن مصير ملفاتهم التي أرسلت إلى أبوظبي، ويستغرق بعضها من يوم إلى ثلاثة أيام من أجل صرف المعاش، فالموظف الذي يعاني إحباطاً وظيفياً أصلاً، اعتاد على سماع عبارات اعتراضية غاضبة من هؤلاء المتقاعدين، ودرب نفسه على احتواء الغضب».
وتساءلوا «لماذا لا تعتمد الهيئة أنظمة إدارية حديثة تعتمد على التكنولوجيا لتوفير العناء والجهد على الموظفين في الداخل، أو المتقاعدين في الخارج، بدلاً من ترك الموظفين عرضه لغضب المتقاعدين الذين لطالما لا ترضيهم هذه التصرفات والإجراءات، كما أن حالة غضب المتقاعد عندما يصطدم بإجراء متعب جعلت من الموظف في المقابل مدرباً بصورة أخرى على امتصاص الغضب».
مناقشة مكثفة
وكان المجلس الوطني الاتحادي شهد مناقشة مكثفة حول قانون التقاعد ونظام عمل الهيئة العامة للمعاشات والتأمينات الاجتماعية في شهر أبريل الماضي، أسفرت عن توصيات ركزت على ضرورة الإسراع في تحديث بيانات المتقاعدين، ومتابعة تحصيل الاشتراكات بين الهيئة والمؤسسات الحكومية المعنية ببيانات المؤمن عليهم، من خلال نظام إلكتروني موحد ومتكامل.
ووصفت مصادر في الهيئة الإجراءات المتعلقة ببيانات المتقاعدين بأن «البيانات الحالية غير دقيقة، في حين لم تسع الهيئة إلى الحصول على بيانات إلكترونية يتم بموجبها الحصول على معلومات المتقاعدين بشكل سلس»، لافتين إلى أن «قاعدة بيانات المتقاعدين المتوافرة حالياً ليست قوية وغير محدثة بشكل كلي، بدليل أن بعض المتقاعدين الذين سجلوا في الإقرار السنوي لتحديث البيانات تصلهم بعدها رسائل نصية تطالبهم بإعادة تحديث بياناتهم، ما جعلهم في حالة ارتباك، ويضطرون إلى مراجعة الهيئة مرة أخرى للتأكد».
بطء استجابة
وقال عضو المجلس الوطني الاتحادي عن إمارة دبي، أحمد عبيد المنصوري، إن إشكالية الهيئة العامة للمعاشات والتأمينات الاجتماعية ترجع إلى أن بعض الجهات الحكومية لا تستطيع مواكبة تبني الدولة لسياسة تنمية متسارعة، مشيراً إلى أن «الهيئة تخضع لمعايير جائزة الشيخ خليفة للتميز، وتالياً يفترض أنها معنية بتطبيق هذه المعايير التي أبرزها الأداء المؤسسي، والقيادة، وإدارة الموارد البشرية، ووضع السياسات، وإدارة الموارد، والعمليات (رضا الموظفين والمتعاملين الخارجيين)، بينما الأداء المؤسسي يخضع لتقييم ومقارنات مرجعية، والجوانب المالية التي تعبر عن مدى قوامة المؤسسة».
وتابع المنصوري «لا نستطيع اللوم على التقنية وحدها في هيئة المعاشات، فمن الممكن أن الموظف غير مدرب أصلاً، كما أن البناء المؤسسي يشير إلى عدم وجود مدير عام في الهيئة، إضافة إلى أن الأرقام من أسهل الأشياء التي يمكن من خلالها قياس الخدمات غير الملموسة مثل رضا العملاء، فما بالنا بالأموال التي تعد من أسهل الأشياء التي يمكن إدارتها».
آليات جديدة

سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر

ودعا عضو المجلس الوطني الاتحادي عن إمارة أبوظبي، أحمد بالحطم العامري، إلى «استحداث آليات جديدة تتناسب مع التطور الحالي في الإمكانات الحكومية في الدولة، وأن تراعي الهيئة أن بين هؤلاء المتقاعدين كباراً في السن ومرضى يحتاجون إلى رعاية ودعم».
وأضاف: «طالبنا ومازلنا نطالب بإنشاء مكاتب فرعية في الإمارات كافة، لاختصار أمور كثيرة على المتقاعد، وحتى تنجز مسألة تحويل الملفات إلى أبوظبي وعودتها، فيمكن أن تؤدي هذه المكاتب أغراضاً كثيرة توفر عناء رحلة صرف المعاش الشهرية على المتقاعد أو المستفيد».
وتابع: «تكلمنا عن المتقاعدين مع وزير الدولة للشؤون المالية، عبيد الطاير، وطرحنا حلولاً كثيرة يمكن تبنيها لتسهيل حياة هذه الفئة، التي يجب حمايتها والحرص على راحتها، فهي فئة أولى بالحصول على التسهيلات الإدارية، والامتيازات أيضاً مثل زيادة المعاشات التقاعدية بما يناسب تغيرات الأسعار وتكاليف المعيشة، وبطاقات الضمان الصحي، وغيرها من المميزات».
مستوى الخدمة
وأبدى عضو المجلس الوطني الاتحادي عن إمارة الشارقة، مصبح بالعجيد الكتبي، استغرابه ما أسماه «تراجع مستوى الخدمة لدى هيئة المعاشات في وقت تتسابق مؤسسات حكومية اتحادية نحو التحول الذكي والحصول على معايير النجوم الخمسة في التقييم»، قائلاً إنه «يجب ألا تحدث مثل هذه الممارسات الخاطئة في دولة الإمارات، التي شهد لها كثير من الدول حول العالم بالتطور والتقدم والحداثة».
وأضاف «لابد أن تتدخل الحكومة بصورة مستعجلة في هذا الأمر، واقتراح تعديل تشريعي بصفة الاستعجال يرسل إلى المجلس الوطني الاتحادي، ولن يتأخر المجلس على الإطلاق عن الإسراع بالرد وإجراء التعديلات الضرورية، والمبنية على احتياجات المستفيدين أنفسهم، أو أن تصدر قرارات وزارية سريعة في هذا الأمر لتدارك الوضع».
وتابع الكتبي أن «صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، تكلم منذ فترة عن الحكومة الذكية والتحول إلى أنظمة ذكية لإسعاد الناس والمتعاملين، وهو الأمر الذي بدأت فيه وزارات فعلاً وانتهت أخرى من تحقيق نجاح لافت فيه، إضافة إلى استراتيجية الدولة 2024 التي يعمل الجميع على تحقيقها منذ سنوات، وتالياً لا ينبغي أن تظل مثل هذه الأساليب القديمة، ويجب التطوير وبشكل فوري».

خليجية