الوسم: الضياع

رأس الخيمة – حصة سيف:

يعاني مربو المواشي في رأس الخيمة جملة من المصاعب والعقبات، نتيجة قلة اهتمام الجهات المختصة، كما يقولون، وإزالة الكثير من الحظائر في المناطق السكنية والبرية خلال المرحلة الماضية، من دون إيجاد بديل لها، ليقع مربو الأغنام والإبل والأبقار من المواطنين في مأزق، في ظل عدم امتلاك مواقع مناسبة تحتضن حظائرهم، محذرين من اضطرارهم لبيعها والاستغناء عن أعداد كبيرة منها .

طالب الأهالي بتخصيص مناطق نظامية في رأس الخيمة ل “العزب”، وهي حظائر تربية المواشي، كما هو حاصل في إمارات أخرى، نظرا لارتباطهم الوثيق بتربية المواشي، ما يشكل أيضا حلا مثاليا لظاهرة “الحيوانات السائبة” في المناطق الشعبية والريفية وبعض الطرق الرئيسية، وبالتالي الحد من الحوادث التي تسببها، إلى جانب دورها في حل مشكلة عشوائية العزب في المناطق السكنية .

وتقدر الثروة الحيوانية في رأس الخيمة بحوالي 313 ألفا و390 رأساً، معظمها من الأغنام، إذ يبلغ عددها حوالي 24 ألفاً و194 رأسا، ومن الضأن ،62542 والأبقار 5594 رأسا، والجمال 11340 رأسا، حسب إحصائية وزارة البيئة والمياه لعام 2024 .

وفي الوقت الذي تدعو فيه منظمة الأمم المتحدة للتغذية والزراعة “الفاو” إلى رصد استثمارات ضخمة وعاجلة في قطاع الثروة الحيوانية في العالم، بما يسهم في تقليص الفقر وتعزيز الأمن الغذائي وصون البيئة والصحة، تلاقي تربية المواشي محليا الكثير من العقبات، رغم ارتفاع تكاليف تربيتها والاهتمام بها من قبل المواطن العادي .

ولفت تقرير المنظمة الدولية إلى أن القطاع الحيواني من أسرع عناصر الاقتصاد الزراعي نموا، وتسهم المواشي بنحو 40 في المائة من إجمالي قيمة الإنتاج الزراعي، فيما تسهم المنتجات الحيوانية وفق “المقياس العالمي الشامل” بنسبة 15 في المائة من إجمالي الطاقة الغذائية، و25 في المائة من البروتين الغذائي للأفراد، وتوفر مغذيات دقيقة وضرورية يتعذر تحصيلها من الأغذية النباتية .

أحمد السلحدي، مواطن يمتلك عددا من رؤوس المواشي، أشار إلى أن الجهات المختصة في الإمارة أزالت حظيرة الحيوان التي أنشأها في منطقة مزرع البعيدة عن المدينة، التي تقع ضمن حزام المناطق البرية في الإمارة، مؤكدا أنه كان يربي مواشيه أمام منزله في منطقة الشريشة، إلا أن البلدية منعت وجود المواشي في الأحياء السكنية، وهي تحتاج في المقابل إلى مساحة كبيرة للرعي .

وأضاف: اتجهنا لاحقا إلى المناطق البرية، بعد حظر تربية المواشي في المناطق السكنية، إلا أن البلدية ترفض إعطاءنا قطعة أرض خالية لتربية مواشينا، ما يحتم علينا التخلي عنها، إذا لم نمتلك مزرعة أو قطعة أرض خالية نربي عليها تلك المواشي .

وأشار إلى ضرورة أن تراعي الجهات المختصة في الإمارة العادات والتقاليد الخاصة بشريحة من المواطنين، الذين يتمسكون بتربية مواشيهم وحلالهم، رغم الظروف المادية الصعبة التي يواجهونها، إذ تستهلك جزءا كبيرا من ميزانية الأسرة، إلا أنهم مرتبطون بها وجدانيا، كجزء لا يتجزأ من حياتهم اليومية .

وطالب السلحدي أن تعوضه الجهات المختصة عن عدد من رؤوس المواشي التي فقدها، إثر إزالة سياج عزبته، وتعريض “حلاله” للخطر، مشيرا إلى أن الشروط التي تضعها البلدية صعبة للغاية، وتترتب عليها تكلفة باهظة .

فاطمة راشد، 50 عاماً، تقول : كنت أربي المواشي منذ كنت صغيرة، إذ ورثت مهنة تربية المواشي من والدتي، ولا أستطيع الاستغناء عنها حاليا، رغم أنها تكبدني الكثير من الخسارة المادية، ووصل عددها لدي إلى حوالي 400 رأس من الغنم و20 من الجمال .

وتضيف : بعد أن رفضت الجهات المختصة أن أستغل أي قطعة أرض تضم أغنامي أقف الآن عاجزة، ولا أعلم أين أذهب بها، من ثم اضطر ابني لبيع عدد من الخيل التي كان يمتلكها، لأستغلها في تربية أغنامي، والتي من طبيعتها أن تعيش في أماكن واسعة، وتمرض إن بقيت في منطقة ضيقة لا تستطيع فيها الحراك بحرية، كما أواجه مأزقا آخر مع الإبل، التي لا أجد لها، هي الأخرى، حظيرة تؤديها .

وتقول : “أنا مسؤولة شخصيا عن توفير مكان لماشيتي، لكن إن لم أجد مكانا، هل يعني ذلك أن استغني عنها؟ لا أستطيع تخيل صعوبة أن أتخلى عن “حلالي” .

مبارك الشامسي، رئيس دائرة بلدية رأس الخيمة، أكد أن الإمارة تعاني من أزمة في توفير الأراضي السكنية بسبب الكثافة السكانية، إذ تبلغ أعداد طلبات تلك الأراضي بالمئات، والبلدية تعطي الألوية لطلبات الأراضي السكنية، في حين يفترض أن تتم تربية المواشي في مزارع أصحابها الخاصة، وإن لم تتوفر عليهم استئجار مزارع لها .

وحول الأمن الغذائي والاهتمام بالثروة الحيوانية أكد أن الاهتمام بالثروة الحيوانية لا يأتي من خلال تربية الأفراد لمواشيهم بصورة عشوائية، بل عبر إقامة مزارع نموذجية . وعن المناطق الصحراوية والبرية في الإمارة، أشار إلى أن منطقة مزرع تعتبر محمية طبيعية، وتحدد لجنة مختصة العزب في منطقة أسوان للجمال المستخدمة في السباقات فقط .

سلطان أبو ليلة، مدير دائرة الأراضي في رأس الخيمة، أكد أن طلبات الأراضي السكنية تصل إلى حوالي 642 طلباً، منذ بداية العام الجاري حتى أبريل/ نيسان الماضي، ويتم حاليا تخطيط بلوك 10 في منطقة الظيت الجنوبي، ليوفر 350 قسيمة تقريبا .

عبد الله بالحن، عضو المجلس الوطني الاتحادي، أكد أن على الجهات المختصة دراسة كل حالة مربي مواشي على حدة، ولابد أن تنظر إلى الأمر من جميع النواحي، مشيرا إلى أن توفير الأراضي السكنية يحظى بالأولوية، لكن المواطنين لهم احتياجات أخرى مرتبطة بحياتهم اليومية .

وأكد بالحن أن تربية المواشي نوعان، إما أن تكون هواية أو وسيلة رزق، وكلاهما يصب في تعزيز الثروة الحيوانية، وهو مطلب استراتيجي، وعلى الجهات المختصة إعادة النظر في الوضع الحالي من مختلف الجوانب .

مساحة كافية للحركة

على الرغم من أن القانون الاتحادي بشأن الرفق بالحيوان كفل حق الحيوانات في الحصول على مساحة كافية لتربيتهم، كما ما نصت عليه المادة رقم “4” من القانون في بند حرية الحركة للحيوان “يجب أن توفر للحيوانات مساحة كافية لتلبية احتياجاتها عندما تحد حركتها بصفة دائمة أو مؤقتة، وفقا لما هو وارد في اللوائح والقرارات الصادرة عن وزارة البيئة والمياه” .

كما نص القانون على أن “تكون وزارة البيئة والمياه مسؤولة عن الدعوة للرفق بالحيوان وعدم القسوة عليه، وبيان كيفية التعامل معه بما يمنع إيذاءه”، إلا أن مصدرا مسؤولا في وزارة البيئة والمياه أكد أن شؤون المواشي وتربيتها وتخصيص أماكن لها يتبع لدائرة البلدية في كل إمارة، ولا تتدخل الوزارة فيها .